شكل تاريخ النشيد الوطني الجزائري، أول أمس، بميلة موضوع محاضرة قيمة ألقاها الأستاذ لمين بشيشي الوزير الأسبق للإعلام وأحد رموز العمل الثقافي والإعلامي في الجزائر منذ فترة الثورة التحريرية. وتطرق المحاضر في تدخله بمتحف المجاهد إلى المراحل التي قطعتها ملحمة النشيد الوطني قسما منذ إرهاصات ميلاده كنشيد للثورة الجزائرية إلى ترسيمه نشيدا رسميا للجمهورية الجزائرية . وتعود فكرة تصميم وتحضير نشيد للثورة الجزائرية في بداياتها إلى أحد المعلمين الأحرار آنذاك حسين بلميلي وأصله من القرارم قوقة حاليا حسب ما ذكره الأستاذ لمين بشيشي إذ طرح الفكرة على رفيق دربه في النضال عبان رمضان مسؤول منطقة العاصمة. وقد استحسن عبان رمضان حينها فكرة إنشاء نشيد لجبهة التحرير الوطني قائدة الكفاح من أجل الاستقلال و الحرية الأمر الذي جعله يكلف المناضلين لخضر رباح ويوسف بن خدة للبحث عن شعراء كفيلين بمراعاة معايير دعوة الشعب للالتحاق بالثورة والتشهير بالدولة الاستعمارية و بالأخص تحاشي ذكر أي شخص مهما كان ماضيه و حاضره النضالي تجاوزا لكل ما من شأنه أن يشكل تقديسا للشخصية كما كان الحال قبل الثورة . وكللت الجهود التي قام بها المناضلون في هذا السياق -كما يضيف لمين بشيشي- بتكليف الشاعر الكبير مفدي زكريا بنظم النشيد المفدى والذي كتبه في ليلة واحدة سنة 1955 بمحله التجاري الكائن بحي القصبة بالجزائر العاصمة 2 نهج بلوندون سابقا شارع الشهيد بوعلام رحال حاليا. وكان لزاما بعدها كما أفاد الوزير الأسبق للاتصال إلباس القصيد نغما ولحنا موسيقيا مناسبا. ولذلك استمرت الجهود اتجاه رجال الفن آنذاك لتسجل أول صيغة لحنية للنشيد قسما من تأليف الفنان الجزائري الراحل محمد التوري كما تلتها صيغة لحنية ثانية بتونس من تلحين الفنان محمد التريكي وأخيرا الصيغة اللحنية الرسمية الحالية والتي ألفها محمد فوزي بعدما سجلت في صيف 1956 .وقد رسم النشيد الوطني قسما - كما قال- بصورة مؤقتة في دستور سنة .1963 وتابع محاضرة الأستاذ لمين بشيشي بميلة جمهور مهتم بالاستماع للصيغ اللحنية الثلاث للنشيد الوطني والتي اكتشفها الحضور لأول مرة. وتميز هذا اللقاء بنقاش ثري حول مختلف هذه الصيغ وجوانب كثيرة من مسيرة ملحمة نشيد قسما. وقام لمين بشيشي أمس بتسليم مجموعة من كتبه التي تتناول تاريخ قسما وإذاعة الجزائر الحرة للمكتبة البلدية بالقرارم قوقة. للإشارة فقد ألقى لمين بشيشي هذه المحاضرة بدعوة من النادي الفكري لميلة بالتنسيق مع سلطات الولاية.