لم يكن مسعى إعادة عبد المومن خليفة إلى الجزائر ومحاكمته في أروقة القضاء الجزائري، ليصطدم بالأجندة السياسية وفي مقدمتها رئاسيات 2014 ، وإنما كان طبيعيا أن يتزامن مع هذه المواعيد وكتتويج لسلسلة الإجراءات التي اتخذتها العدالة الجزائرية لتستلم المتهم في »فضيحة القرن«، حيث حققت العدالة الجزائرية مكسبا هاما يمكن أن يعزز ثقة الرأي العام الوطني والدولي في جدية وسيادة القضاء في الجزائر. يعتبر تسليم عبد المومن خليفة المتهم في قضايا فساد من طرف السلطات البريطانية اعترافا بمكانة العدالة الجزائرية لدى المملكة وباقي الدول التي تربطها اتفاقيات قضائية، ووضع خبر تسليم عبد المومن خليفة ووصوله أرض الجزائر »الثلج على الصدور« خاصة أولئك الذين حاولوا تغليط الرأي العام وإيهامهم أن عودة المتهم إلى الجزائر مجرد »خرافة« وأنه لا يمكن استعادة خليفة ومحاكمته في أروقة المحاكم الجزائرية على مختلف الجرائم التي ارتكبها. ويتزامن تسليم عبد المومن خليفة مع بعض الأحداث والوقائع التي تعيشها الجزائر هذه الأيام، وعلى سبيل المثال لا على سبيل الحصر الحراك السياسي في الساحة الوطنية وحشد الدعم لترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لرئاسيات ,2014 إضافة إلى الأوضاع الأمنية الإقليمية وما يسمى ب»الربيع العربي« الذي تعيشه دول الجوار، لتصادف هذه الأحداث تسليم خليفة إلى القضاء ومحاكمته بالجزائر. ومن المتوقع أن تكشف محاكمة عبد المومن خليفة الكثير من الخبايا وترفع الستار عن المتورطين أو الشركاء في »فضيحة القرن«، حيث أن القضاء الجزائري سبق له وأن أدان عددا من المتورطين في الفضيحة وبرأ آخرين، كما أن عددا من المسؤولين الجزائرين من بينهم وزراء قدموا شهاداتهم بطلب من النيابة العامة والتي استمعت إلى أقوالهم وشهاداتهم على »فضيحة القرن«. ويأتي تسليم رجل الأعمال الهارب من العدالة بعد استنفاذ كافة إجراءات الطعن المتعلقة بتسليم المتهم أمام قضاء المملكة المتحدة والقضاء الأوروبي، حيث استكملت كافة إجراءات الاستلام من قبل الفريق الجزائري الذي تنقل إلى لندن لتسليم المعني بالأمر، علما أن عبد المؤمن خليفة قد حكم عليه من طرف محكمة الجنايات بالبليدة في مارس 2007 بعقوبة السجن المؤبد بعد إدانته غيابيا لارتكابه عدة جرائم ذات الصلة بتسيير المجمع الذي يحمل نفس الاسم. ومن بين التهم التي وجهت لخليفة تشكيل جماعة أشرار، السرقة المتكررة والتزوير، الاحتيال وخيانة الثقة وتزوير وثائق رسمية وبنكية والرشوة واستغلال النفوذ والإفلاس المفتعل، ومن أهم التهم الرئيسية الموجهة للخليفة على وجه الخصوص السرقات التي تمت على مستوي مختلف الوكالات التابعة للبنك بأمر من عبد المومن خليفة نفسه والتسيير الفوضوي والإهمال الذي ميز كل التحويلات بالعملة الصعبة تحت غطاء معاملات مختلفة والتي كانت في واقع الأمر عمليات اختلاس منظمة، حيث لجأ خليفةإلى المملكة المتحدة سنة 2003 وقد أوقف يوم 27 مارس 2007 بموجب مذكرة توقيف أوروبية صادرة عن المحكمة الابتدائية بنانتير بالضاحية الباريسية. واعتبر حقوقيون أن موافقة المملكة المتحدة على تسليم رفيق عبد المؤمن خليفة للجزائر اعتمدت على تقديم العدالة الجزائرية ملفا مؤسسا ومدعما بوثائق وسندات دامغة، ما يشير إلى أن العدالة الجزائرية اكتسبت على الصعيد الدولي المصداقية اللازمة لما تتمتع به من حياد واستقامة حيث أن حقوق الشخص المسلم مضمونة و ستمارس دون أدنى قيد.