ستقال رئيس الحكومة المصرية حازم الببلاوي، والاستقالة هي علامة واضحة على الفشل الذي يتجلى في هذه الإضرابات المتواصلة والاحتجاجات التي لا تنقطع. بسرعة ذهب مفعول الخطاب الوطني الفارغ الذي اعتمده الانقلابيون في مصر، الحديث عن الإرهاب لم يطعم الناس من جوع، ومسألة ترشح عبد الفتاح السيسي لم تعد كافية لتجاوز المطالب الاقتصادية والاجتماعية التي يرفعها الناس، والآن يكون السيسي قد أدرك أن المظاهرات التي خرجت احتجاجا على الإخوان لم تمنحه صكا على بياض، فالمظاهرات أسقطت مبارك ومن خلفه، وهي قادرة اليوم أيضا على إسقاط من عزل مرسي، وذهاب الحكومة مقدمة لما هو أسوأ. حين كان الإخوان في الحكم كان الحديث كله منصبا على فشلهم في الاستجابة لمطالب المصريين، كانت هناك أزمة وقود، وأزمة خبز، وأزمة غاز، وكانت هناك إضرابات بالجملة، مطالب برفع الأجور، واحتجاجات من أجل تحسين ظروف معيشة الملايين الذين اعتقدوا أن سقوط نظام مبارك سيجلب عليهم الخير العميم. لقد كانت الاحتجاجات في عهد الإخوان دليلا على فشلهم في إدارة شؤون البلد، وقد اتخذت تلك الاحتجاجات ذريعة لتبرير الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكمهم، لكن لا أحد من أنصار حكم العسكر يعتبر أن استمرار الاضرابات والاحتجاجات، واستقالة الحكومة هو دليل فشل، بل إن وسائل الإعلام التي تسير خلف السلطة معصوبة العينين، لا تكاد ترى الاحتجاجات والإضرابات، فلا تهمها إلى الحرب المعلنة على الإرهاب المنسوب للإخوان. مصر مهددة في أمنها واستقرارها، اقتصادها مريض، وشعبها أنهكه شظف العيش، وهذه الملايين بحاجة إلى تغيير حقيقي يفتح آفاقا جديدة أمام البلد، أما أن تختزل السلطة أهدافها في الحفاظ على الحكم وسحق المعارضة فهذا يعني أنها قررت السير على طريق الانتحار. لا نهضة اقتصادية بدون استقرار سياسي أو أمني، هذه قاعدة بسيطة يعرفها الجميع، لكن المهووسين بالسلطة ينسونها دائما لذلك وجب تذكير من يعنيهم الأمر لأن رضا الشعوب لا تضمنه الشعارات.