مجلس التعاون الخليجي يترنح. ثلاث دول أعضاء هي السعودية والإمارات والبحرين سحبت سفراءها من دولة عضو أخرى هي قطر، في حين فضلت كل من سلطنة عمان والكويت التزام الصمت رغم أن القرار اتخذ في اجتماعي وزاري للمجلس. مثل كل البيانات التي تصدرها الحكومات العربية لشرح خلافاتها، جاء بيان الدول الثلاث حافلا بالإشارات إلى قرارات لم تطبق والتزامات لم تحترم، وفيه شيء من الإيماء إلى قناة الجزيرة التي توصف بالإعلام المعادي، لكن كل هذا قد لا يقدم إجابة للأسئلة التي تثيرها هذه الخطوة غير المسبوقة. عندما أعلن عن تأسيس مجلس التعاون الخليجي قبل ثلاثة وثلاثين عاما كان واضحا أن هاجس الأمن يطغى على تفكير من أسسوه، لكن مشكلة الخليجيين أنهم ربطوا أمنهم بالأجنبي ولم يفعلوا شيئا من أجل التحرر من هذه التبعية المطلقة للولايات المتحدة، بل إن التنافس على خدمة أمريكا تحول إلى سبب في الأزمات الصامتة والمدوية التي تعصف بهذا المجلس. قرار سحب السفراء من الدوحة يعني أيضا الدولتين الأخريين، عمان والكويت، فالسعودية دائمة التوجس من الأولى بسبب مواقفها من إيران، أما الثانية فهي مترددة لا تريد أن تثير غضب أحد، لكن في كل هذا لا أحد يشعر بأنه في حاجة إلى الآخر، وأكثر من هذا تبدو كل الأطراف مقتنعة بأن لا جدوى من الاستمرار في هذا المجلس. السعودية لا تعجبها سياسة قطر، فهي تدعم الإخوان المسلمين، وتستفز الجيران بإعلامها المعادي، والمقصود به الجزيرة، وتفتح أبوابا أمام رياح قد تهدد عروش أنظمة من عصور سحيقة، وفوق هذا هي تتقرب من أمريكا أكثر مما يجب، وعمان أيضا تثير شكوك السعودية لأنها تجرأت وتجاوزت الجميع وتوسطت بين أمريكاوإيران. في كل تفاصيل العلاقات الخليجية نجد أمريكا حاضرة، فهذه حكومات جعلت التقرب من أمريكا علة وجودها، وهي اليوم تتقاتل من أجل التقرب أكثر من أمريكا.