رغم تشديد الرقابة على الحبوب المهلوسة من طرف مصالح الأمن الوطني ومديريات الصحة إلا أن حبوب »الإلكسوميل« التي تعتبر من المواد المخدرة، لا تزال تباع في الصيدليات بدون أدنى رقابة أو تشديد للإجراءات وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول دور الجهات المكلفة بالرقابة في تداول هذه المواد الخطيرة بصفة عشوائية، وبدون وصفات طبية. انتشرت بشكل رهيب ظاهرة الإدمان على الأقراص المهلوسة وأصبحت لا تقتصر على شريحة الشباب فقط بل حتى القصر والكهول وكذا المتعلمين والأميين وجدوا هذه السموم بديلا عن متاعب الحياة وهمومها حسبهم، خاصة أن أسعارها زهيدة وكمياتها كبيرة ليحرقوا بها أدمغتهم بأقل من 100 دج، يوفرها صيادلة وأطباء يقعون في فخ شباب يتمارض للحصول على وصفة، وحسب ما وقفنا عليه مؤخرا أصبحت مدينة الباهية رائدة بعد أن ارتفعت معدلات الجريمة بها إلى شكل يدعو إلى دق ناقوس الخطر، حيث ذهلنا أمام جرائم القتل التي أصبحت عادية وأحيانا يومية لأسباب تافهة كثيرا ما يكون ضحيتها الأصول، وفي أحسن الأحوال شجارات واعتداءات في سهرات ماجنة يغيب فيها العقل وتحضر المسكرات والمهلوسات لتعيش العائلات الأمرين وتتحول أفراحها إلى أقراح وأعيادها إلى مآثم. ولوج صيادلة في لعبة بيع السموم وتحقيق الربح لم يعد يخفى على الكثيرين أن أصل البلاء وتزايد نسبة تناول الشباب الجزائري للمهلوسات هم الصيادلة الذين اختاروا تحويل محلاتهم إلى مستودعات تبيع الموت للزبائن الذين دخلوا المغامرة التي كانت بدايتها نشوة ونهايتها الزج بهم في ظلمات الألم والوجع ومن ثم الموت وهو ما لاحظناه خلال العديد من الجلسات بمحكمة الجنح الابتدائية بوهران حيث تورط العديد من الصيادلة الشرعيين والمزيفين في تهم بيع المهلوسات بدون وصفات طبية والمشاركة في جنح وجنايات ترويج المخدرات، وفي هذا المضمار صرح مسؤول بالفرع النظامي للصيادلة بمجلس أخلاقيات مهنة الطب أن عدد معتبر من الصيدليات بالولاية تزاول نشاطا غير شرعي مشيرا بأن هذه المعضلة ينبغي أن تواجهها الجهات المختصة، وقال أنه في ظل ضعف الصيغة القانونية المحددة لضوابط المهنة، فإن المواطن لا يعرف المعايير التي يعتمد عليها في التعرف على من يبيعه الدواء إن كان صيدليا حقيقيا أو مجرد موزع، موضحا بأن الصيدلي في دول أجنبية يكون له »شارة« تعلق على مئزره، ونسخة من الوثائق الرسمية تعلق على جدار الصيدلية، وبعض الإجراءات الرسمية الأخرى التي لا تتيح المجال لحدوث تلاعبات من هذا النوع، كما أكد نفس المتحدث على غياب التنسيق بين الوزارة المعنية ومجلس أخلاقيات المهنة موضحا بعدم التعاون من طرف بعض مدراء الصحة في الولايات مع المجلس، حيث ترفض هذه الأخيرة إرسال الملفات الخاصة بالصيادلة المتورطين، وفي سياق متصل أشار العديد من الصيادلة خلال دردشتنا معهم أن الخطر يترصدهم من الشباب المدمن، الذين لا يتوانون في استعمال العنف للحصول على حاجته خاصة خلال فترة المناوبة الليلة ولاسيما في فصل الشتاء حيث تقل حركة المارة إضافة إلى أن نسبة كبيرة من الصيادلة من العنصر النسوي. عصابات متخصصة.. مرضى وأطباء مجرمون ونظرا لخطورة الظاهرة وشكاوي العديد من الأسر التي تعيش الأمرين، لإدمان أحد أبنائها أو وجود مدمنين بالحي أو العمارة، حاولنا الوقوف على أسباب تفشي الظاهرة من خلال ما استمعنا إليه من طرف المستهلكين الشباب الذين تم استغلالهم من قبل بارونات المخدرات الذين تجردوا من الإنسانية في سبيل تحقيق الأموال بعد امتثالهم أمام قضاة التحقيق ومحاكم الولاية أين صرح العديد منهم بأن هناك شبكات متخصصة في المتاجرة بالمهلوسات تنشط على مستوى الأحياء الشعبية الفقيرة ولكل شبكة منطقة نفوذ وكثيرا ما تقع شجارات دامية بين هذه العصابات في حال اخترقت إحداها نفوذ الأخرى، وتجند هذه العصابات، حسب شهادة المتهمين، شبابا بطالا يملكون أعدادا كبيرة من العلاقات، كما تستعين هذه الشبكات أحيانا بموظفين يوزعون البضاعة على زملائهم على أساس توفر الثقة، وتنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير في المطاعم الشعبية والمقاهي، كما أن الكثير من العصابات والبارونات يجندون الطلبة بالجامعات لدرء الشبهات، وتحرص على تلقين عناصرها دروسا لحمايتهم من المتابعة القضائية في حال القبض عليهم، خاصة ما تعلق باستفادتهم من العفو في حال توقيفهم متلبسين بالحيازة والاستهلاك لأول مرة. الدرك الوطني يفرض اختبارا للمخدرات وآخر للمهلوسات أشار أصحاب البذلة الخضراء في وقت سابق أن ذات المصالح تلقت تعليمة تنص على ضرورة إخضاع المتهم بعد توقيفه إلى نوعين من الاختبار للدم، للتأكد من تناوله للمخدرات أو المهلوسات من عدمه قبل مباشرة التحقيق، وقالت مصادرنا أن استحداث هذين النوعين من التحاليل، الذي يتعلق الأول بوقوع الجاني تحت تأثير مخدر والثاني تحت تأثير مهلوس وهو الأمر الذي جاء بعد التأكد من أن غالبية الجرائم المرتكبة خاصة الثقيلة منها أسبابها المخدرات أو المهلوسات نظرا لاستفحال الجرائم بالنظر إلى الملفات التي تستقبلها العدالة، ما يؤكد أن تغيرات كبيرة يشهدها المجتمع، وحول أسباب انتشار الجريمة التي يتورط فيها قصر أيضا بعد تناولهم للسموم البيضاء وتناول المسكرات والمهلوسات أحد أهم أسبابها. وفي ظل هذه المعطيات تؤكد مصادر أمنية أن الظاهرة يصعب محاربتها كون المواطن عنصرا هاما وفعالا في اجتثاث هذه الظاهرة التي تعتبر السبب الرئيس وراء انتشار الجريمة بشكل رهيب خلال الآونة الأخيرة.