ليس من باب اكتشاف الماء، حين نؤكد حق أي مواطن في الترشح للرئاسيات، وكذا حق أي حزب في ترشح من يشاء أو دعم من يريد، كما أنه من حق أي أحد أن يعارض أو يخوض حملة ضد هذا المرشح أو ذاك.تلك هي قواعد اللعبة الديمقراطية التي تقتضي تعدد المرشحين وتتطلب مواجهة انتخابية مفتوحة وشفافة وذات مصداقية وهذا هو رهان الرئاسيات المقبلة، وهو يقول بالمختصر المفيد: إن الأحزاب و كذا الشخصيات الوطنية حرة في اتخاذ الموقف الذي ترتضيه وأن الشعب هو صاحب الحق في انتخاب من يحكمه بكل سيادة حتى يكون مستقبل بلاده ثمرة قراره الحر والمسؤول. إن ذلك هو مكمن النضال الذي ينبغي أن يتجند حول الأحزاب والشخصيات سواء كانت موالية أو معارضة لأن مستقبل الجزائر ومصلحتها كدولة هو الذي يفرض أن تكون الانتخابات الرئاسية مناسبة لمنافسة جدية بين البرامج و أن يحسم السباق في صناديق الاقتراع، لكن السؤال الجدير بالطرح هو أين تكمن المصلحة الوطنية عند أولئك الذين يدعون خدمة الشعب والوطن والديمقراطية من خلال المقاطعة! أليس ذلك احتقارا للشعب وعدم الثقة في أهليته وقدرته على الاختيار وصيانة صوته ؟ إن الدعوة إلى المقاطعة ليست جديدة، بل إنها تتكرر مع كل استحقاق انتخابي، ولعلنا نتذكر أن الرئاسيات السابقة والتي قبلها قد صحبها هذا »الموقف« الذي يؤكد عجز أصحابه. ففي انتخابات 2009 هناك من دعا أمريكا والغرب إلى قطع الطريق على بوتفليقة والإشراف على »انتخابات نزيهة« كالتي عرفها العراق وأفغانستان.أليست تلك دعوة صريحة إلى استيراد »ديمقراطية على ظهر دبابة أمريكية ! كالتي يجري تطبيقها في كابول وبغداد !! كيف لا نتذكر ذلك »الزعيم« الذي راح يستعدي أمريكا وأوروبا على النظام الجزائري، حيث صرح آنذاك من وراء البحار قائلا: إن الديمقراطيين الجزائريين يحتاجون دعم الولاياتالمتحدة والديمقراطيات الأخرى لمنع الرئيس بوتفليقة من فرصة إعادة انتخابه ! أليس ذلك دلالة قاطعة على إفلاس تلك الأحزاب التي أقصى ما تقدر عليه هو المقاطعة، ليس كموقف سياسي، بل كذريعة تحتمي بها للتستر على العجز والفشل. إن المهزومين وحدهم هم الذين يولون الأدبار وذلك هو حال المنسحبين من المعركة ودعاة المقاطعة، الذين تعوّد الشعب منهم غرس رؤوسهم في الرمال واللجوء كالعادة إلى الشك والتشكيك و ذرف دموع التماسيح على أصوات الشعب، في حين أن الشعب يعرف ماذا يريد وأنه لم يكلف أحدا بالحديث باسمه أو نيابة عنه.