إنطلقت سهرة أول أمس بدار الثقافة ولد عبد الرحمان كاكي وضمن برنامج الطبعة ال47 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة المتواصل إلى غاية 31 ماي الجاري المنافسة الرسمية حيث إستمتع الجمهور بعرض طيحة ونوظة لجمعية رياض الإبداع فوكة بتيبازة عن نص وإخراج المبدع الشاب حبوش يوسف،العرض يسلط الضوء على معاناة وغربة الفنان والمثقف في مجتمعه ورغبته الصادقة بأخذ دوره الحقيقي لكنه يصطدم بواقع مرير يكبح جماح طموحه بسبب الفساد السياسي والمحسوبية والمحاباة والإتجار بشرف النساء ممن يتحصلن على العمل بعيدا عن المعايير الإخلاقية وظاهرة المثلية التي عالجها العمل بتهكم واستغراب . » طيحة ونوظة.. «غوص في متاهات الواقع مادتها يوميات الوجع الإنساني والإغتراب الذي يعانيه الفنان في ظل مجتمع لا يعيره ولا إبداعه أي إهتمام أو إلتفاتة ، ونكتشف من خلال اللوحات العديدة التي ينبني عليها العرض المسرحي المتميز بصدقيته وبرائته الأولى أوجاع الشباب والفنانين من خلال نماذج لمبدعين في مجال الفن التشكيلي، العازف لآلة القمبري ، والمتخرجين من الجامعات، وبخطى مثاقلة يتسكع الفنان التشكيلي قدور الذي يعتصره الألم بسبب رفض عائلة من يحب وأرادها زوجة لقبوله الإرتباط بابنتهم لأنه فنان ولا يمتلك المال الكافي وتعكس أيضا مكانة الفنان داخل نسق مجتمعه والنظرة الدونية إتجاهه وهو ما يدخله في دوامة من الأسئلة والحيرة ويدفعه ليصبح مدمنا على الخمر والمخدرات هروبا منة الواقع ، كما يقدم عازف القمبري خالد نموذجا لخيبة الفنان وألمه الدفين فهو لا يستطيع أن يحقق حلمه بإيصال صوت آلة القمبري إلى الجمهور وأيضا يقرر الشاب الجامعي المتحصل على الماجستير رفقة الفناننين الآخرين بعد أن سدت في وجه طموحها الفني أبواب الأمل فيقررا الإنتحار غير أن صوت الأمل يعود من جديد داعيا للنضال من أجل تحقيق الحلم وتحدي الواقع، ورصد النص وبرؤية إخراجية ظواهرعديدة منها البطالة وانتشار المخدرات والمحسوبية في الحصول على منصب شغل وتفضيل الفتيات بدون مستوى دراسي بسبب الإغراء والعبث وتراجع القيم الأخلاقية كتفشي ظاهرة المثلية الجنسية بشكل ملفت وغريب داخل المجتمع الجزائري ونجحت إدارة المخرج للمثلين في تحريك النص الذي يستمد فكرته من نص الكاتب الراحل امحمد بن قطاف بعنوان التمرين فكان العرض الذي حقق عناصر الفرجة متوازنا ويكشف عن طاقات ومواهب حقيقة بحاجة إلى أن ينفض عنها الغبار وتقديمها للجمهور وتكوينها أكثر في مختلف عناصر اللعبة المسرحية لتجديد روح وبنية وخطاب المسرح الجزائري . مسرحية طيحة ونوظة برسائلها السياسية القوية المشفرة وبلغتها الشعبية وبصفاء رسائلها في مستوياتها الإجتماعية والثقافية نجحت في شد انتباه وإعجاب الجمهور الغفير الذي ملأ قاعة دار الثقافة ولد عبد الرحمان كاكي وتفاعل مع اللوحات الذكية بالتصفيق والضحك بسبب المواقف الهزلية التي لا تخلوا من الحقيقة ، وعلى مدار الساعة و10 د من الزمن الركحي الواعي رغم بساطة لغته وأدواته نجحت الفرقة الهاوية في تقديم عرض يجمع الكوميديا بالتراجيديا في توليفة رائعة تتكأ على تحفيز المتلقي وإدخاله في حالة ولع وتيه في أزقة الواقع ونصطدم بمشاهد مألوفة نتقاسمها في مجتمع لا يحترم كثيرا الفنان أو الدارس لأن المادة أصبحت معيار النجاح بعيدا عن ما يكتنزه الفنان المبدع من جمال لا تظاهيه كنوز وأموال . ولجأ أبطال المسرحية،من المواهب الشابة لفرقة جمعية رياض الإبداع فوكة بتيبازة وهم بلبراهم نذير،حبوش صالح ،الطاهري خالد ، بوترفاس عبد الرحيم إلى استعمال مجموعة من أدوات العرض المسرحي لتعويض الفراغ الذي ميز الخشبة، وهو خيار جمالي خاصة أن المسرحية وموضوعها فرض تصنيفها ضمن ما يعرف بالمسرح الفقير، الذي يعتمد على إمكانات الممثلين من أجل إيصال الرسائل التي خطها كاتب المسرحية المبدع الشاب حبوش عمر الذي أخرجها أيضا، طيحة ونوظة هي البحث الدائم للفنانين في مختلف مجالات إبداعهم سواء تعلق الأمر بالمسرح أو الفن التشكيلي أو العزف هي رحلة البحث عن فضاءات لممارسة هوايتهم، حيث نجد على خشبة المسرح ممثلا ومخرجا وموسيقيا يتمرنون بلا ملل أو كلل يوما بعد يوم على نفس المسرحية غير أن الواقع يتداخل مع الخيال فتتقاطع الروى والإعترافات وتطفوا معاناة الفنانين وتتعالى أصوات المثقفين الذين سئموا الإنتظار في الخواء وهم يترجعون الخيبة. للتذكيرساعد في الإخراج حليموش محمد،حمودي بلال، تقني الصوت الطاهري سفيان ، تقني إضاءة فراحي هشام ، ديكور مدوار محمد شريف وبوطة زوبير ، ملابس لبري سارة ، المراقبة زهراوي حمزة .