أعاد رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة إثارة موضوع في غاية الحساسية يتعلق باستعادة تونس بقوات أجنبية لتأمين حدودها، وكشف خلال الزيارة التي يقوم بها إلى ألمانيا عن رغبة تونس في مساعدة ألمانيا لها من أجل تأمين حدودها من خطر المجموعات الإرهابية، وهذا من دون تحديد ذلك بدقة، هل يتعلق الأمر بكل الحدود التونسية أم تلك التي تتقاسمها مع ليبيا التي تشهد توتر أمنيا غير مسبوق ويعد هذا البلد المنفذ الأساسي الذي يدخل منه الإرهابيون ويدخل منه السلاح إلى تونس. جددت تونس رغبتها في الاعتماد على الأجانب لضمان أمن حدودها ومواجهة خطر تسلل الإرهابيين والتهريب السلاح الذي تعرفه خاصة من الجانب الليبي، ويبدو أن استعدادات تونس لإجراء انتخابات حاسمة ومهمة خلال العام الجاري قد شجعها على البحث عن جهة غربية لمساعدتها على تأمين الحدود، خاصة وان الجهود التي يبذلها الجيش التونسي منذ فترة لم تكلل بالنجاح التام في تأمين الحدود مع ليبيا التي تظل خطيرة، ولم تتمكن أيضا من تصفية جيوب الإرهاب في جبل الشعانبي بمحافظة القصرين المحاذية للحدود مع الجزائر. وأوضح رئيس وزراء تونس مهدي جمعة ، في حوار مع وكالة الأنباء الألمانية، أن تأمين الحدود يعتبر ضمن الأولويات التي سيطرحها خلال زيارته الرسمية إلى ألمانيا بدءا من اليوم وحتى غدا الخميس، مؤكدا أن » تونس ستطلب من ألمانيا المساعدة في تأمين الحدود اعتمادا على خبرتها في هذا المجال وفى العمل الاستخباراتى، وسيكون هذا من بين الملفات التي سنناقشها في ألمانيا«، وأضاف رئيس وزراء تونس: »المؤسسة الأمنية تواجه ظاهرة جديدة لم تكن مهيأة لها، لكننا بصدد تطوير أدائنا وقد قمنا بإطلاق قطب يعالج قضايا الإرهاب« وأضاف: »العناصر الإرهابية لم تنجح في مواجه فرق مكافحة الإرهاب، وأغلب الهجمات والتهديدات ظلت لصيقة بمرتفعات الشعانبي ومنزل بن جدو كان على مرمى حجر من المرتفعات«. وقال جمعة: »نجحنا في تحقيق مكاسب في هذه الحرب، نحن بصدد القيام بعمليات استباقية وتفكيك خلايا إرهابية ومخططات وحجز أسلحة، لكن مع ذلك ستبقى التهديدات موجودة على كامل المنطقة وهى ليست مقتصرة على تونس أو حتى جنوب حوض المتوسط بل هي تمس شمال المتوسط كذلك«، لكن على الرغم من تلك النجاحات لا تزال تونس على فوهة مدفع حتى الآن، حيث تواجه البلاد خطرا أمنيا مضاعفا ليس فقط بسبب الفوضى الأمنية والصراع المسلح في الدولة الجارة ليبيا ولكن أيضا مع التهديدات التي سترافق عودة المئات من »الجهاديين« التونسيين الذين شاركوا في القتال في سورية وتدرب الكثير منهم في معسكرات المتشددين بليبيا، وحسب رئيس الوزراء التونسي فإن »كل التهديدات والأعمال الإرهابية التي وقعت لها جذور في ليبيا والتهديد الآن يمس جميع دول المنطقة« مستطردا في نفس السياق:»نحن نتعاطى مع الملف السوري بالتعاون مع الدول الأوروبية أساسا«. وسبق لمصادر إعلامية أن نشرت معلومات مفادها توجد قوات عسكرية أمريكية على الحدود بين الجزائروتونس وهو ما نفته الجزائر بشكل قطعي على لسان وزير خارجيتها رمطان لعمامرة وكذبته أيضا وزارة الدفاع التونسية، وأعلنت الداخلية التونسية من جهتها أن الحدود مع الجزائر مضبوطة بفضل الجهود التي يقوم بها الجيش الجزائري، فيما تبقى تشكل مصدرا لمشاكل أمنية كبيرة من الجانب الليبي. ويشكل الاستعانة بالقوات الأجنبية لتأمين الحدود التونسية تهديدا مباشرا للجزائر التي ترفض أي شكل من أشكال التواجد الأمني والعسكري الأجنبي سواء على مقربة من حدودها مع تونس أو ليبيا أو حتى حدودها الجنوبية مع مالي فضلا عن موريتانيا والنيجر، وهذا انطلاقا من قناعة راسخة لديها بأن التواجد العسكري الأجنبي في المنقطة يفاقم من خطر المجموعات الإرهابية ولا يحل المشاكل الأمنية.