الانهزام نوعان: انهزام مذل، وانهزام بشرف. لقد انهزمنا أمام بلجيكا بشرف. لقد تمكن وحيد خاليلوزيتش من بناء فريق ممتاز، فريق للمستقبل، في بلد لا يملك ملعبا واحدا محترما تستطيع فيه استقبال مقابلة دولية كبيرة. الآن .. على الشعب الجزائري أن ينزل من سمائه التي يحلم فيها إلى الأرض التي يعيش واقعها، لأن الأطفال الصغار فقط هم الذين يحلمون الأحلام الكبيرة. 40 مليون مدرب .. 40 مليون هزيمة عندما تعادل الفريق الجزائري لكرة القدم في كأس العالم 2010 مع إنجلترا، علق حفيظ دراجي قائلا: »لقد فازت الجزائر بصفر مقابل صفر«، وكان محقا لأن المنطق والواقع يؤكد فوز انجلترا إلا إذا شاء الحظ غير ذلك. يوم أول أمس انهزمت الجزائر أمام بلجيكا ,12 وأنا استعير تعليق حفيظ دراجي لأقول أن الجزائر لم تنهزم إلا بواحد صفر. فعلميا ومنطقيا لم يكن محلل رياضي واحد يرجح فوز الجزائر على بلجيكا، التي من أصل 15 مقابلة سبقت المونديال لم تنهزم إطلاقا. ولأن الجزائر تحصي 40 مليون مدرب كما قال خاليلوزيتش، فإنني أسمح لنفسي أن أتحول إلى محلل رياضي بل مدرب أكفأ من رابح سعدان، الذي ظل لمدة عامين أو أكثر ينتقد خاليلوزيتش مستغلا قناة الشروق تي في في غالب الأحيان التي فتحت له الباب واسعا ليصب كل سخطه ويفرغ كل عقده ضد المدرب الوطني خاليلوزيتش. لذلك أقول إن الخطة التي اعتمدها الناخب الوطني وحيد خاليلوزيتش مكنت الجزائر من الانهزام بشرف أمام بلجيكا، فلو لعب الفريق الجزائري مقابلة مفتوحة لانهزم انهزاما مذلا، بسبب ضعف الدفاع الجزائري، وقوة الفريق البلجيكي، وحينها كان نفس الأشخاص يقولون لماذا لم يلعب مقابلة مغلقة.؟ إن بلدا يملك 40 مليون مدربا.. عليه أن يستبشر ب 40 مليون هزيمة. 40 مليون مدربا، لكن 40 مليون بطالا، 40 مليون عالة على الدولة، 40 مليون ناهبا للمال العام. بعض فضائل خاليلوزيتش لقد تمكن وحيد خاليلوزيتش من بناء فريق ممتاز، فريق للمستقبل، في بلد لا تملك ملعبا واحدا محترما تستطيع فيه استقبال مقابلة دولية كبيرة. تمكن خاليلوزيتش من بناء فريق ''مستورد'' بسبب ضعف البطولة المحلية وعجزها عن إنجاب لاعب واحد محترم. وكل المحللين الذين صبوا غضبهم وحقدهم وعقدهم ضد خاليلوزيتش لو تم تعيينهم على رأس الخضر لغضوا الطرف عن اللاعبين المحلين بشكل مؤكد. تمكن خاليلوزيتش من بناء فريق يمتلك الكرة ويهاجم أيضا، بعدما كان الفريق الجزائري لا يستطيع أن يمرر ثلاث تمريرات بين اللاعبين في وقت سابق. أعطى خاليلوزيتش الروح في مركز سيدي موسى، وفي وقت سابق كان المدربون يفضلون الخارج للنزهة والبزنسة ونهب المال العام. الإعلام الرياضي خطر على الفريق الوطني منذ شروع خاليلوزيتش في عمله، وبعض الصحف ووسائل الإعلام تنهش فيه نهشا، لم تتركه يمارس مهامه في هدوء، بل أصبح كل صحفي مدربا يقترح الخطة ويقترح التشكيلة، ويثور ضد خاليلوزيتش إذا كانت التشكيلة مغايرة لما تصوره الصحفي. والأكثر من هذا أصبحت بعض القنوات الخاصة عبارة عن ''معول هدم'' يوميا يتسضيف المتطرفين من ''المعقدين'' ممن يسمون أنفسهم مدربين أو محللين رياضيين، لا يحللون المقابلات بل يؤلبون الرأي العام والسلطات الرسمية ضد الناخب الوطني. إنه غياب تام لروح المسؤولية والروح الأخلاقية، لقد حولوا وسائل الإعلام إلى وسائل دعائية ضد بلادهم لتحطيم معنويات المدرب والفريق معا. واقعيا تعتبر الجزائر أضعف فريق في المجموعة، وأن أي فوز للجزائر هو زضربة حظس هذه هي الحقيقية. لكن الفريق الجزائري فريق شاب بحاجة لسنة أخرى أو سنتين حتى يصبح فريقا تنافسيا، لماذا لا ندع الرجل يعمل ؟ بالمقارنة، في عهد سعدان انهزم الفريق الوطني ب 0 3 مع مالاوي، والتمس الجزائريون ألف عذر لسعدان. الآن انهزم الفريق ب 12 مع بلجيكا، في وقت انهزمت إسبانيا ب 5 مقابل 1 وهي الفريق المالك لكأس العالم ولأفضل نجوم الأرض، لكن الصحافة الإسبانية راحت تشجع فريقها بهدف العودة في اللقاءات القادمة. وانهزمت البرتغال ب 04 وهي التي تضم أفضل لاعب في العالم، ولم تتحول صحافة البرتغال إلى وسيلة مدمرة للفريق مثلما يحدث في الجزائر. وتاريخيا .. لم تفز الجزائر بألمع نجوم الثمانينيات حتى بكأس إفريقيا .. وفازت بكأس إفريقيا مرة واحدة في الجزائر .. وقبل خاليلوزيتش لم تحقق الجزائر أي انتصار خارج الجزائر .. فهل فقدت الصحافة الجزائرية كل أخلاق المهنة وروح المسؤولية؟ فضيحة .. لا تحدث إلا في الجزائر .. أبعد من ذلك، في الوقت الذي بدأ فيه خاليلوزيتش يحضر للمونديال، كانت الاتحادية الجزائرية تستضيف من أسمته المدرب القادم للفريق الجزائري في مركز سيدي موسى، وهي فضيحة أخلاقية لا تحدث إلا في الجزائر، ولا تعلو عليها إلا فضيحة أخرى، هي دعوة مدرب فرنسي يفترض أنه المدرب القادم للفريق الجزائري - هو وعائلته لحضور مونديال البرازيل على نفقة الجزائر لمعاينة الخضر. بالله عليك أيها القارئ الكريم هل يحدث هذا في بلجيكا أو روسيا أو كوريا الجنوبية ؟ عندما ينهزم الفريق الجزائري مع بلجيكا أو كوريا أو روسيا .. فإن المسؤولية لا يتحملها اللاعبون ولا المدرب .. بل يتحملها أصحاب السلوكات اللاأخلاقية في الصحافة ووسائل الإعلام وأصحاب العقد من أشباه المدربين والمحللين.