تحل اليوم الذكرى الرابعة لوفاة الروائي الكبير الطاهر وطار مؤسس الرواية الجزائرية باللغة العربية الذي ترك الساحة فارغة إلا من ضوضاء مثقفي الصالونات وربطات العنق الخانقة التي تخلت عن دورها العضوي التثقيفي والتنويري في الجزائر التي تتراجع مكانتها الثقافية يوما بعد يوم بسبب غياب مشروع مثقف واعي بتحديات المرحلة ولا يسيل لعابه أمام قيمة جوائز الخليج وأوروبا حينما يتعلق الأمر بالوطن والهوية واللغة العربية . فقد كان الطاهر وطار وحيدا يعاني ويصارع طواحين الهواء لكنه لم يستسلم لآخر رمق وضل وفيا لقناعاته وآراءه لم تزعزعها إغراءات السلطة ولا محاباة أشباه مثقفين . يعد الطاهر وطار أيقونة نادرة في تجربة الأدب العربي و من الأدباء العرب المعاصرين الذين أثروا في الساحة الأدبية والثقافية والمسرحية العربية منها والعالمية بعدما ترجمت أعماله إلى أكثر من عشر لغات، وحصل على جوائز عدة منها جائزة الشارقة «لخدمة الثقافة العربية« لعام 2005 وحاول الراحل الطاهر وطار أو كما كان يحلو له أن يسمى «عمي الطاهر« أن يجعل من جمعية «الجاحظية« الثقافية التي أسسها قبل عشرين عاما مع الشاعر المغتال يوسف سبتي منبرا للكتاب والأدباء الناشئين منهم والمعروفين، الجزائريين والعرب وكان بيته يجمع لسنوات المثقفين والأدباء من كل صوب مرة كل شهر. عرف صاحب «اللاز« 1974 بعمله الثقافي التطوعي ومواقفه السياسية التي عرضته لكثير من الانتقادات، بعضها اتهمه بالموالاة للسلطة وأخرى بالأصولية أو العلمانية من مجموعاته القصصية «دخان من قلبي« ,1961 «الطعنات« ,1971 والشهداء يعودون هذا الأسبوع« .1974 ومن رواياته «عرس بغل« ,1983 «العشق والموت في الزمن الحراشي« ,1982 الشمعة والدهاليز« ,1995 «الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي« ,1999 « الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء« 2005 كما كتب مسرحيتين «على الضفة الأخرى« و«الهارب«. وآخر ما كتب الطاهر وطار وهو على فراش المرض بباريس حيث كان يعالج من مرضه «قصيدة في التذلل«، تناول فيها علاقة المثقف بالسلطة، علاقة كثيرا ما اتسمت بالتوتر وعدم الاستقرار في جزائر كان يريدها دوما «بيضاء« كما وصفها في كتاباته، سنوات الخمسينيات والستينيات كانت بمثابة حلم .