غرب الوطن: أبواب مفتوحة على مندوبيات وسيط الجمهورية    تشجيع المؤسسات الناشئة بالجزائر: إطلاق مجموعة تفكير موضوعاتية مع أبناء الجالية الوطنية بالخارج    دراجات /طواف الجزائر 2025 /المرحلة الثامنة: فوز الدراج الجزائري محمد نجيب عسال    أمطار وثلوج على عدد من الولايات    المحافظة السامية للأمازيغية تسطر برنامجا ثريا للاحتفال باليوم الدولي للغة الأم وأسبوع اللغات الإفريقية    متى ينتهي مسلسل الاخفاء..؟!    الطيب زيتوني..تم إطلاق 565 سوقًا عبر كامل التراب الوطني    وزارة الصحة تنظم فعاليات الأسبوع الوطني للوقاية في تيبازة    بوجمعة يعقد اجتماعا مع الرؤساء والنواب العامين للمجالس القضائية    الصحفية "بوظراف أسماء"صوت آخر لقطاع الثقافة بالولاية    الشهداء يختفون في مدينة عين التوتة    خنشلة.. انطلاق قافلة تضامنية محملة ب54 طنا من المساعدات الإنسانية لفائدة سكان قطاع غزة بفلسطين    انخفاض حرائق الغابات ب91 بالمائة في 2024    السفيرة حدادي تؤدي اليمين بعد فوزها بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي    جانت.. إقبال كبير للجمهور على الأيام الإعلامية حول الحرس الجمهوري    غريب يؤكد على دور المديريات الولائية للقطاع في إعداد خارطة النسيج الصناعي    تسويق حليب البقر المدعم سمح بخفض فاتورة استيراد مسحوق الحليب ب 17 مليون دولار    فريقا مقرة وبسكرة يتعثران    الجزائر تواجه الفائز من لقاء غامبيا الغابون    متعامل النقال جازي يسجل ارتفاعا ب10 بالمائة في رقم الأعمال خلال 2024    بداري يرافع لتكوين ذي جودة للطالب    معرض دولي للبلاستيك بالجزائر    وزير العدل يجتمع برؤساء ومحافظي الدولة    أمن البليدة يرافق مستعملي الطرقات ويردع المتجاوزين لقانون المرور    توفير 300 ألف مقعد بيداغوجي جديد    هكذا ردّت المقاومة على مؤامرة ترامب    حملات إعلامية تضليلية تستهدف الجزائر    هذه رسالة بلمهدي للأئمة    قِطاف من بساتين الشعر العربي    كِتاب يُعرّي كُتّاباً خاضعين للاستعمار الجديد    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    الجيش الصحراوي يستهدف قواعد جنود الاحتلال المغربي بقطاع الفرسية    المغرب: تحذيرات من التبعات الخطيرة لاستمرار تفشي الفساد    عرض فيلم "أرض الانتقام" للمخرج أنيس جعاد بسينماتيك الجزائر    محمد مصطفى يؤكد رفض مخططات التهجير من غزة والضفة الغربية المحتلتين    سفيرة الجزائر لدى أثيوبيا،السيدة مليكة سلمى الحدادي: فوزي بمنصب نائب رئيس المفوضية إنجازا جديدا للجزائر    الرابطة الأولى: نجم مقرة واتحاد بسكرة يتعثران داخل قواعدهما و"العميد " في الريادة    إعفاء الخضر من خوض المرحلة الأولى : الجزائر تشارك في تصفيات "شان 2025"    موجب صفقة التبادل.. 369 أسيراً فلسطينياً ينتزعون حريتهم    تضاعف عمليات التحويل عبر الهاتف النقّال خلال سنة    الديوان الوطني للمطاعم المدرسية يرى النور قريبا    "سوناطراك" تدعّم جمعيات وأندية رياضية ببني عباس    6 معارض اقتصادية دولية خارج البرنامج الرسمي    انطلاق التسجيلات للتعليم القرآني بجامع الجزائر    تنسيق بين "أوندا" والمنظمة العالمية للملكية الفكرية    22 نشاطا مقترحا للمستثمرين وحاملي المشاريع    حمّاد يعلن ترشحه لعهدة جديدة    دراجات: طواف الجزائر 2025 / الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة السابعة و يحتفظ بالقميص الأصفر    محرز ينال تقييما متوسطا    كيف كان يقضي الرسول الكريم يوم الجمعة؟    سايحي يواصل مشاوراته..    صناعة صيدلانية : قويدري يبحث مع نظيره العماني سبل تعزيز التعاون الثنائي    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    وزير الصحة يستمع لانشغالاتهم..النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة تطالب بنظام تعويضي خاص    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة للصحة العمومية    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزواجَ يتحول من حُلمٍ جميلٍ إلى كابوسٍ يرعب الشباب
تكاليفه الباهظة أثقلت كاهل البعض وساهمت في عزوف الآخرين عن إتمامه

» زواج ليلة تدبيره عام« بهذه العبارة البسيطة يصف الجزائريين التكاليف الباهظة للزواج، حيث أصبح إكمال نصف الدين مع مرور السنوات يشكل كابوسا في الوقت الذي كان حلما يحاول الوصول إليه كل شاب بلغ سن الزواج، فالتحضير لهذه المناسبة تتضاعف تكاليفها من سنة إلى أخرى، ليجد مُعظَمْ المقبلينَ على الزواج أنفُسَهُم عاجزينَ عن توفيرِ هذا المبلغ، وذلكَ في ظلِ الارتفاع الكبير لأسعارِ مختلف المتطلبات.
أصبح توفير متطلبات الزواج عند الجزائريين معضلة يغرق البعض في سبل البحث عن حل لها، فهناك من ينظر إليه على أنه مشروع حياتي يكابد من أجل تحقيقه بدفع النفس والنفيس، فيما يعتبره البعض الآخر حلما صعب المنال لا يمكن حتى التفكير فيه نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها والتي من المستحيل توفيرها بسبب الوضعية الاجتماعية الصعبة.
هذا الوضع لا يكتوي بناره طرف دون آخر، بل هي معاناة يتخبط في شباكها الشاب والفتاة المطالبان بتوفير كل ما تنص عليه العادات والتقاليد الجزائرية في هذا الإطار، فالمجتمع لا يرحم كل من يتهاون أو يقصر في أمر ما ويصبح بالتالي أضحوكة المدعوين الذين يتربصون بتلك التفاصيل التي تصبح حديث العام والخاص.
ويؤكد العديد من المختصين في الشأن الاجتماعي أن الغلاء الذي يعرفه الزواج في الجزائر قضى على مشاريع الآلاف من الشباب، كما تسبب في فسخ خطوبة الكثيرات بسبب خلافات مادية تتعلق بالصداق الذي هو حق شرعي للمرأة فيما حوله البعض إلى ضريبة، ناهيك عن عجز العديد من المخطوبين على الارتباط ويكون مصيرهم الانفصال المحتوم، ليبقى بذلك حلما مؤجلا للكثير من الجزائريين سواء من الشباب وحتى الكهول.
عادات ترهق المقبلين على الزواج
» الزواج شر لابد منه « هكذا عبّر كريم الذي يبلغ 30 سنة عن الزواج في الجزائر، مؤكدا أنه عندما أقبل على هذه الخطوة لم يكن يدرك حقيقة الأمر إلا بعد أن » تورط« فيه، مضيفا أن المخطوبان قبل أن يتزوجا رسميا يجتازان مراحل تقليدية لا نهاية لها وينفقان مبالغ مالية كبيرة من أجل التحضير لها، بداية من حفل الخطوبة الذي يجمع العائلتين وأقاربهما حيث يتم الاتفاق على الصداق وطبيعة الهدايا وكيفية تقديمها من قبل الخاطب لزوجته المستقبلية.
وهي المراحل التي مر بها والتي كادت أن تدفعه التكاليف الكثيرة المترتبة عنها إلى العدول عن الفكرة واتخاذ قرار التراجع عن الزواج، مضيفا أنه صرف مبالغ خيالية على مهر العروس الذي قدر ب 200 ألف دج، والهدايا التي كان في كل مرة يقدمها لها في الأعياد والمناسبات، وكذا تكاليف العرس التي بلغت 50 ألف دج، ليجد نفسه يصرف كل تلك الأموال التي قام بادخارها على هذا المشروع الذي بات يشكل هاجسا للعديد من الجزائريين على حد قوله.
من جهتها قالت حنان التي ستتزوج قريبا أن الزواج مكلف جدا في الجزائر سواء بالنسبة للرجل أو المرأة على حد سواء، ذلك أنها أنفقت 500 ألف دينار على زواجها، مضيفة أنها حاولت قدر المستطاع تقليص النفقات وتفادي إهدار المال، لكن ذلك كان صعبا نظرا للغلاء الذي تعرفه مختلف المتطلبات المتعلقة بهذه المناسبة، ناهيك عن إصرار العائلة على تنظيم عرس كامل حتى لا نكون أضحوكة لدى المدعوين خاصة الأهل والأقارب الذين أقاموا أعراس في القمة.
وأكدت محدثتنا أنها أنفقت 100 ألف دينار لاستئجار قاعة للحفلات ثم 150 ألف لشراء ألبسة العرس التقليدية لحفل الزفاف، والعشاء لنحو 200 من الضيوف، ناهيك عن المبالغ التي كلفتها ما يطلق عليها ب»الشورة« التي ستأخذها معها إلى بيت الزوجية الجديد من غطاء وأقمشة سرير النوم والستائر ومختلف الألبسة.
وعبرت حنان عن تلك الأمور قائلة أنها من العادات التي تحرص العائلات الجزائرية على الحفاظ عليها، غير أن البعض اليوم يغالي فيها ليبين مستواه الاجتماعي وهو الأمر الذي حول الزفاف عبئا كبيرا.
من جانبها عرجت نوال في الأربعين من العمر إلى الحياة العصرية التي أدخلت مستجدات ضاعفت من تكاليف الأعراس في المجتمع الجزائري، حيث تخلت العائلات عن العديد من التقاليد الضاربة في عمق الأصالة وعوضتها بأخرى تدفع لأجلها أموالا كثيرة، ففي الماضي مثلا كانت نساء العائلة من يقمن بتحضير الحلويات والأكل، بينما اليوم يتم الاستنجاد ب»الحلواجية« و»الطباخين«، ربحا للوقت والجهد، وهو الأمر الذي ضاعف من مصاريف الزفاف.
مضيفة أن العادات والتقاليد تتنوع من منطقة لأخرى، مشيرة إلى أنه في بعض الولايات من الوطن يتم إنفاق مبالغ ضخمة على أفراح الزفاف، كما هو الحال في تلمسان الولاية التي تنحدر منها حيث تقارب فيها كلفة الأعراس أحيانا نصف مليون دينار جزائري، ومن المعتاد أن يهدي الخطيب زوجته المستقبلية سوارا أو قطعة حلي قد يبلغ سعرها 100 ألف دينار، بالإضافة إلى الهدايا التي تقدمها أسرة العريس لوالدي العروس.
متطلبات خرافية تشجع
على العزوف عن الزواج
فبسبب المغالاة في المهور وتكاليف الأعراس أجبر الكثير من الشباب الجزائري على العزوبية، خاصة وأن أغلب هؤلاء يتحصلون على أجور زهيدة لا تكفي لسداد تلك المتطلبات، فيما يعاني آخرون من شبح البطالة، ليكون بالتالي من الصعب على هؤلاء التفكير في الاستقرار وبناء أسرة، علما أن تكاليف العرس في الجزائر لا تقل عن 50 مليون سنتيم، هي كلها عراقيل تجعل من الزواج كابوسا حقيقيا يعزف عنه الشاب، خصوصا وأن الحصول على مسكن وتأثيثه تبقى المعضلة الرئيسية.
وفي هذا الإطار قال عبد الله في الثلاثين من العمر ومقبل على الزواج بعد أشهر، أنه لو لم يساعده إخوانه لما استطاع أن يكمل نصف دينه، فبعد أربع سنوات من الخطوبة طالبته عائلة العروس بإتمام الزواج وهو الأمر الذي أدخله في متاهة لم يخرج منها بعد بسبب التكاليف الكبيرة التي يقوم بدفعها للتحضير لهذه المناسبة، مضيفا أن كبش العروس فقط الذي اقتناه مؤخرا دفع فيه 60 ألف دج، فما بالك بالباقي من قاعة حفلات وحلويات ومهر وهدايا وغيرها من المتطلبات التي جعلت من الزواج مستحيلا في الجزائر.
فيما حمَل بعض الشباب، ممن التقتهم »صوت الأحرار«، مسؤولية ارتفاع تكاليف الزواج إلى الفتيات اللواتي أصبحن متطلبات ويتنافسن فيما بينهن من أجل الظهور أفضل من الأخريات، كما وجه آخرون أصابع الاتهام إلى أولياء الأمور الذين باتوا »يتاجرون« ببناتهم بحجة أنهم يريدون لهن الخير وأن تظهر بمظهر لائق أمام الناس، وهو ما راح إليه محمد 45 سنة الذي ألغى خطوبته لأنه لم يتوافق مع أهل خطيبته في المهر الذي طلبوه، حيث يذكر أن المهر كان يفوق استطاعته بالإضافة إلى شروط أخرى لم يكن بمقدوره قبولها. فيما ألقت هناء - 23 سنة اللوم على المجتمع بأكمله الذي فرض واقعا لم يكن في الحسبان وأن التكاليف الباهظة لا يعاني منها الشباب فقط فالفتاة أيضا التي تذهب إلى بيت زوجها تدفع الشيء الكثير كي تجعل من بيت الزوجية لائقا بها وبزوجها وبأولادها في المستقبل.
سيارات فاخرة لنقل العروس وقاعات حفلات باهظة الثمن
أعراس الجزائريين تغرق في مظاهر البذخ والإسراف
تحولت الأعراس في الجزائر خلال السنوات الأخيرة إلى مناسبة للتباهي والتفاخر، تحاول خلالها العائلات أن تستعرض إمكانياتها والظهور بشكل مناسب حتى وإن كلفها ذلك أكثر من طاقتها إلى درجة الاستدانة، هذا إرضاء للمدعوين وتفاديا لتعليقاتهم الجارحة، متجاهلين حقيقة يتفق عليها الجميع ألا وهي » رضا الناس غاية لا تدرك«.
تحولت الأعراس الجزائرية في الآونة الأخيرة إلى حفلات راقية تشبه عروض الأزياء حيث اجتاحتها موضات جديدة ضاعفت من التكاليف المخصصة لها وجعلت من الزواج بالنسبة لبعض الشباب أمرا مستحيلا، فلم تعد الأفراح بذلك الطعم والنكهة الجزائرية الأصيلة التي تحضر فيها العادات والتقاليد وتميزها البساطة، بل أصبح البذخ والإسراف الصفات التي لا تتوانى العائلات سواء كانت غنية أو فقيرة عن القيام بها من أجل إقامة أعراس راقية حتى وإن كلفها ذلك كل ما تملك من أموال.
فمظاهر الإسراف والمباهاة في الأعراس لم تعد تقتصر على العائلات الثرية فحسب بل حتى الطبقة المتوسطة أصبحوا يقيمون الأعراس في قاعات حفلات باهظة الثمن، مع وجود »الزرنة« والمطربين الذين يحيون الأعراس بأسعار مرتفعة، كما أن البحث عن سيارة فخمة لنقل العروس أصبح هاجسا للبعض لتحل سيارة الليموزين المشكل، حتى وإن كانت حالتهم المالية لا تسمح بذلك، فالمهم بالنسبة لهم هو الظهور بوجه مشرف ليلة العرس، وحتى وإن كلفهم ذلك الغرق في الديون، ورفع نفقات العرس التي تتراوح بين 60 و 100 مليون بنفقات لا ضرورة لها سوى للتباهي والتفاخر، حيث أصبحت العائلات اليوم تبحث عن ما هو مختلف وأكثر مما قامت به العائلات الأخرى لتكون مميزة ويتحدث عنها الصغير قبل الكبير.
غير أن فرحة العرس تنسي الناس عواقب الإسراف وهموم الديون، ولا تدرك عائلة الشاب والفتاة عواقب الهم الذي كانوا يعيشون تحت تأثيره إلا أشهر بعد الزواج، ليجد نفسه مكبلا بالديون ولا يجد ما يقتات به، بعدما أصبح رهينة لدى الأهل والأصدقاء، فالعديد من العائلات باتت تبحث عن قاعات حفلات راقية تقيم فيها العرس والعشاء هربا من الفوضى التي تميز ذلك اليوم في المنزل، أما الحلويات فأصبحت لا تعد ولا تحصى منها من تستهلك مع المشروبات وأخرى مع القهوة لتأتي تلك التي تستهلك مع الشاي، أما المأكولات فحدث ولا حرج ففي الوقت الذي كان »الكسكسي« سيد الأعراس الجزائرية تخلت عنه العديد من الأسر ليعوض ب »المثوم« و»اللحم الحلو« و»الشوربة« وغيرها من الأكلات التي تعطيك الانطباع على أنك في مطعم من خمس نجوم.
أهل العروس من جهتهم يحاولون أن يكونوا بمستوى اجتماعي لائق، فيقومون بتجهيز ابنتهم بكل المتطلبات، وانتقاء ملابس »التصديرة« ومختلف المجوهرات والإكسسوارات، بداية من الحلاقة التي لا يقل ثمن التسريحة والماكياج لديها عن 20 ألف دج وفستان الزفاف الذي يقتنيه البعض فيما يفضل البعض الآخر كرائه، تضاف إليه فساتين السهرة التي تمثل الأزياء التقليدية العاصمي والقسنطيني والعنابي والسطايفي والشاوي والنايلي، حتى يخيل لك أنك في عرض للأزياء من تنظيم أشهر دور أزياء.
كما اجتاحت مستجدات أخرى الأعراس الجزائرية منها طريقة إحيائها حيث تحيي العديد من العائلات أفراحها كل على طريقتها الخاصة، فمنها من تفضل الطريقة الغربية من خلال أعراس مختلطة في الفنادق، وهناك من تلجأ إلى الطريقة المغربية التي تتميز ب »العمارية« و»الماشطة«، كما أصبحت العائلات تستنجد بالطباخين لإعداد الأطباق بمبالغ تتراوح بين 20 و 30 ألف دج ليصل الأمر إلى إحضار طباخين من دول شقيقة كالمغرب وتونس وغيرها.
حذرت من المباهاة في الأعراس، رئيسة المرصد الجزائري للمرأة تؤكد
التكاليف الباهظة والمغالاة في المهور سبب عرقلة زواج الشباب
أكدت رئيسة المرصد الجزائري للمرأة شائعة جعفري تكاليف الزواج المرتفعة والمغالاة في المهور من الأسباب الأساسية التي تعيق الشباب المتعطشين إلى بناء أسرة من الاستقرار، مشيرة إلى أن ظاهرة » عاندني ونعاندك « باتت تعرقل الزواج في الجزائر الأمر الذي جعله أكثر تعقيدا وحولته إلى مادة خالية من الروح، مضيفة أنه من صيف إلى آخر نجد شيء جديد في الأعراس يضاعف من تلك التكاليف الباهظة.
تقول رئيسة المرصد الوطني للمرأة أن الأعراس اليوم أصبحت تعني فواتير ملتهبة لقوائم ومتطلبات لا نهاية لها يضطر العروسان لأن يكتويان بنارها إرضاء للمجتمع، مؤكدة أن المستجدات التي يعرفها التحضير للزواج في كل مرة أصبح يعرقل الشباب الراغبين في الاستقرار، مضيفة أنها الأمور التي لو تعمقنا فيها لوجدنا أنها ليست بالضرورية فأغلب العائلات تفكر التفاصيل السطحية والتافهة ويتناسون التحضير الفعلي والحقيقي لهذه المرحلة الهامة في حياة الزوجين.
وأكدت ذات المتحدثة أنه من الضروري أن يكون تركيز الأهل على تحضير العروسان من الجانب النفسي والفكري لأنهما ينحدران من مجتمعان يختلفان في العادات والتقاليد التي تكون في الغالب السبب في نشوب »معركة « في الأفكار بيتهما، عوضا عن الاهتمام بالجهاز الذي يرمى بمجرد انتهاء العرس خاصة وأن المرأة يزيد وزنها بعد الزواج وكذا احتمال الحمل اللذان يجعلان من كل تلك الملابس التي يصرف عليها الكثير من المال أرشيف في الخزانة أو يتم التخلص منه.
ودعت شائعة جعفري إلى حتمية تغيير بعض السلوكات المتعلقة بالتحضير للزفاف والتي استشرت في المجتمع الجزائري، مشددة على التحضير النفسي للفتاة المقبلة على الزواج من أجل تقبل الآخر والتحلي بمعاني الصبر والتسامح وهو التجهيز الأولي الذي يجب أن تهتم به الأمهات قبل التجهيز الخارجي من ملابس وحلي وغيرها، مضيفة أن الشيء نفسه ينطبق على الشباب الذين يسارعون في البحث عن إقامة حفل الزفاف والفرق الموسيقية التي تحييه، في الوقت الذي يحتاج إلى أن يتحضر نفسيا أنه سيرتبط بشخص آخر مختلف عنه وليس توأم روحه.
وفي ذات السياق أطلقت رئيسة المرصد الرصاص على حلويات اللوز والجوز والبندق التي تتباهى بها العائلات رغم ما تكلفها من أموال باهظة، والتي يكون مصيرها في الغالب سلة النفايات، مطالبة بالرجوع إلى »الكسكسي« تلك الأكلة العريقة الضاربة في عمق الأصالة الجزائرية، قائلة »الطعام همة ولو بالما«، داعية العائلات الجزائرية في هذا الإطار إلى إحياء عادة »الوليمة«التي كانت تقام في الماضي والابتعاد عن المباهاة من خلال عادات دخيلة لا تمت لنا بصلة، مشيرة إلى أن الفرح يجب أن يكون بدون تكاليف أو مغالاة خاصة بالنسبة للعائلات الفقيرة.
وحول غلاء المهور كشفت جعفري أنه هو الآخر يعرقل زواج الشباب محذرة الفتيات من المغالاة فيه كون الملابس والحلس وغيرها من المتطلبات تأتي مع مرور الوقت وليس بالضرورة قبل الزواج، حيث يقدر المهر ب 10 آلاف دج فما فوق كما أنه يختلف من منطقة إلى أخرى، مضيفة أنه هناك بعض العائلات التي تضرب عرض الحائط بتلك العراقيل وتزوج بناتها بمبلغ رمزي.
وطالبت محدثتنا العائلات إلى الخروج من معركة تحضير الجهاز إلى التحضير الفعلي للعروسين، مستدلة بالتجربة الأندونيسية في تحضير المقبلين على الزواج من خلال تنظيم دورات تدريبية حول ذلك، حيث أعطت هذه المبادرة نتائج جيدة سمحت بتقليص نسبة الطلاق في هذا البلد إلى 20 بالمائة، كما أن أولئك الذين استفادوا منها كانت حياتهم سعيدة، مضيفة أن المرصد قام بنفس التجربة سنة 1988 وهي المبادرة التي تحتاج إلى التعميم من أجل تلقين الشباب والفتيات سبل التفاهم والتعامل مع مشاكل الحياة الزوجية.
الطلب عليها كبير رغم غلائها
قاعات الأعراس ضرورة فرضتها العائلات الجزائرية على نفسها
ظهرت قاعات الحفلات في المجتمع الجزائري، كثقافة اجتماعية جديد في إقامة الأعراس، وأصبحت تعتبر البديل عن المنازل لإحياء الأفراح والحفلات لعدم اتساعها لاستقبال العدد الكبير من الضيوف والمدعوين على اختلاف الفئات ودرجة القرابة، حيث يجد صاحب الوليمة نفسه مضطرا لتوفير أماكن خاصة بكل فئة. إلا أن أسعار كرائها تزايدت من سنة إلى أخرى حتى بلغت الذروة.
أصبح الزواج في تلك القاعات يشكل عبئا ماديا يجب أخذه بعين الاعتبار، إلى حد إمكانية التخلي عن بعض الأشياء الأساسية مقابل كراء قاعة للحفلات لقضاء بعض الساعات المحدودة، وذلك نظرا لأسعارها التي أصبحت خيالية تفوق 10 ملايين سنتيم في أغلب الأحيان، ويستغل أصحاب القاعات حالة العائلات المضطرة لكراء هذه القاعة لرفع سعرها إلى أعلى حد.
ورغم ذلك إلا أن هناك فئة أخرى من المواطنين أضحت تعتبر قاعة الأفراح ضرورة حتمية حتى في ظل اتساع المنازل ورحابتها، وتعتبرها مؤشرا للثراء والرفاهية ويسر الحال ورخاء المعيشة، حيث تسهر هذه القاعات على تقديم أرقى الخدمات.
اقتربت »صوت الأحرار« من أصحاب قاعات الحفلات بنية الاستفسار عن إمكانية الحجز إلى ما بعد، فتأسف كثير من هؤلاء بالقول إنّ تلك القاعات محجوزة إلى غاية نهاية شهر سبتمبر، أما عن الأسعار فهي لا تقل عن 10ملايين سنتيم.
وبهذا الخصوص، أكّد أحد مالكي قاعة حفلات بباب الزوار، أنّ كثيرين يتأخرون في عمليات الحجز التي من المفروض أن تتم بأشهر قبل موعد العرس، وفي السياق ذاته يقول أحمد صاحب قاعة حفلات في فصل الصيف خلق ضغطا كبيرا على قاعات الحفلات لكل من يريد إقامة أفراحه قبل بداية فصل الشتاء، في حين فضّل البعض التأجيل إلى بداية العام المقبل من خلال دفع نصف المبلغ المحدد كعربون على ذلك الحجز، وهو البرنامج الذي تسير عليه كل قاعات الحفلات حسب المتحدث.
وعن أسباب هذا الارتفاع الفاحش في أسعار كراء قاعات الحفلات، أرجعها البعض للامتيازات التي تحتويها قاعاتهم من حيث مساحتها وطاقة استيعاب المدعوين، الديكور، نوعية المستلزمات، وحتى الخدمات التي تقدمها بعض النادلات العاملات داخل القاعة.
محمد صاحب قاعة حفلات بالدار البيضاء، أكّد أنّ القانون الذي أمر بغلق كل قاعات الحفلات التي لا تملك حظيرة خاصة لركن السيارات، وهو ما أدّى لاستغلال بعض أصحاب قاعات الحفلات للوضع من أجل المضاربة في الأسعار، سيما وأنّ الزبائن لا يجدون قاعات أخرى على حد قول المتحدث، إضافة إلى كون تحديد عدد المدعوين ومدة العرس ينبغي أن لا تتجاوز في أغلب قاعات الحفلات الساعة السابعة مساء وأي تأخير في ذلك قد ينجّر عنه دفع غرامات مالية، في وقت تفرض بعض قاعات خدمات الموسيقى و»الديجي« مجانا، على أن يتم إيقاف الموسيقى بمجرد انقضاء الوقت المذكور.
والملاحظ أنّ هناك قاعات مخصصة للزبائن من نوع خاص، يتجاوز سعر تأجيرها 30 مليون سنتيم، في وقت تفضّل شريحة خاصة إقامة أعراسها في أفخم الفنادق، بمقابل بحث أصحاب الدخل المحدود عن قاعات تمكنهم من إقامة أعراسهم، منهم فريدة التي تقول إنها لم تصدق لما وجدت قاعة على قدر إمكاناتها وإن كانت بعيدة عن مقرّ سكنها ولا تتسّع كثيرا، إلا أنها حاولت أن يكون عدد المدعوين على قدر طاقة الاستيعاب.
يوسف حنطابلي مختص في علم الاجتماع
''زواج اليوم أصبح سوقا أو مشروع مزايدة''
قال الدكتور يوسف حنطابلي مختص في علم الاجتماع »إن معنى الزواج المكلف موجود في كل الأزمة فهو التمسك بمظاهر وعادات شكلية بين العائلات ومع الوقت أصبح مكلف لأننا نقارن بين أسعار الماضي وأسعار اليوم«. ولكن السؤال المطروح لماذا تتواصل هذا النوع من المظاهر في مجتمعنا رغم سلبياتها التي لا تعد؟.
يفكر الناس أن فرصة الأعراس لا تفوت لذا يحاولون بشتى الطرق لإظهار التفوق والحراك الاجتماعي كما يعتبرونها طريقة أو وسيلة للتمظهر وبعث رسالة للآخر وبالتالي يكلف نفسه ماديا ليكون على مستوى تطلعات الغير وليحاول جاهدا لإظهار قيمة اجتماعية من خلال حضوره واكتفاءه الذاتي حتى وان كان العكس، وأصبحت تدرس المعادلة ما قبل الزواج من تكاليف الزواج كالمهر وطاقم الذهب للزوج والتصدير والشورة و...للزوجة، فضلًا عن المبالغة في التجهيزات المطلوبة كالأثاث ومساحة السكن ومكانه وغيرها من المتكلفات التي جدت على مُجتمعنا الحديث، حتى أصبح عبئا وهما يثقل كاهل الشباب المقبل على إكمال نصف دينه، وتعدى من كونه مشكلة اجتماعية لها تداعيات خطيرة على المجتمع كتفاقم العزوبية وحيرة الشباب المقبل على الزواج في توفير تكاليفه وإتمام مراسيمه واللجوء للاستدانة من كل المعارف لتوفير متطلبات الزفاف.
وأصبحت ثقافة الزواج في العصر الحديث مُعقدة جدًا بعكس الزواج في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي كانت له صورة وقيمة أخرى لهذا الرابط المقدس والمهم في مجتمعنا الذب أصبحنا نطلق عليه مصطلح »سوق الزواج« أو مشروع مزايدة.
الشيخ شمس الدين ل »صوت الأحرار«
''التقليد الأعمى بدعة والبركة
في أقلهن مهورا''
قال الشيخ شمس الدين بخصوص ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج »لقد أحدث الناس من البدع ما أدى إلى ارتفاع نسبة العزوبة والعنوسة من جملة ذلك أنهم غيروا المعاني الحقيقة والشرعية للزواج فبعد أن كان الصداق أو المهر أقله بركة تحول إلى مكانة اجتماعية يتباهون بها فيظن أن الرجل الذي يزوج ابنته بصداق قليل فهذا يدل على وضاعتها وإذا زوجها بمهر كبير يدل على رفع مكانتها وقدرها.
فتغير الصداق من عطية لإظهار المكانة اجتماعية بغرض المباهاة والتفاخر إلى جانب ذلك البدع الأخرى المصاحب للتكاليف الكثير كالمهيبة والتي أثقلوا بها كاهل الخطاب ووجوب إتمام العرس في قاعة الأعراس الضخمة والتي تكلف على أقل قدر 8 ملايين سنتيم بالإضافة إلى »الكورتاج« المصحوب بسيارات فاخرة مزينة بالورود وبهذا طغت هذه البدع على الأعراس ولم يستطع المواطن أن يتنصل منها وهو مجبر للقيام بها بعد أن كان الزواج بسيط فهي بدع وتقاليد مخالفة للشرع والدين أدت بنا إلى هذه الحالة ووجود 16 مليون فتاة بدون زواج ولم يتبعوا قول الرسول عليه الصلاة والسلام »أكثرهن بركة أقلهن صداقا«.
كما ندعو الشخصيات المعروفة الوطنية التي يقتدي بهم الناس في حال زوج أحد أبنائهم أو بناتهم أن يكون العرس بسيط خالي من التكلف والتباهي لكي يقتدي المواطن البسيط منه ويتجنب الإسراف الذي هو في غنى عنه، وتكون خطوة أولى لو صح التعبير نحو التخلي وإلغاء مثل هذه التقاليد البالية التي لا معنى لها وتغيير مثل هذه العقليات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.