»لا يدرسون، لا يلعبون ولا حتى يحلمون.. لأن ظروف الحياة الصعبة أجبرتهم على ذلك ورمتهم في أحضان العمالة مبكرا..هم ببساطة أطفال بؤساء تركوا مقاعد الدراسة ليتوجهوا إلى عالم ليس إلا للكبار.. المهم عندهم كسب دريهمات معدودات لتوفير لقمة العيش رغم ما فيها من مشاق وبؤس ومعاناة«. لا تزال الجزائر تشهد كدولة نامية عرفت انتعاشات وازدهارات في مختلف الميادين، قضايا انتهاكات خطيرة لحقوق الأطفال والإساءة إليهم بمختلف الأساليب، ومن بين هذه الانتهاكات عمالة الأطفال التي صنعت الحدث عبر مختلف ولايات الوطن وتشكل قلق دائم للجهات المختصة والمهتمة بحماية الطفولة من جمعيات ونشطاء ومختصين اجتماعيين ونفسيين باعتبار تشغيل الأطفال من بين الأولويات التي تستلزم العناية والنظر بعمق في هذه الظاهرة سعيا لمحاربتها خاصة وأنها في تزايد مستمر نظرا للإحصائيات المخيفة عبر السنوات عينات تعكس واقع الطفولة المرير محمد صاحب 14 سنة، قال إنه اضطر للعمل كبائع المواد الغذائية في أحد دكاكين حي بومعطي المواجد ببلدية الحراش لمساعدة عائلته المكونة من 3 أفراد في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية القياسي خلال شهر رمضان الفضيل الذي يتزامن مع عطلته السنوية وكذلك بعده، وهذا بسبب رغبته الشديدة في شراء ملابس العيد والأدوات المدرسية التي لا يستطيع راتب والده الذي يعمل في إحدى بلديات العاصمة لوحده توفيرها، وهو نفس الأمر الذي دفع صهيب الذي يبلغ من العمر 15سنة، لبيع الخبز والشربات في سوق حي5جويلية بباب الزوار، وحسب قوله »فنحن أطفال ومطلب شراء ملابس العيد مطلب مشروع، فإذا لم يستطع آباؤنا توفيرها، علينا مساعدتهم في ذلك« ويختلف أمين ذو ال 16 ربيعا والدافع الذي أدى إلى احترافه مهنة التجارة يختلف »فبعد أن غادرت مقاعد الدراسة، فإن عملي كبائع لمختلف أنواع ألعاب الأطفال، يجنبني الوقوع فريسة الإجرام، التدخين والمخدرات«، وهو الأمر الذي وافقه فيه عمرالذي يبلغ من العمر 15 سنة، »أنا تلميذ في السنة الثالثة متوسط عند بدء الموسم الدراسي، لا بد لي من شغل وقتي بشيء مفيد في فصل الصيف في حين يبيع أدم »الديول« منذ ثلاث سنوات في حي لاقلاسيار من أجل توفير مصاريف الدخول المدرسي، حيث كشف لنا أنه الابن السابعÅ في أسرة متوسطة الحال، لموظف في القطاع العام، وليس أمامه إذا أراد مواصلة دراسته سوى هذه الطريقة، فالآن أصبح مطلوبا منا كأطفال أن نوفر مصروفنا بأيدينا بعدما عجز آباؤنا عن توفير كل ما نحتاجه، وفصل الصيف فرصة ذهبية للربح، اغتنمناها كأطفال لتوفير مختلف احتياجاتنا. كما برزت مؤخرا تجارة يمارسها الأطفال وتعتمد على بيع الجرائد اليومية و السجائر فتارة نجد الأطفال بين أزقة الشوارع وتارة في المقاهي وأحيانا في المحلات التجارية قصد بيع القليل من الجرائد والسجائر لجني بعض المال أطفال يبيعون »المطلوع« و»الكسرة« لسد رمق الجوع على الطريق الساحلي للعاصمة، من بوهارون إلى تيبازة إلى القليعة، »لوتيسمو« بالكاليتوس. نفس الواقع ونفس الوجوه، أطفال في عمر الزهور يبيعون المطلوع وبعض أنواع العجائن التقليدية على الطريق السريع وهم عرضة لكل أنواع المخاطر، بداية من حوادث المرور نهاية بالعنف والاعتداءات التي قد تواجههم من قبل الطائشين وقطاع الطرق. لا تختلف قصة أحمد وأيمن وعائشة وجميلة إلا في بعض التفاصيل، كلهم أطفال وحدت بينهم قسوة الظروف وغدر الزمن الذي حولهم في رمشة عين من أطفال إلى رجال و نساء، على طول الرصيف تصطف سلال الخبز والأطفال ينادون على سلعتهم بحناجر ندية أنهكتها تكرار نفس اللازمة ?مطلوع سخون مطلوع سخون?، وقد يستعيضون عن النداء عندما يتعبون بالتلويح بأقراص الخبز التي تباع مقابل 25 أو 30 دج للخبرة الواحدة، تقف جميلة رفقة أخيها الذي يكبرها بسنتين على جانب الطريق السريع، على طريق بوسماعيل، وهم يعرضون سلعتهم. تقول جميلة إن مدخول اليوم قد يرتفع في أيام العطل والراحة خاصة في موسم الاصطياف، حيث تصبح الشواطئ المجاورة سوقا مربحة وتلقى سلعتهم الرواج والقبول من قبل المصطافين بالإضافة إلى الشهر الفضيل الذي بات يتزامن مع العطلة السنوية لهؤلاء الأطفال. سألنا جميلة إذا كان خوفا ما ينتابها خاصة في المناطق القريبة من الشواطئ حيث ينتشر الشباب المتهور، جميلة التي بدت واثقة من نفسها وقد تخلت عن خجل الأطفال أخبرتنا أن جماعة كبيرة من الأطفال مثلها يشكلون شلة أو حلقة للدفاع عن بعضهم البعض، وهناك من يقوم بدوريات يتفقد زملائه وأصدقائه لأنهم أبناء نفس الحي ويقومون بحماية بعضهم البعض فقد وحدّتهم المعاناة والمكابدة اليومية من أجل الحصول على 300 دج في أحسن الأحوال نظير بيع 10 أقراص من الخبز من التاسعة صباحا إلى الرابعة مساء، وقد يتأخر الوقت إلى حدود الساعة السادسة في أيام الصيف والعطل وإلى وقت الأذان في رمضان. ليس الخبز وحده السلعة الرائجة هناك، وإنما حتى أكواز الذرة المشوية التي تباع مقابل 15 دج للكوز، والتي تجلب من المزارع المجاورة لبوسماعيل، سلعة مغرية لعابري السبيل والمصطافين وتوفر مدخولا إضافيا جميلة وإخوتها. نسيت جميلة منذ متى لم تعد طفلة، فقد حولتها قسوة زوجة الأب وانشغال الوالد بمتاعب الحياة إلى مجرد رقم في طابور الأطفال الباحثين عن الرزق هناك ربما كانت قصة أيمن أقل مأساوية من قصة جميلة وأخيها، فأيمن يعيش في كنف عائلته الحقيقية المتكونة من الأب والأم وخمسة إخوة، لكنه مضطر لبيع الخبز حتى يساعد الأسرة في توفير المصروف اليومي، خاصة أن مصاريف الدراسة ولوازم الحياة لخمسة أطفال ليست سهلة، لذا يتناوب هو وإخوته على بيع الخبز في الأوقات التي لا يدرسون فيها أوتكون أوقات التحاقهم بمدارسهم متفاوتة ومختلفة حسب نظام الدوام المتبع، ويحصل أيمن على المصروف اليومي من أمه مقابل بيع أقراص الخبز والمحاجب وبعض العجائن التقليدية الأخرى، لكن إن اختلفت تفاصيل قصته عن قصة جميلة لكن تبقى الأخطار المحدقة بهم واحدة، خطر المركبات التي تعبر الطريق السريع وقد تأخذ أرواحهم في لحظة طيش وهم يغامرون بعرض سلعتهم على طول الطرقات. أطفال تحت أشعة الشمس الحارقة لبيع قوارير المياه من بين هؤلاء طفل شاهدناه رفقة أبيه ببيع قوارير الماء المعدني على ناصية محطة تافورة تقربت منه وكنت خائفة من الأب الذي كان يرشد ابنه الصغير الذي لا يتجاوز عمره السبع سنوات إلى كيفية البيع ورد الصرف للزبائن من المارة حاولت أن أتحدث معه بعض الشئ حول ابنه سألته إن كان ولده فرد قائلا »انه إنني ولا يفعل شيئا في البيت فأتيت به لكي يعمل معي قليلا لكن قلت انه صغير على العمل فرد »انه لا يفعل شيا في المنزل جالس فقط أتيت به ليساعدني« في الوقت ذاته كان الطفل الصغير مستمتعا بحمل النقود في يديه ويرد على مارة الذي يشترون قوارير الماء منه »بشكرا« »يعطيك الصحة« مع أنه كان خجولا بعض الشئ فيبدو أنها المرة الأولى التي يخرج فيها للعمل مع والده تحت حر الصيف رغم ذلك رأيناه فرحا بذلك ويحس انه أصبح رجلا ويملك ما لا كثيرا لربما لشراء الأدوات المدرسية لأن الأب أكد لنا أن إبنه يدرس قائلا »نعم إنه يدرس« كان جوابا مقتضبا لم يرد أن يتحدث إلينا أكثر تركناه وتمنينا أن تكون المرة الأخيرة التي نشاهده فيها يعمل. كما هو الحال بالنسبة للكثير من الأطفال الذين يتوجهون في الصباح الباكر لمختلف الشواطئ الجزائرية حاملين معهم كل ما قد يحتاجه المصطافين وهم في رحلة استجمامهم على الشواطئ من مأكولات تقليدية كالمحاجب والخبز المطلوع والكسرة إلى حلويات كالخفاف ولي بينيي وقوارير المياه وهذا كله من أجل القليل من الدنانير التي يقتات منها هؤلاء الأطفال وبالمقابل يتعرض هؤلاء الأطفال إلى حروق خطيرة جدا منها من وصلت الدرجة الثالثة كما هو الحال بالنسبة لبعض الأطفال الذين التقينا بهم في شواطئ تيبازة حيث اقتربنا من أحدهم وسألناه ان كان قد استخدم الكريم الواقي من الشمس قبل مجيئه إلى الشاطئ خاصة وأن الشمس كانت في ذروتها حيث كانت الساعة آنذاك الواحدة بعد الزوال فرد قائلا »أنني أعمل من أجل الأكل فقط ولا يستطيع شراء مثل هذه الكريمات الغالية جدا بنظره ولم أفكر بها حتى مجرد التفكير« وعند سؤالنا عن ما إذا قد أصيب بحروقات جلدية أجابنا الطفل أنه طالما أصيب بها حتى أنه وصل به الأمر دخول المستشفى إذ أصيب بحروق خطيرة جدا لم يستطع زيت الزيتون حسبه من مداواتها. صغيرات يبعن الورود في منعرجات خطيرة بالطرقات السريعة وفي مكان آخر بالعاصمة وبين الطريق الرابط بين بوزريعة وأولاد فايت فتيات صغيرات وجدنهن منهمكات في الصراخ على المارة ليشتروا منهن ورودا اصطناعية هن كذلك لا عائل لهن إلا البيع في الشارع فهو المصدر الوحيد لعائلاتهن الأب لا يعمل والأم كذلك هن صغيرات في عمر الورود التي يبعنها ترى في عيونهن أسى البراءة التي بدأت تزول مع قسوة الحياة تشبذن بملابسنا وأردن أن نشتري منهم تلك الورود التي إكتساها الغبار بأية طريقة لم نرد أن نخذلهن توقفنا قليلا وحاولنا أن نعرف كيف لأب أو أم أن تترك بناتها في سن الخمس سنوات يبعن أمام الطريق السريع مهما كانت الظروف الاجتماعية التي يعيشونها فقلن لنا بكل خجل وحياء منا »أنا هنا أبيع الورود لناس أبي ليس له المال ونحن نعيش في بيت قصديري غير بعيد عن الطريق »لم تشأ أن تواصل في الحديث معنا لأنها كانت خجولة جدا و السيارات كانت تمر بسرعة حيث لم تقدرعلى بيع الكثير من الورود فسألناها لماذا الورد وليس الخبز أو شيئا آخر كالأواني الفخارية قالت »أبي هو الذي يشتري لنا هذا الورد ونحن نبيعه« أردنا أن نعرف حلمها عندما تكبر قالت وبكل سذاجة »أريد أن أصبح معلمة لأنني أحب المدرسة« بعد تلك الكلمات وقفنا حقيقة على مأساة طفولة لا يمكن أن توقفها قوانين جافية أو جمعيات المجتمع المدني التي لا تقوم بعملها بل هي سياسة كاملة لدولة تعيد لطفولة براءتها وتصنع بها جيل المستقبل . الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد المالك سراي ل صوت الأحرار : ''محاربة عمالة الأطفال مهمة الجميع الإشكالية مطروحة على مستويات متعددة الجوانب حيث يشكل قانون الأسرة، حقوق المرأة، والطفل، بنودا تحمي الطفل كي لا يمارس النشاط العملي، ونفس الأمر في قانون التعليم، يلزم الطفل رسميا لمزاولة مقاعد الدراسة، بدأ من الوالدين والعائلة والمحيط، وقانون العمل في الجزائر يرفض ادماج الطفل الذي لم يتجاوز 18 في مجال العمل، فإذا كان سنه أقل فبالإمكان فتح باب لتربص الطفل وتعليمه حرفة، فأمام هذه القوانين يمنع استغلال الأطفال. الهيكل الاقتصادي الجزائري، له أسس معروفة سيما ووجود السوق الموازي يتابع التجارة والخدمات الخارجة عن النطاق الرسمي حيث هناك أطفال قصر يعملون في المؤسسات والمصانع، والحقول دون أن يكون لهم ملفا واضحا، وبالتالي تتحمل المؤسسات المسؤولية كاملة لان القانون ضد هذه المؤسسات. وما يجعل الطفل يعمل وجود فئة معتبرة من الفقراء، حيث يعانون الكثير من الأمراض، ويصبح الخطر صحيا، اجتماعيا، وامنيا كذلك فالإحصائيات ببلادنا غير دقيقة، بخصوص الظاهرة، رغم وجود قوانين تمنع عمالتهم ولاسيما الأطفال الذي يتراوح سنهم بين 16 سنة. وحسب الدراسات التي قامت بها وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات وبتعاون مع الديوان الوطني للإحصائيات، سنة 2006 كشفت عن وجود 7,4 بالمائة من الأطفال الذين يشتغلون في الجزائر والذي يتراوح سنهم ما بين 5 إلى 15 سنة، أي حوالي 300 ألف طفل، وهذا العدد ليس بعدد كبير مقارنة بدول العالم.. كما خلص التحقيق الذي أجرته مفتشيه العمل سنة ,2006 خلصت إلى أنه من بين 3853 هيئة مستخدمة تشغل تعدادا من28840 عامل أجير، تم تسجيل 498 طفل تقل أعمارهم عن 18 سنة منهم 156 لم يبلغوا بعد السن القانونية، أي ما يعادل تقارب 54,0 بالمائة مقابل 56,0 سنة2002 ولقد اتخذت الجزائر تدابير في إطار سياسة مكافحة عمل الأطفال والوقاية من هذه الظاهرة وهكذا وعلى المستوى التشريعي فان المشرع الجزائري وبواسطة القانون رقم 1190 المتعلق بعلاقات العمل قد نص على سن العمل القانونية محددة ب 16 سنة، باستثناء عقود التمهين ولم يرخص بعمل القاصر إلا بترخيص من وصيه الشرعي ونفس هذا القانون يمنع استغلال القصر المرخص لهم في الأشغال الخطيرة وغير الصحية أو تلك التي تؤثر على أخلاقهم وصحتهم ولتفادي انتشار الظاهرة، لابد على الطفل أن لا يترك مقاعد الدراسة، خاصة وأن التعليم مجاني في بلادنا والدولة الجزائرية تتكفل ب 75 بالمائة من الأطفال في المدارس، وإشراك الجميع في هذه العملية من خلال العمل المنظم والمستمر وذلك من خلال تحسيس وتوعية الجهات المعنية من مجتمع مدني من خلال تقديم معلومات حول الظاهرة رغم وجود هذه الفئة في بلادنا ولكن الطاقات ضئيلة لا في بعض المناطق مثلا وبعض المجتمعات، ويبقى الأطفال ضحايا للمجتمع. مصطفى خياطي رئيس جمعية »فورام« قانون حماية الطفولة الجديد لا يردع عمالة القصر أكد مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث »فورام« أن القانون الجديد المزمع مناقشته على مستوى البرلمان حول حقوق الطفل هو نفسه الذي تم سحبه سنة 2006 والذي كان يغطي 10 بالمائة بعد ضغط من جمعيات الطفولة والذي لا يحمل أي تغييرات جذرية في وضعية الطفل الجزائري بل يحوي قوانين سطحية لا تقارن بما توصي به منظمة اليونيسيف العالمية أين لم يأخذ بعين الاعتبار الأطفال الذين هم في وضعية كارثية بل اكتفى بالعموميات. وأضاف أنه لا يتجاوب تماما مع احتياجات الأطفال في الوقت الراهن فحسب الأرقام الأخيرة للمنظمة و وزارة العمل ارتفعت نسبة الأطفال العاملين من 2,1 مليون طفل إلى9,1 مليون وتبقى هذه الأرقام غير مؤكدة لأنها لا تعكس الواقع المعاش فمعظم الأطفال يشتغلون في الخفاء حيث يحترفون مهنا خطيرة على حياتهم وصحتهم مثل حمل الرمال في الشواطئ والتي تستعمل للبناء والرعي في درجات حرارة مرتفعة خاصة في الولايات الداخلية بالإضافة إلى بيع المواد الغذائية في الطريق السيار شرق غرب . وارجع في سياق ذاته أسباب إستمرارهذه الوضعية إلى عدم وجود إرادة سياسية للحد من انتشارها طالبنا مرارا بتطبيق ما ورد في الدستور ضد الآباء الذين يحرمون أبنائهم من الدراسة ويدفعون بهم إلى سوق العمل في سن مبكرة متحججين بالحالة الاجتماعية المزرية والمشاكل العائلية كالطلاق الذي وصلت نسبته خلال الأعوام الأخيرة إلى 200ألف حالة طلاق في السنة وهو رقم هائل تسبب في العديد من الآفات الاجتماعية، مشيرا أن ظاهرة العمالة في الجزائر هي أقل حدة مقارنة بالبلدان العربية الأخرى مثل لبنان والسعودية وتونس تحتل وسط الترتيب. رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني تزايد نسبة الفقر في الجزائر أدى إلى ارتفاع عمالة الأطفال أكد فاروق قسنطيني رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان،أن الحالة الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي يعيشها الجزائريون في السنوات الأخيرة هي التي ساعدت على تزايد ظاهرة عمالة الأطفال ،فمستوى المعيشة المتدني للعديد من الأطفال تحت سن السادسة عشر سنة جعلهم يخرجون للعمل لمساعدة أهاليهم المحتاجين فمن الصعب حسب قسنطيني أن تنخفض نسبة عمالة الأطفال في ظل الظروف القاسية للمجتمع والذي تعرف نسبة الفقر فيه ارتفاعا كبيرا، و أضاف أن العقوبات التي نص عليها قانون العمل لا تكفي وحدها لحمايتهم من الاستغلال الغير أخلاقي واللانساني وذلك لغياب الصرامة في التطبيق وإرادة سياسية واضحة من جميع الأطراف للقضاء على هذه الظاهرة التي حرمت الأطفال من ابسط حقوقهم وهو التمتع بحياة كريمة ،مشيرا أن حالة الطفل في الجزائر هي أفضل منها في البلدان الإفريقية الأخرى. أنيسة فرج الله مختصة في علم النفس عمالة الأطفال قد تحول القصر إلى مجرمين حاقدين صرحت المختصة النفسية فرج الله أن عمل الطفل يعني تحميل الطفل المسؤولية وحرمانه من طفولته وهذا إجرام في حق الطفل حيث من الضروري على أي إنسان أن يمر بمراحل هي الطفولة، المراهقة، ثم مرحلة تصحيح المعلومات و الأفكار. وأضافت المتحدثة أن الطفل خلال الست سنوات الأولى يتلقى عدة أفكار وعادات من طرف الوالدين خاصة الأم بحيث ينشأ على شخصية معينة ثم ينتقل إلى مرحلة المراهقة يكون من خلالها شخصيته ثم بعد فترة المراهقة يصحح أفكاره واعتقاداته ثم يتحول بعد ذلك إلى رجل أو امرأة عندئذ يصبح جاهز للحياة العملية والمهنية. وفي ذات السياق أفادت المختصة النفسية أن الطفل العامل قد يتعرض بخروجه إلى الشارع أو المجتمع من أجل لقمة العيش إلى الخطر وذلك باختلاطه مع مختلف العقليات والأعمار وكذلك ابتعاده بذلك عن كل ما هو تربوي ثقافي علمي وعليه فقد يحرم من طفولته التي من المفروض أن يعيشها من خلال التربية اللعب التعليم وبالتالي لايمكن أن ننتظر النجاح من الطفل العامل مستقبلا هذا بالإضافة إلى ذلك قد لا يكون إنسان سوي من الناحية النفسية باعتباره قد حرم من أهم المراحل في حياته وهي مرحلة الطفولة مما قد يؤدي إلى نقل ما عاشه في طفولته إلى أطفاله مستقبلا وذلك من خلال تلقينهم نفس المعاملة التي تلقاها من والديه وهذا بسبب عدم بناءه لشخصيته. كما كشفت المعالجة النفسية أن ظاهرة عمالة الأطفال قد تخلف أضرارا خطيرة منها سلب براءة الطفل بتحويله إلى مجرم، عنيف، حاقد، مادي بالإضافة إلى تعامله مع من هم حوله بطريقة غير محترمة تخلو من الثقافة. جمعيات أولياء التلاميذ تحذر من التسرب المدرسي، خالد أحمد يكشف نصف مليون تلميذ تحولوا إلى العمل'' ¯ ارجع أحمد خالد رئيس الاتحاد الوطني لجمعية أولياء التلاميذ أن التسرب المدرسي يعد من أهم الأسباب الرئيسية لانتشار عمالة الأطفال فأكثر من 500الف تلميذ يسرح كل عام هذا العدد الهائل من الأطفال المسربون يلجأون إلى الانحراف كالمخدرات والسرقة أو مجال العمل للهروب من حالة الضياع التي يعيشونها بعد طردهم من المدارس. وحمل المتحدث المسؤولية للأولياء الذين يجهلون خطورة بقاء أطفالهم من دون تعليم وإجبارهم على العمل كما هو الحال في المناطق الداخلية كولاية الجلفة أين يمتهن الكثير من الأطفال مهنة الرعي ويضطرون لتوقف عن الدراسة رغما عنهم لأن تكاليفها غالية وحتى في ولايات الشمال أين يتجه الأطفال إلى بيع الأدوات المدرسية ومختلف السلع لتغطية مصاريف الدخول المدرسي مشيرا أن المدرسة وحدها لاستطيع احتواء هاته الظاهرة بل على الدولة كذلك مضاعفة مجهوداته في سبيل تحسين المستوى المعيشي للعائلة الجزائرية وبالتالي الطفل الجزائري خاصة في المناطق النائية والمحرومة مؤكدا أن الجمعية من جهتها تحاول بإمكانياتها الخاصة تقديم مساعدات مالية للأسر المعوزة والأطفال بشراء أدوات مدرسية والملابس وحتى دفع ثمن التسجيل لتلامذة الثانوي والاكمالي. مرياح علي مختص في علم الاجتماع ''الظاهرة تحتاج إلى قوانين ردعية للقضاء عليها'' أكد مرياح علي مختص في علم الاجتماع أن من أسباب ظاهرة عمالة الأطفال هو الإهمال الأسري حيث أن الأسرة الجزائرية تخلت على مفهومها الصحيح لرعاية الأطفال باعتبار أن هذا الأخير ذو مفهوم شاسع ولا تعني فقط توفير الأكل و الشرب واللباس والسكن بل تعني المتابعة اليومية والتوجيه بالإضافة إلى تكاسل بعض الأولياء وأرباب الأسر العاطلين عن العمل حتى يقع الثقل على الأطفال الذين يضطرون إلى الخروج للعمل من أجل توفير حاجياتهم الضرورية خاصة و أن العقلية الجزائرية قد تغيرت كثيرا بالنظر إلى ما كانت عليه سابقا إذ أضحت تنظر للفقر على أنه عار و نقص بالتالي فان الطفل قد يعمل ليل نهار من أجل اشتراء حذاء رياضي جديد أو لباس جديد ليكون في نفس الحلة ونفس مستوى مع أقرانه من الأطفال. كما أفاد نفس المتحدث أن الأسرة ليست وحدها المسؤولة عن رعاية الطفل بل المجتمع هو أيضا مسؤول عن حمايته بما فيه المدرسة، الشارع، البيئة، مضيفا أنه لا يمكن إنكار أن الطفل هو كائن اجتماعي وابن مجتمعه لكنه و بالدرجة الأولى هو ابن والديه وعليه فالمسؤولية تقع بالأساس على الأسرة والأولياء فتواجد طفل في الشارع بدون رقابة منهم هو جريمة بحد ذاتها في حق هذا الطفل. وفي نفس السياق كشف الوسيط الاجتماعي أن الحد من ظاهرة عمالة الأطفال يحتاج إلى تقديم وتطبيق قوانين ردعية باعتبار أن مجتمعنا يستجيب فقط للقرارات الردعية وهذا ما نراه اليوم في القوانين الردعية. المحامية ايت زاي نادية مختصة في قضايا حماية الطفل والمرأة يجب تشديد العقوبات على من يشغل أطفالا تحت سن ال 16 أكدت المحامية نادية ايت زاي أن العقوبات المنصوص عليها في قانون العمل لا تطبق لا على أولياء الأطفال ولا على أرباب العمل الذين يحرمون الطفل من حقه الطبيعي في اللعب والاستمتاع بكل ما يحب عوض التواجد على قارعة الطريق لبيع الخبز والخضروات أو الملابس أوفي المصانع للعمل في ظروف اقل ما يقال عنها أنها مزرية ، وحسبها فان تلك العقوبات غير كافية تماما لحماية الأطفال من مختلف أنواع العنف اللفظي أوالجسدي فمثلا الأطفال الذين يبلغ هم أقل من 16سنة لا يسمح لهم تماما بالعمل أماما بين 16او18سنة فيتجه لتمهين والتكوين مع وجوب أن يكون مؤمنا من جهة المستخدم و أن يكون حاصلا على شهادة التعليم المتوسط أوالثالثة متوسط. وفي سياق أخر أشارت أن الكل معني بمحاربة هذه الظاهرة والإبلاغ عنها أينما تم الوقوف عليها فالمجتمع المدني والمواطن بشكل خاص لديه مسؤولية الإخبار عن أية تجاوزات يراها في حق الأطفال العاملين لدى مراكز الشرطة وثم توضع القضية تحت يد وكيل الجمهورية والذي يتكفل بحماية الطفل أو وضعه تحت وصاية قاض الأحداث ،وأضافت انه في الكثير من الأحيان يكون الأولياء وراء دفع أبنائهم نحو العمل ولذلك لا يتم التبليغ عنهم وتبقى في الخفاء و الأرقام المتداولة عن نسبة عمالة الأطفال في الجزائر ليست بالواقعية. عبد الرحمن عرعار رئيس شبكة »ندى« ندعو لإنشاء فرق خاصة لردع الظاهرة عمالة دعا عبد الرحمن عرعار رئيس الشبكة الجزائرية لدفاع عن حقوق الأطفال إلى إنشاء فرق متخصصة لردع عمالة الأطفال حيث مهمتها مراقبة أي حالات استغلال للأطفال في مجال العمل وقمنا بنقل هذا الاقتراح للمسؤولين أين يتم كذلك التحضير لقانون جديد حول حماية الطفولة وسيتم المصادقة عليه قريبا ،مضيفا أن أي مقاربة بين ما تحمله اتفاقيات حماية الطفولة الدولية و واقع الطفل في الجزائر نكون قد ظلمنا أطفالنا لأننا لأزلنا بعيدين جدا عن المستوى الحقيقي لطفولة تتمتع بكل حقوقها حيث أن مجتمعنا يعيش تحولات اقتصادية واجتماعية فنرى انتشارا للأطفال العاملين في تجار الجملة والتجزئة كحمالين ولم يتعدى سنهم 16 و من دون مقابل مالي ووجودهم في الشارع يعرضهم لدخول في عالم الجريمة والمخدرات أو الاستغلال الأخلاقي حيث نسعى لمساعدة الفئات المحرومة منها حالات أمهات عازيات ومطلقات وعائلات تعاني من التفكك الأسري لتقليل من أثار هذه الظاهرة، أملا في الأخير أن تتحسن وضعية طفل في الجزائر مع زيادة الوعي وآليات المراقبة والعقوبات في السنوات القادمة.