أطفال ضائعون بين بيع الخبز و السجائر ما إن يحل فصل الصيف حتى يخوض الأطفال و خاصة المتمدرسين رحلة العمل ، و كثيرا ما تكون وجهتهم البحر أين يبيعون المشروبات و المأكولات الخفيفة للمصطافين ، و بذلك تتحول عطلهم إلى فرصة للعمل من أجل توفير المال لمساعدة عائلاتهم أو شراء أدوات المدرسة استعدادا للدخول المدرسي . يقول "أمين " صاحب العشر سنوات أنه يقوم ببيع "لبينيي " للمصطافين و هذا بغرض مساعدة أمه التي تصرف على البيت، بحكم أن أبيه معوق فبدل أن ينتظر المصروف الذي يتلقاه من عند أمه فهو يوفر عليها ذلك و يدخره لإخوته الآخرين .أما "محمد" صاحب الثاني عشر سنة فهو يقوم ببيع السجائر بشكل يومي و ليس فقط في الصيف كونه توقف عن الدراسة ، و صار عنده العمل أمر كثر من ضروري كون راتب والده لا يكفي العائلة لقضاء حاجاتها اليومية في ظل غلاء المعيشة و قلة المدخول اليومي لمعظم العائلات الجزائرية . حتى صاحبات الأيدي الناعمة لم تسلم من الوقوف طول النهار أمام حرارة الطقس أو غزارة الأمطار من أجل بعض الفرنكات ،أمينة البالغة من العمر عشر سنوات خرجت إلى الشارع لتبيع "المطلوع" الذي تعجنه والدتها و هذا لإعانة الأسرة في قضاء حاجاتها ، و تضيف الطفلة المتحدثة أنها تقوم أيضا في البيت بمساعدة الأم في أشغال البيت ، و في بعض الأحيان هي التي تعجن الخبز لتبيعه و تؤكد أن المال الذي تحصل عليه في الغالب لا يكفي لشراء كيس الدقيق لتحضير الخبز . هذه العينة و غيرهم كثيرون ،لا يبالون بصحتهم المهم الحصول على المال الزهيد في الغالب ، فمن يتحمل مسؤولية هؤلاء و ما ذنبهم إن كانوا يحرمون في كل دقيقة من براءتهم و عفويتهم فبدل اللعب الذي تكفله القوانين و المواثيق الدولية ، تجدهم يجرون كالبالغين و راء لقمة العيش و بين هذا و ذاك تضيع البراءة و تدفن الأحلام ،دون أن ينظر أحد إلى وضع هذه الفئة والتي ستكون رجال الغد .
الجزائر رقم واحد في المغرب من حيث عمالة الأطفال كشفت تقارير أعدتها المنظمة العالمية للطفولة المتواجدة ببروكسل أن الجزائر في مقدمة الدول المغاربية من حيث عمالة الأطفال، و هذا أمام احتلال منطقة المغرب العربي الصدارة عالميا ب6.2 مليون طفل عامل، وتصنف الجزائر استنادا إلى كشوفات المنظمة العالمية للطفولة، في نفس المستوى مع،الصومال، جيبوتي، العراق، السودان، وفلسطين. هذا الوضع يجعلنا ندق ناقوس الخطر و نثير تساؤلات عديدة حول وضع الطفولة في الجزائر و الذي سيؤثر مستقبلا لا محال على الوضع الاجتماعي و الاقتصادي للبلاد ،كون طفل اليوم رجل الغد . الحاجة وراء الاستغلال عملا بمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" يجد أزيد من مليون طفل نفسه مضطرا للعمل في سن مبكرة ، و هذا لمساعدة العائلة المعوزة أو الأب المريض و المساهمة في مصروف البيت ، قسوة الطقس في الشتاء أو حرارة الصيف كل شيء يهون ولا يهم المهم المال ، و بحكم أن الشارع لا يرحم و الحياة كذلك فإن هذه البراعم تكون دائما محل استغلال من قبل الكبار كونهم يد عاملة رخيصة و غير متمردة على الأوضاع التي يعملون بها ، كونهم صغار لا يعرفون لا حقوقهم و لا واجباتهم ،و هذا لأن غالبيتهم يتركون مقاعد الدراسة فيصبحون فريسة الشارع و المخدرات و الاستغلال الجنسي ، و كذا يكونون مستهدفين من قبل عصابات الإجرام و "المافيا" التي تستغل الأطفال لأبعاد الشبهات عن نشاطها ، حتى أصبح الأطفال في موقع الجريمة بشكل ملفت للانتباه و يدق ناقوس الخطر، و يدعو كل الجهات إلى التدخل لوضع حد لتنامي الجريمة وسط الأطفال و الحد من عمالة الأطفال . تعددت عوامل اشتغال الأطفال و لكن جلها اجتماعية و اقتصادية ، بسبب ارتفاع و غلاء المعيشة و قساوة الحياة والمشاكل الاجتماعية، التي تنخر الطبقة الوسطى من المجتمع . غياب وسائل الرقابة زاد الطين بلة لما تصنف المنظمة العالمية للطفولة الجزائر في المرتبة الأولى من حيث عمالة الأطفال في المغرب ، يظهر جليا غياب الرقابة و المتابعة القضائية في هذا الجانب ، و بالخصوص في المناطق النائية التي تحتوي على أكبر قدر من الأطفال العاملين و هذا بحكم صعوبة العيش في هذه المناطق ، حيث هناك الكثير من الآباء في المناطق المعزولة لا يبالون بتكوين أبنائهم،إذ يرون أنه لا داعي لذلك فالعمل هو الذي يكسب و يربح . إلى جانب هذا فإن بقاء منظمات المجتمع المدني على الهامش، صعّب من التواصل بين المجتمع ، حيث تبقى أغلب الجمعيات مركزة على المدن ونشاطها لا يتعدى إلى المناطق النائية، مما لا يسمح لها بمعرفة مركز الخلل و معالجته . المسألة قضية الجميع إن مثل هذه القضايا تعد حساسة و شائكة ، كونها تتطلب تدخل كل الأطراف من أجل وضع حد لها و لما لا التخلص منها نهائيا ، وتعد عمالة الأطفال بمثابة قنبلة موقوتة تهدد نسيج وكيان المجتمع، وللحد من هذه الظاهرة فإنه يجب علىالجهات المعنية وبالأخص الإعلامية منها تنظيم حملات وطنية شاملة بهدف توعية المجتمع بمخاطر وأضرار هذه الظاهرة التي تقود الأجيال الصاعدة إلى الضياع ، ونفسالكلام ينطبق أيضا على منظمات المجتمع المدني التي يجب أن تشارك في توعية المجتمعبهذا الخصوص.و لا يكفي بذلك تخصيص الفاتح من جوان للحديث عن واقع عالم الطفولة و النظر إلى مشاكلهم و طموحاتهم ،بل يجب أن تكون هناك إستراتجية واضحة كوضوح القانون في هذا الصدد الذي يشدد على عمالة الأطفال و لكن المشكل يبقى قائما في تطبيقه . أنيسة .ب +++++++++++++++++++++++++++++++++