تعيش جبهة التحرير هذه الأيام حركية سياسية دؤوبة ميزتها الخرجات الميدانية للسيد الأمين العام عمار سعداني، وكذا أعضاء المكتب السياسي، وذلك استعدادا للمؤتمر العاشر للأفلان الذي يتطلب من مناضلي الحزب التحضير لهذا الموعد التاريخي في جو من الانسجام والانضباط ووحدة الصف. إن جبهة التحرير بمناضليها الأوفياء مدعوة لأن تكون في الموعد، لا لتسجيل الحدث، بل للخروج ببرنامج يستجيب لطموحات المناضلين ويعبر بصدق عن تطلعات الشعب ورغباته العميقة، وبما يؤهلها لأن تبقى القوة السياسية الأولى في البلاد. إن جبهة التحرير الوطني التي تتأهب لخوض غمار هذا المؤتمر، الذي يعد محطة في مسيرتها النضالية، وهي كما هو الشأن في كل مراحلها التاريخية، تتعرض للضربات من طرف الخصوم، ومن قبل المحسوبين عليها والساعين لاغتيالها. ولإنجاح هذا الموعد التاريخي فإن المناضلين مدعوون إلى اليقظة والتجند لوأد روح البلبلة التي يريد خصومها وأعداؤها بثها في أوساط المناضلين قصد النيل من معنوياتهم ووحدة صفوفهم والتشكيك في برنامجهم. وفي هذا السياق، على المناضلين أن يدركوا تمام الإدراك أن جبهة التحرير الوطني تتسع لكل أبنائها المؤمنين برسالتها، المدافعين عن خياراتها، وهذا يستوجب منهم أن يكونوا يدا واحدة لخوض غمار هذا الموعد الحاسم بعزيمة قوية وإصرار كبير وبإرادة تحقيق الانتصار. إن قوة جبهة التحرير تكمن في وحدة مناضليها وتماسك صفوفها ومصداقية رجالها ونسائها، وكذا في واقعية برنامجها ومدى استجابته لطموحات مناضليها وتطلعات الشعب، الذي من أجله أنشئت ولأجله تستمر في النضال. وإذا كان ذلك هو الهدف الذي ينبغي تحقيقه، فإن الأمر يتطلب بالأساس أن يظل منبر جبهة التحرير فوق منابر الأشخاص، لأن الجبهة باقية والأشخاص مآلهم الزوال. لقد استطاع حزب جبهة التحرير وبالرغم من محاولات زعزعته وتقسيمه أن يصمد، وهو يملك اليوم فرصة ثمينة لإعادة التلاحم إلى صفوفه، والبروز بعد المؤتمر العاشر كقوة سياسية رائدة بدون منازع، وما أحوج الشعب الجزائري اليوم وهو يعيش أوضاعا اجتماعية واقتصادية عصيبة إلى حزب بمكانة جبهة التحرير، تصدقه الوعد وتحفظ له حقوقه في الأمن والحرية والاستقرار والعيش الكريم، وتحقيق ذلك ليس بالمهمة الصعبة على جبهة التحرير الوطني، التي تحملت بالأمس مهمة استعادة الحرية والاستقلال. إن رسالة جبهة التحرير الوطني لم تتوقف عند تحرير الأرض والإنسان من قيود العبودية والاستعمار، بل تعدت ذلك لتحقيق دولة اجتماعية ديمقراطية ذات سيادة في إطار المبادىء الإسلامية، وتلك هي رسالة أبناء الجبهة بالأمس واليوم، وتلك هي أيضا المهمة التي يتوجب أن يتواصل النضال من أجل تجسيدها في واقع المجتمع الجزائري الملموس. ويقينا أن المؤتمر العاشر القادم للأفلان سيؤكد بأن جبهة التحرير الوطني، بفضل قوة مبادئها وطروحاتها ومناضليها ومناصريها، ستبقى أكبر من كل المؤامرات والمناورات التي تدبر ضدها في السر والعلن. إن جبهة التحرير الوطني، وهي تستعد لهذا الموعد الحاسم في مسيرتها النضالية، مدعوة إلى استخلاص الدروس من الأحداث والمحطات التي مرت بها البلاد، حتى لا تحيد الطريق عن أداء رسالتها، ومن ثمة تجنب كل الأخطاء التي كثيرا ما أضرت بالحزب وكانت بمثابة الثغرات التي تسلل منها المندسون والنفعيون إلى صفوف الحزب. من هنا تأتي الأهمية القصوى التي أعطاها الأمين العام عمار سعداني لعملية التحضير الجيد للمؤتمر العاشر للحزب، وذلك من خلال الرسالة التي وجهها لإطارات ومناضلي الحزب عبر الوطن من خلال لقاءاته الميدانية، والتي ألح فيها على ضرورة أن تحظى عملية تحضير المؤتمر القادم بالأولوية في نشاط الحزب، لأنه يشكل محطة ومنعطفا حاسما في المسيرة النضالية والتاريخية لجبهة التحرير الوطني.