يواصل الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني في مقبل الأيام تنصيب المحافظات الجديدة، اقتناعا منه بأهمية هذه العملية في إضفاء الحيوية والحركية على هياكل الحزب، بما يضمن أن تكون تلك الوسائط متمتعة بالقدرة على التواصل مع الجماهير والانفتاح على المحيط العام، من خلال تحركات مكثفة ودائمة، تجعل المواطنين يشعرون بأن الحزب موجود بينهم ويعمل من أجلهم. وكان الأمين العام قد قام قبل أيام بجولة تحسيسية قادته إلى كل من آفلو، الأغواط، الجلفة، عين وسارة وبوسعادة، تندرج في إطار التواصل المباشر مع القاعدة النضالية، خاصة بعد إعادة تأطير بعض المحافظات واستحداث محافظات جديدة في بعض الولايات، وهذا لتفعيل أداء الهياكل وتجسير العلاقة بينها وبين المناضلين وتوسيع دائرة انفتاحها على المحيط العام، وكذا تمكين الحزب من إعادة انتشاره. تلك هي دوافع وثمار استحداث محافظات جديدة، وهي العملية التي ستتواصل بروية وثبات وفق رؤية واضحة تهدف إلى عصرنة الحزب وتحديثه وتطوير أدواته وأساليب عمله، وبالتالي فهي مرتبطة بخطة مدروسة، يجري تطبيقها بطريقة متناسقة، لا علاقة لها بترتيبات المؤتمر المقبل، كما يزعم البعض، كما أنها لا ترمي إلى إقصاء أشخاص أو »غلق الأبواب« أمام مجموعة أو تيار، كما يروج البعض! إن هذه العملية الهامة، تندرج في إطار رؤية واسعة وشاملة، سبق للأمين العام أن طرحها في سياق برنامج عمل، مباشرة بعد تقلده منصب الأمانة العامة، وقد تضمنت »خطة الطريق« نقاطا محورية، تشكل أساس الانطلاقة الجديدة، وهذا لدعم الحزب بالمزيد من عناصر القوة التي، تكرس مكانته الريادية، كتشكيلة سياسية كبرى، منسجمة مع العصر وقادرة على التأثير في الأحداث ولعب الأدوار الأولى في الحياة السياسية. ليس هناك »تخياط« ولا »سد الطريق« أمام هذا الطرف أو ذاك، بل إن الغاية من هذه العملية هي خدمة حزب جبهة التحرير الوطني الموحد، القوي، العصري والمستقبلي، بعيدا عن الإقصاء، ذلك أن استحداث محافظات جديدة في بريكة وعين ولمان وعين وسارة وآقبو وغيرها، إنما أملته ضرورات موضوعية وعملية، تهدف إلى تمكين الحزب من إعادة انتشاره وتوسيع قاعدته الاجتماعية وتعزيز صلاته بالجماهير. إن الطموح في أن تصبح جبهة التحرير الوطني، حزب أغلبية الجزائريين، طموح مشروع، بالنظر إلى مؤهلات القوة التي يتوفر عليها، إلا أن هذا الهدف يتطلب تجنيدا أكبر وتحركا أوسع وانفتاحا أعمق، وهذا ما تسعى قيادة الحزب إلى تحقيقه، من خلال عدة عمليات متكاملة، سليمة النوايا والمقصد وبعيدة كل البعد عن تصفية الحسابات. إن المهام الكبرى التي تنتظر الحزب، باعتباره صاحب الأغلبية والقوة السياسية والنضالية الأولى في البلاد، تقتضي أساسا: أولا: أن يكون حزب جبهة التحرير الوطني، بكل قياداته وإطاراته ومناضليه، قوة واحدة، متراصة الصفوف ومتماسكة اللحمة، لذلك ينبغي إدراك هذا الهدف في أوسع معانيه، من خلال تمتين وحدة الحزب وفتح الأبواب أمام الذين تم إبعادهم ظلما وكل الذين يشعرون بأنهم قريبون من الحزب وكذا الذين يحملون مبادئه، هذا ما التزم به الأمين العام بتأكيده على الوحدة وحرصه على أن يكون المؤتمر العاشر جامعا. ثانيا: أن تكون جبهة التحرير الوطني حزبا عصريا في تسييره وفى أدائه وفي تعاطيه للفعل السياسي، بحيث يكون قادرا على التجاوب بفعالية وكفاءة مع المستجدات، متفاعلا مع الأحداث ومؤثرا فيها. لا يمكن لحزب جبهة التحرير الوطني إلا أن يتحدد في لغة الخطاب وفي أساليب عمله وفي طرائق اتصاله مع الطاقات الشابة والكفاءات الوطنية، ولعله من المفيد أن نؤكد بأنه محكوم على الحزب أن ينخرط في معركة العصرنة، بإرادة قوية، وأن يحارب الجمود في شتى صوره وأشكاله. ثالثا: إن الأغلبية التي يحوز عليها حزب جبهة التحرير الوطني لا ينبغي أن تكون ملاذا للرضا على الذات بل يجب أن تكون دافعا إلى تحصين هذا المكسب وتأمينه، من خلال اقتحام تجمعات الأغلبية الصامتة، في المدن والجامعات، لاستقطاب الشباب والمرأة والنخبة المثقفة والعالمة. إن توسيع القاعدة الاجتماعية مؤشر هام لقياس تجاوب الجماهير مع الأفكار التي يطرحها الحزب، كما أن هذه العملية المفصلية كفيلة بالإجابة على عديد الأسئلة، منها: هل للحزب وجود وفاعلية في الشارع السياسي تتناسب مع حجمه وما هي الأرضية الحقيقية التي يقف عليها الحزب؟ لذلك، يجب تضافر كل الجهود لإنجاح عملية استحداث محافظات جديدة، باعتبارها تندرج في إطار خطة إصلاحية شاملة، تستهدف محاربة الجمود والرداءة والاحتكار، وأيضا الاستعداد لدخول المرحلة الجديدة بالأفكار التي تناسبها والدماء الجديدة القادرة على ضخ الحيوية في الوسائط النضالية. هذا هو التحدي الذي يجب أن ترفعه محافظات الحزب، القديمة والجديدة، إذ عليها أن تبرهن بأنها قادرة على دخول الامتحان والنجاح فيه بامتياز. ¯ التحرير