تشهد قواعد حزب جبهة التحرير الوطني في الآونة الأخيرة حيوية ونشاطا كبيرين، عقب الزيارات الماراطونية التي يقوم بها الأمين العام للحزب عمار سعداني لعدد منها، حيث تقرر استحداث محافظات جديدة تحسبا للتقسيم الإداري الجديد الذي كان قد وعد به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خلال حملته الانتخابية لرئاسيات أفريل الفارط، وكذا في إطار توسيع خارطة انتشار الحزب العتيد وتقريب المناضلين والمواطنين من هياكل الأفلان. لا يمكن لأحد أن ينكر الديناميكية الكبيرة التي يتمتع بها أكبر حزب سياسي في البلاد، ومرد ذلك إلى القاعدة النضالية الكبيرة التي يتمتع بها حزب جبهة التحرير الوطني وشعبيته الواسعة، فضلا عن تاريخه السياسي الحافل، وهو الأمر الذي فرض على قيادته الحالية إعادة هيكلته جغرافيا، من خلال استحداث محافظات جديدة الهدف منها تقريب المناضلين من هياكل الحزب. والمؤكد أن قيادة الأفلان تعي أهمية التقرب أكثر من القاعدة النضالية على اعتبار أنها أساس انتشاره، سيما وأن البلاد تشهد إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة، أهمها تعديل الدستور وهو الأمر الذي يستوجب إعادة شحن طاقات الأفلان تحسبا لهذا الموعد الهام، كما أن التقرب من المناضلين يسمح للقيادة وعلى رأسها الأمين العام بالتواصل المباشر ويضمن معرفة وجهات نظرهم في مختلف القضايا الجوهرية، والتي تعد اللبنة الأساسية لمجمل القرارات التي تصدرها قيادة الحزب. الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ومن خلال خرجاته الميدانية عقب تنصيب أمناء المحافظات الجديدة، يؤكد أن الأفلان بخير وأن جميع الأزمات التي مر بها لم تؤثر في شعبيته قيد أنملة، وأن قيمه ومبادئه النابعة من ثوابت الأمة ومن بيان أول نوفمبر لا تتغير، كما تندرج لقاءاته مع القاعدة النضالية في إطار التحضير أيضا للمؤتمر العاشر، حيث أكد عمار سعداني في تصريحات سابقة أنه »سيكون مؤتمرا جامعا يحدد طريق الأفلان«. وتسعى قيادة الأفلان وعلى رأسها الأمين العام عمار سعداني إلى إحداث إصلاحات عميقة داخل بيت الحزب العتيد، ترسخ له حيويته وتعبد له الطريق نحو الانتشار والتوسع أكثر ومن ثم ضمان استمرارية النجاح، والتي بدأت أولى إرهاصاتها تظهر بعد قرار استحداث محافظات جديدة تكون قاطرتها الشباب الذين يعدون مستقبل الحزب والبلاد، فضلا عن جملة القرارات الجديدة التي تخص إنشاء بطاقة خاصة بالمحبين والمتعاطفين مع الحزب، بالإضافة إلى استحداث بطاقة خاصة بأبناء المناضلين والتي أطلق عليها اسم »بطاقة أشبال حزب جبهة التحرير الوطني«. يذكر أن تصريحات سعداني الأخيرة حملت الكثير من الرسائل المباشرة لما يجب أن يكون عليه الحزب مستقبلا، حيث صرح مؤخرا من ولاية المسيلة قائلا »إن أفلان اليوم سيكون جبهة المناضلين وسيمكنهم من ممارسة حقهم من خلال إعادة الاعتبار للقواعد النضالية وعلى ضرورة فتح أبواب الانخراط والابتعاد عن الإقصاء والتهميش«. وفي سياق آخر عبر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عن عدم رضاه عن صلاحيات المنتخبين المحليين، خاصة وان الأفلان يحوز الأغلبية حين قال »ماذا بحوزة رؤساء المجالس الشعبية البلدية من صلاحيات ما عدا رفع القمامة وبالرغم من ذلك فإنهم عرضة في كل مرة لمتابعات قضائية دونما تأسيس في بعض الأحيان؟«، مشيرا إلى أن السلطة مستمدة من الشعب الذي منح ثقته للأفلان لتسهر على تسيير الشأن العام، فيما أكد سعداني أن »حزب جبهة التحرير الوطني سيطالب بحقوقه المتمثلة في تسيير الشأن العام في المجالس المحلية التي يحوز فيها على الأغلبية، ضاربا مثلا بالمسيلة التي تحوز فيها تشكيلته السياسية«. ولم يفوت الأمين العام في خرجاته الميدانية الفرصة للإشارة إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، وعلى رأسها الأوضاع الأمنية المتدهورة بعدد من دول الجوار وما يترتب عن ذلك من مخاطر على أمن واستقرار الجزائر داعيا المناضلين والمواطنين إلى التصدي لمختلف المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر خاصة في ظل الأوضاع المحيطة بالجزائر، وشدد بالقول»لا يحق لنا أن نهون مما يدور حولنا خاصة في حدودنا الجنوبية فالوضع خطير جدا«، وشدد في ذات السياق على أن الأفلان مطالب بتجنيد الشعب وراء جيشه لإحباط جميع المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر خاصة في ظل الأوضاع المحيطة بالجزائر«.