شرع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، في جولة ميدانية تحسيسية، قادته إلى عدد من محافظات الحزب، وهي تندرج في سياق التواصل المباشر مع المناضلين، من خلال حوار مفتوح بين القيادة والقاعدة. وتكمن أهمية هذه اللقاءات التي تجرى تحت الإشراف المباشر للأمين العام، في أنها تأتي قبل استحقاقات سياسية حاسمة، تتطلب من حزب جبهة التحرير الوطني الاستعداد لها من الآن، بمزيد من التماسك والتجنيد والتعبئة. أيضا، فإن الأهمية التي تكتسيها هذه اللقاءات تنبع من أنها بادرة، جديرة بالتنويه، إذ أنها تمكن القيادة، من التواصل المباشر مع المناضلين دون وسائط، مما يسهم في إرساء ثقافة الاتصال وتقاليد الحوار. وهذا ما يتوق إليه المناضلون، في مختلف المواقع والمستويات. إن اعتماد الأمين العام لهذا الأسلوب نابع من الإيمان الراسخ بأن الحوار والتواصل المباشر مع القاعدة يمكّن المناضلين من الإطلاع أكثر على خارطة الطريق التي ينتهجها الحزب في المرحلة القادمة، كما تجعلهم على بيّنة من مواقفه في مختلف القضايا الوطنية والإقليمية والدولية، وهذا حتى يكون المناضل على دراية ووعي بما تقتضيه المستجدات من قرارات لمواجهة التحديات الراهنة. كل ذلك من أجل الحفاظ على قوة وقدرة الحزب على لعب دوره الريادي في الساحة السياسية الوطنية، بالنظر إلى المواعيد والاستحقاقات السياسية المقبلة. وكان الأمين العام، منذ توليه قيادة الحزب، قد أرسى هذا التقليد، من خلال إشرافه على عديد اللقاءات مع المناضلين والمنتخبين في غرب وشرق البلاد، جنوبها ووسطها، حيث مكنت تلك اللقاءات الثرية والمفيدة والمفعمة بالإرادة والحيوية، من التواصل المباشر مع المناضلين، وكانت الفرصة سانحة لطرح كل القضايا، التي تهم الحزب والبلاد، بصدق وصراحة المناضلين الغيورين على عائلتهم السياسية. إن الجولة التحسيسية التي قادت الأمين العام إلى كل من آفلو، الأغواط، الجلفة، عين وسارة وبوسعادة، تندرج في إطار رؤية واضحة، تهدف إلى التدعيم والتقوية لهياكل الحزب، خاصة بعد إعادة تأطير بعض المحافظات واستحداث محافظات جديدة في بعض الولايات، وهذا لضرورات موضوعية وعملية، تهدف إلى تفعيل أداء الهياكل وتجسير العلاقة بينها وبين المناضلين وتوسيع دائرة انفتاحها على المحيط العام، وكذا تمكين الحزب من إعادة انتشاره وتوسيع قاعدته الاجتماعية والتجاوب مع المتغيرات التي يعرفها المجتمع. لقد أكد الأمين العام، خلال لقائه بالمناضلين، على الأولويات الأساسية التي يحظى بها الشأن الحزبي الداخلي وكذا رؤية ومواقف الحزب من عديد القضايا الوطنية، وهذا انطلاقا من الحرص على تكريس درو حزب جبهة التحرير الوطني كفاعل رئيس ومحرك أساسي للساحة السياسية في المرحلة الراهنة والمقبلة. إن القضايا التي تحظى بالأهمية القصوى، في إطار عصرنة الحزب وبعث الحيوية في هيئاته وهياكله وتحسين تسييره وتوسيع قاعدته الاجتماعية، هي تلك المرتبطة بالمهام الكبرى التي تنتظر الحزب، حتى يكون التشكيلة السياسية الأكثر قربا من المواطنين، وتجسيدا لهذه الرؤية تأتي توجيهات القيادة القاضية بانفتاح الحزب على محيطه العام، سواء من خلال استحداث محافظات وقسمات جديدة، حسب ما تمليه الحاجة، وكذا التكفل بالأنصار والمتعاطفين من الحصول على بطاقات خاصة. كل ذلك لإعادة انتشار الحزب، وفق ما تمليه مستجدات الساحة السياسية وما تفرضه المتغيرات التي يعرفها المجتمع. إن التحدي الكبير الذي يجب كسبه، هو فتح أبواب الحزب على الكفاءات والأفكار والمبادرات، حتى يكرس مكانته الريادية كقوة اقترح وحوار وتغيير، وهذا ما شدد عليه الأمين العام بتأكيده على ضرورة العمل في اتجاه استقطاب الأغلبية الصامتة التي تشكل نسبة كبيرة من الجزائريين، خاصة منهم الطاقات الشابة والمرأة، وتحديد الآليات الكفيلة بانتشار الحزب بين الجماهير، وكذا جذب دماء جديدة، من تدفقات الأجيال، وهذا لتأطير المجتمع سياسيا وتمكين المواطنين من الانخراط في العملية السياسية. ذلك هو مغزى الجولة الميدانية التحسيسية التي باشرها الأمين العام بزيارة عدد من المحافظات، ولعل الرسالة القوية التي تحملها هذه اللقاءات هي التأكيد على حقيقة ثابتة هي، أن حزب جبهة التحرير الوطني لا يمكنه إلا أن يكون متماسكا وموحدا وجامعا لكل أبنائه، وهذا ما حرص على إبرازه الأمين العام بتشديده على تقوية الصف ومحاربة الإقصاء والالتزام بمصلحة الحزب التي ينبغي أن تكون فوق مصلحة الأشخاص، بكل ما يعنيه ذلك من الخضوع لإرادة المناضلين والتقيد بالقوانين التي تحكم تسيير الحزب.