شدد عضو المكتب السياسي بحزب جبهة التحرير الوطني مكلف بالتنظيم مصطفى معزوزي، على أهمية اعتماد نمط جديد يتنافى تماما مع الهيكلة القديمة التي لطالما سار عليها الحزب، وذلك من خلال إنشاء محافظات جديدة، ترتكز على عوامل أساسية وموضوعية، وتأتي تطبيقا لخارطة الطريق التي أقرها الأمين العام والهادفة إلى عصرنة وتجديد الحزب وإعادة إحياء هيئاته وهياكله وتحسين تسييره وتوسيع قاعدته الاجتماعية، مؤكدا في هذا الحوار الذي خص به »صوت الأحرار« أن التحدي الكبير الذي يجب كسبه هو فتح أبواب الحزب على الكفاءات والطاقات، وتحديد الآليات الكفيلة بانتشار الحزب بين الجماهير في المدن والقرى والجامعات والثانويات وغيرها من الفضاءات. اتخذت قيادة الحزب قرارا بإنشاء محافظات جديدة في بعض الولايات، ما هي دوافع هذا القرار؟ إن هذه الإجراءات التنظيمية ليست عشوائية ولم نتخذها بناء على ردات فعل على أوضاع ظرفية، بل تندرج في سياق رؤية شاملة تهدف إلى التدعيم والتقوية لهياكل الحزب، وفي هذا الإطار اتخذنا جملة من الإجراءات والقرارات، وهذا بعد المعاينة والتشخيص والمشاورات الواسعة، ويمكنني أن أذكر هنا بإعادة تأطير بعض المحافظات، بالنظر إلى وضعها التنظيمي وتقسيم بعض المحافظات، لضرورات موضوعية وعملية وكذلك إنشاء قسمات جديدة في المدن الكبرى، بما يتلاءم وخريطة انتشار المناضلين. إن هذه الإجراءات ترمي في أبعادها إلى تفعيل أداء الهياكل وتجسير العلاقة بينها وبين المناضلين وتوسيع دائرة انفتاحها على المحيط العام، كما أنها تهدف إلى عصرنة الحزب وبعث الحيوية في هيئاته وهياكله وتحسين تسييره وتوسيع قاعدته الاجتماعية وتمكينه من إعادة انتشاره والتجاوب مع المتغيرات التي يعرفها المجتمع. لقد سبق وأن حدد الأمين العام للحزب خارطة طريق واضحة المعالم، وهي تهدف في دوافعها وأبعادها إلى إعطاء انطلاقة جديدة للحزب، تتسم بالانسجام والفاعلية ووضوح الأهداف، ذلك أنه محكوم على حزب جبهة التحرير الوطني أن يتجدد وأن يواكب المتغيرات التي يعرفها المجتمع، مما يتطلب مراعاة حقائق كثيرة ماثلة أمامنا، فهناك في كل الولايات جامعات ومعاهد، وفي كل مدينة وقرية دكاترة وأساتذة وكفاءات وطاقات شابة، هذا المعطى لا يمكن أن نتجاهله، بل مطلوب منا أن نوليه كبير العناية في تفكيرنا وقراراتنا، وهذا لاستقطاب دماء جديدة لحزبنا والمساهمة في تأطير المجتمع سياسيا. لذلك كله، كان لابد من الإقدام على هذه الخطوة التي نراها هامة، والتي تمليها مجموعة من الضرورات، أولها، أن الهيكلة التقليدية التي كانت معتمدة والتي كان بمقتضاها إنشاء محافظة في كل ولاية وقسمة في كل بلدية، قد تجاوزها الزمن ولم تعد صالحة، ثانيها، إن الكثافة السكانية وخارطة انتشار الكفاءات العلمية وبروز طاقات شابة مهتمة بالشأن السياسي وكذلك هو الأمر بالنسبة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية، كل ذلك يفرض إنشاء هياكل تتسم بالمرونة، من حيث القرب من المواطن وتسهيل عملية التواصل بين المناضلين، ولنا في هذا الإطار أن نعقد مقارنات بين قسنطينة بالأمس وكيف هي اليوم، وكيف كانت المسيلة وكيف أصبحت، ودواليك إلى بسكرة والأغواط وورقلة ووهران. هذا هو التحدي الكبير الذي يجب أن نكسبه وهو فتح أبواب الحزب على الكفاءات والطاقات، خاصة الطاقات الشابة والمرأة، وتحديد الآليات الكفيلة بانتشار حزبنا بين الجماهير في المدن والجامعات والثانويات وغيرها من الفضاءات. تم لحد الآن إنشاء محافظات جديدة في كل من بوسعادة، آفلو، تقرت وقسنطينة، هل لنا أن نعرف الولايات الأخرى المعنية بهذا الإجراء؟ يجب أولا، إدراك القاعدة الأساسية التي يعتمد عليها الحزب في إنشاء محافظات جديدة، وهذا من خلال الاعتماد على عدة عوامل أساسية وموضوعية، منها التطور الذي عرفه المجتمع الجزائري في كل المجالات، ولذلك كان الإجراء بإنشاء محافظات جديدة في الولايات ذات الكثافة السكانية الكبيرة والشساعة الترابية، وهذا بهدف تقريب الهيئات الوسيطة من القاعدة النضالية ومن المواطنين، إذ بهذا القرب تتمكن هذه الوسائط من الانفتاح على المحيط العام وتتسع دائرة الانتشار أكثر أمام مناضلي الحزب واستشراف لقضايا المطروحة وطنيا ومحليا، من خلال التفاعل والنقاش المفتوح مع الشرائح المختلفة في المجتمع عبر هذه الوسائط. وعلى غرار التقسيم الذي أنشئت بمقتضاه محافظة جديدة بقسنطينة والذي ترك أثرا إيجابيا لدى المناضلين وحقق نتائج ملموسة، خاصة استقطاب عدد هائل من المناضلين الجدد، سنواصل الاتجاه لتعزيز هذه التجربة التي أكدت نجاحها، وبالتالي فإن العملية ستشمل محافظات الحزب بجنوب البلاد وبعض المحافظات في الهضاب العليا، وكذا المدن الكبيرة كوهران وعنابة والمدن التي تتواجد بها المعاهد والجامعات، بالإضافة إلى المحافظات الكبيرة التي تجاوز عدد المناضلين بقسماتها العدد المعقول. نفس الإجراء يشمل القسمات، خاصة في المدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة، إلى أين وصلتم في هذه العملية؟ لقد بدأنا بتكثيف القسمات في عدة محافظات، من بينها محافظة الحزب بقسنطينة التي انتقلت إلى ضعف القسمات التي كانت موجودة، وهو ما أعطى نتائج ملموسة إلى حد الآن. وأؤكد بأنه في إطار هذه العملية، لا يمكن أن تكون هناك ولاية بها مدينة جامعية وتضاعف عدد سكانها إلى 10 مرات، وتبقى مؤطرة بقسمة واحدة، ولذلك فإن اعتماد محافظات جديدة يؤدي بالضرورة إلى تعدد القسمات عبر المدينة والقرية، حسب نمط جديد يتنافى تماما مع النمطية القديمة التي سار بها الحزب طيلة 60 سنة، والتي لم تعد قادرة على التأطير واستقطاب الشباب والحضور القوي للمرأة بالشكل المطلوب، وعليه يجب التخلي عن الهيكلة القديمة، لأن دور الحزب يتمثل في تأطير المجتمع سياسيا وإعطاء الفرصة للشباب والمرأة لممارسة السياسة والمشاركة في الشأن العام.