تشهد بعض قطاعات الجبهة الاجتماعية هذه الأيام توجها نحو التصعيد في حال عدم إسراع السلطات المعنية إلى تلبية مطالبها وتجسيد الوعود التي التزمت بها في وقت سابق، ويتجلى هذا التوجه أساسا في قطاع التربية الوطنية الذي يعيش انسدادا حقيقيا وقطاع الصحة الذي يُدشن بداية من اليوم حركات احتجاجية متجددة إضافة قطاع النقل وكذا الاحتجاجات التي تشهدها بعض الجامعات وغيرها..وضع يتطلب من الوزارات المعنية الإسراع في تجسيد التزاماتها. يبدو أن الهدوء الذي ميز الدخول الاجتماعي هذا العام بدأ يتراجع منذ أيام بشكل ملحوظ، بحيث عاد وضع الجبهة الاجتماعية لما كان عليه نهاية الموسم الاجتماعي الماضي وذلك بعدما لم تتمكن السلطات الرسمية لغاية الآن من تجسيد الالتزامات التي قدمتها آنذاك لضمان هذا الهدوء، وهو حال قطاع التربية الوطنية مثلا، بحيث لا يكاد يمر أسبوع إلا ويزداد التصعيد الذي يشهده هذا القطاع، فبعد لجوء الوزارة إلى إرسال إعذارات للمقتصدين المُضربين منذ 54 يوما والاقتطاع من أجور البعض منهم، لجأ هؤلاء إلى الخروج في وقفة احتجاجية بدت وكأنها استعراض عضلي لما هو قادم في حال عدم تجسيد الوصاية لوعودها، ورغم إقرار الوزيرة، نورية بن غبريت، إجراء لقاءات أخرى مع النقابات منتصف شهر نوفمبر الجاري إلا أن الوضع يبدو غامضا في هذا القطاع خاصة بعد التصريحات والتصريحات المُضادة التي كثُرت مؤخرا بين الوزارة والنقابات والتي شملت انتقادات لاذعة لكل طرف على حساب الآخر. ولا يتعلق الأمر بالمقتصدين فحسب، بل بمطالب الأساتذة ومطالب الأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين ما يُبقي هذا القطاع أمام المجهول في وقت تشهد فيه أسعار النفط تراجعا ملحوظا قد يزيد من تعقيد الوضع خاصة وأن معظم المطالب المرفوعة سواء في التربية أو غيرها من القطاعات ترتبط أساسا برفع الأجور. نفس الشيء يعيشه قطاع الصحة العمومية الذي ركن للهدوء منذ فترة، لكنه عاد إلى التصعيد من باب النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي التي قررت بدورها شن إضراب وطني بداية من اليوم يدوم ثلاثة أيام ويتجدد آليا كل أسبوع في حال عدم الاستجابة لمطالبها وذلك دون العودة للجمعيات العامة، مطالب تشمل منحة العدوى ومختلف التعويضات الخاصة بتأطير مذكرات التخرج وفتح المناصب العليا والاعتراف بشهاداتهم. وبدوره يشهد قطاع النقل نفس المسار، فبعد الإضراب عن الطعام الذي دخل فيه مؤخرا نقابيو الشركة الوطنية للنقل الحضري »إيتوزا« احتجاجا على عدم تطبيق إدارة المؤسسة لبنود الاتفاقية الجماعية الموقعة منذ سنتين، يُرتقب، حسب مصادر نقابية من الشركة الوطنية للسكك الحديدية، لجوء العمال في الأسابيع المقبلة إلى شن حركة احتجاجية يُطالبون من خلالها استكمال تطبيق الاتفاقية التي جمعت النقابة بالإدارة في وقت سابق، يحدث ذلك موازاة مع الحركات الاحتجاجية التي مست بعض الجامعات كجامعة بجاية وباب الزوار وكلية الحقوق ببن عكنون وغيرها وذلك في ظل مرافعة المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي »كناس« بضرورة مراجعة سلم أجور هذه الفئة وهو المطلب الذي ترفعه بدورها النقابة الوطنية للأساتذة الجامعيين التي تنشط تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين. وأمام هذه التحركات التي تأتي بعد هدوء ميز الدخول الاجتماعي بفضل الوعود التي التزمت بها بعض الوزارات خاصة التربية، الصحة والتعليم العالي، تجد الحكومة نفسها اليوم أمام وضع صعب لم تحسب له من قبل يتمثل في تراجع سعر البترول الذي سيُصعُب عليها تطبيق بعض التزاماتها إن لم نقل كلها في حال تواصل هذا الانخفاض باعتبار أن جل المطالب تتعلق بالأجور كما سبق الذكر.