مع كل انخفاض في أسعار النفط تبدأ أسوأ التوقعات بخصوص مستقبل الاقتصاد الوطني، أصبحت سوق النفط هي من توجه النقاش حول المستقبل. الوزير يوسفي يقول إن انخفاض النفط لا يؤثر على المخططات التنموية، وخبراء يرون العكس تماما، وقبل هذا كان وزير النقل السابق قد تحدث عن مشروع ميترو الجزائر الذي سيربط مختلف أنحاء العاصمة سنة ,2020 ولأن الصورة كانت جميلة أراد الوزير أن يحتاط فقال هذا إذا بقيت أسعار النفط في مستوياتها الحالية. التحدي الأساسي الذي واجهته الجزائر خلال العقدين الأخيرين كان التقليل من التبعية للنفط والغاز، وقد ركز الخطاب الرسمي على هذا الهدف بشكل واضح، غير أن ما تم إنجازه على الأرض لم يحقق أي تقدم على هذا المسار، فلا يزال تمويل الاقتصاد معتمدا على المحروقات بنفس النسبة التي كانت قائمة خلال السنوات العشرين الماضية. الذي حدث منذ أكثر من عقد هو ارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط سمح بالتخلص من أعباء المديونية، رغم القراءات المتناقضة لقرار تسديد الديون الخارجية، وأضيف إلى ذلك استقرار أمني وسياسي تبع أزمة أمنية وسياسية مدمرة، وهذا يعني أن الفشل الأكبر كان على مستوى التخطيط الاقتصادي. لا وجود لأفكار جديدة يمكن أن تخلصنا من النظام الاقتصادي المتهالك الذي يستلهك الثورة بدل أن ينتجها، فقد فشلنا في الانتقال إلى اقتصاد حر، ولم نحافظ على اقتصاد مخطط تتحكم فيه الدولة، وكانت النتيجة هي مزيد من الفوضى التي نشاهد آثارها في الأسعار، وفي حجم الاقتصاد الموازي، وفي الاستيراد الذي يستنزف الثروة الوطنية، ويرافق كل ذلك إصرار على سياسات اجتماعية مكلفة يجري تبريرها بالحفاظ على الاستقرار، دون أن ننتبه إلى أن هذه السياسات قد تتحول إلى خطر كبير على الاستقرار في المستقبل القريب. بدل أن يطمئننا الوزير بتصريحاته عن محدودية تأثير انخفاض أسعار النفط على المخططات التنموية، سيكون من الأفضل فعل شيء من أجل التخلص من هذا الكابوس، وتحويل النفط والغاز إلى مجرد قطاع من قطاعات الاقتصاد الوطني التي يمكن تعويض خسائرها ببذل مزيد من الجهد في قطاعات أخرى. الحكم هو توقع الأسوأ والاستعداد له، وليس تبرير الكوارث وتطييب الخواطر.