لا اختلاف على أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، قد وجد أمامه تركة ثقيلة، تنوعت مشاكلها وتعددت أسبابها، لعل من أهمها: صراع القيادة وتهلهل القاعدة وجمود الهياكل، وبالتالي ضعف الأداء وغياب الممارسة النضالية والسياسية. وقد اعتمد الأمين العام، منذ توليه قيادة الحزب، منهجية مدروسة وسياسة واضحة المعالم ومحددة الأهداف، تعطي الأولوية لإعادة ترتيب البيت، من خلال خطة طريق مدروسة، تهدف إلى القضاء على تلك الصورة التي أساءت إلى الحزب وشوهت سمعته لدى الرأي العام. لم يسلك الأمين العام طرقا ملتوية في تجسيد تلك الأهداف، بل كان واضحا وصريحا في تشخيص الداء، وكان صارما وحاسما في إيجاد الحلول والخروج نهائيا من الأزمة التي ضربت الحزب، معتمدا في ذلك المواجهة المباشرة والاصطفاف التام ضمن خط محدد، يتوافق مع مصلحة الحزب أولا وأخيرا. وما فتئ الأمين العام للحزب يؤكد بأن بلوغ الأهداف المرسومة يتطلب تجنيدا أكبر وتحركا أوسع وانفتاحا أعمق وإرادة أقوى، وهذا من منظور أننا اليوم أمام واقع يتنامى في الحياة السياسية لبلادنا، يتجلى في مجموعة حقائق، لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها. لذلك، كان الحرص على جعل كل القضايا ذات الصلة بتقوية الحزب، تحظى بالأهمية القصوى، في إعداد الحزب للمستقبل وتحصينه وحمايته من سلبيات الماضي ورواسبه وتأهيله لمواجهة التحديات. - وحدة الحزب هي أهم تحد يخوضه الحزب، وهذا من منظور أن جبهة التحرير الوطني حزب جامع، وأن مناضليه يلتقون حول أفكار وبرامج وسياسات. - إحداث القطيعة مع الرداءة وطرائق التسيير التقليدية والأفكار التي تجاوزها الزمن، من خلال عصرنة وتحديث الحزب، من خلال دعم الهياكل وتطوير الأساليب وتمتين التنظيم وبلورة الأفكار. - إلقاء الحزب إلى القاعدة النضالية، من منطلق أن جبهة التحرير الوطني هي حزب المناضلين، وهم وحدهم من يقررون مصيره ويصنعون مستقبله. - تجديد دماء حزب جبهة التحرير الوطني، من خلال انفتاحه على المحيط العام، إذ أنه لا يستطيع أن يستمر ويتطور دون أن يتجدد ويتغذى بالدماء الجديدة، في إطار التكامل والتراكم ، شريطة أن تكون هذه العملية بصفة طبيعية وليس بطريقة قيصرية. - فتح الأبواب أمام الكفاءات العلمية والنخبة المثقفة والطاقات الشابة والمبادرات المبدعة والإطارات المؤمنة ببرنامج الحزب وأفكاره، خاصة أن المدن الجزائرية وقراها وحتى مداشرها تعج بحملة الشهادات الجامعية، مما يفرض على الحزب الاقتراب منها وفتح نقاشات معها لاستمالتها وإقناعها بالانضمام إلى صفوفه واحتلال المواقع اللائقة، بالاعتماد على النضال والكفاءة والجدارة والاستحقاق. هذه بعض المعالم الكبرى لحزب جبهة التحرير الوطني في صورته الجديدة، ذلك أن ساعة الزمن في تغير دائم ولا يمكن أن يتأخر الحزب عن التحولات الجارية في محيطه القريب والبعيد أو تبقى عقارب ساعته متوقفة، خاصة وأنه يستعد لعقد مؤتمره العاشر في أجواء تتسم بالإرادة والتصميم على أن يكون هذا الحدث موعدا سياسيا هاما، يعطي إشارة الانطلاق لحزب موحد، متماسك وعصري، يملك مؤهلات القوة، باعتباره الحزب الأعرق والأكثر تجذرا في النسيج الاجتماعي للمجتمع.