لم يبق على حلول السنة الميلادية الجديدة إلا ساعات معدودات، حتى نرى المجتمع الجزائري يغرق في دوامة التقليد الغربي، حيث تجلت مظاهره في العديد من محلات وأزقة العاصمة، التي عرفت خلال هذه الأيام حركة نشيطة سادتها كل رموز الأعراف المسيحية، وكأن الاحتفال بالسنة الميلادية أصبح عيدا شأنه شأن الأعياد الدينية، متناسين بذلك قيم ومبادئ الإسلام، يزحفون خلف استثمار أجنبي يقوم بزرع ثقافته داخل مجتمعنا الإسلامي. المتجول بأحياء العاصمة، يلاحظ رموز المسيحية المحتلة لشوارعنا العتيقة والتاريخية، غير أن ما يلفت الانتباه هو هستيريا وحمى أعياد الميلاد التي أصابت المجتمع الجزائري الإسلامي، حيث اعتبر نفسه غير مستثنى من هذا الاحتفال العالمي الكبير، ودعا نفسه دون أية دعوة رسمية من أصحاب الاحتفال الأصليين، حال الجزائر حال الجاهل الذي يحشر أنفه في وليمة لا علاقة له بها، يرتاد على محلات بيع قوالب الحلوى"لابيش" بأشكالها وأنواعها، واختيار الهدايا الباهظة الثمن، ولم يصل الأمر إلى هذا الحد بل تطور- حسب الكثيرين ممن تحدثنا إليهم- إلى إرسال دعوات بين الأهل والأقارب للتجمع على مأدبة العشاء على شرف "بابا نوال" متخلين عن أصولهم وأعرافهم الدينية. في جولة قادتنا إلى ساحة الشهداء، أودان وديدوش مراد، نلاحظ ديكور جديد ينبئ بقدوم السنة الميلادية الجديدة، بتزيين واجهات المحلات بشجرة الميلاد والأضواء التي تجلب الأنظار، الملصقات ذات الألوان المختلفة وعبارات التهنئة، إضافة إلى محلات الحلوى التي زينت معظم مداخلها وواجهاتها بقوالب من الشوكولاطة، الأمر الذي أثار فضولنا لمعرفة مدى إقبال المواطن الجزائري عليها، وفي حديثنا مع عمي محمد، صاحب محل لبيع الحلويات بشارع ديدوش مراد، أكد أنه" يلقى إقبالا كبيرا للمواطنين أياما من قبل، أما كعكة الميلاد فيقول إنه يصنعها يوما أو يومين قبل حلول السنة الجديدة، مضيفا أن سعرها يتراوح ما بين 600 إلى 10 آلاف دينار" . أما محلات بيع مواد التجميل والعطور العالمية، وكذا الساعات وغيرها بساحة أودان، تلقى إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، بسبب التخفيضات المزعومة، والتي تبقى بالرغم من ذلك بعيدة عن متناول المواطنين ذوي الدخل الضعيف، يقول سيد علي صاحب إحدى هذه المحلات، "إنه يغتنم هذه الفرصة كل سنة لبيع منتجاته خاصة العطور العالمية، وكذا الألعاب كالدببة المزينة بأبهى الأغلفة وعلب الهدايا، التي تجذب أنظار المارين خاصة فئة الشباب منهم". وفي السياق ذاته، لم يفوّت الباعة والتجار بالأسواق الشعبية كساحة الشهداء، باب الوادي، فرصة الربح السريع في مثل هذه الأعياد، والمشاركة في عرض منتجاتهم ذات الطابع "الريفيوني" كعلب الحلويات والشكولاطة والمكسرات بأسعار معقولة جدا، شهدت إقبالا كبيرا، ونحن نسأل أحد الباعة، أكد بأنه "لا يفوت فرص الأعياد و المناسبات لتحقيق الربح السريع، مع عرض كل ما يستقطب الكثير من المواطنين".
استغناء الكثيرين عن لابيش رغم غلاء ثمنها الذي لا يقل عن ألف دينار، إلا أن ذلك لم يمنع الكثيرين من طلبها من بعض محلات بيع الحلويات التي اشتهرت بإعدادها في كبرى أحياء العاصمة بشارع ديدوش مراد وساحة أودان ، بينما تشهد كعكة «لابيش» الخاصة بنهاية هذه السنة، انخفاض الطلب عليها لكون الكثير من المواطنين استغنوا عن احتفالات نهاية السنة. تقول نسيمة: «أقصد بعض محلات بيع الحلويات بسوق باش جراح بغية اقتناء الطورطات التي لا يتجاوز سعرها 300 دينار، وإن لم تتوفر أنواع مختلفة منها، إلا أنها تناسب الكثيرين»، هذا ويفضل البعض من الناس اقتناء علب الشكولاطة التي تختلف أسعارها باختلاف نوعها، إضافة إلى المكسرات من فستق وبندق حيث تنتعش تجارة الحلويات مع نهاية كل سنة.
فرنسا، دبي، ايطاليا،..وجهات أوروبية تحتضن رأس السنة الميلادية أوروبا التي تستعد لاستقبال زبائنها في ليلة ليست كباقي الليالي والتي تكون بأسعار خيالية تقدر بالملايين، كيف لا والمناسبة تصادف عيد المسيحيين، وعواصمها التي تتحول إلى حانات وملاهي في الهواء الطلق، محطمة بذلك الأرقام القياسية في استهلاك الخمور وارتكاب المعاصي، وهذا ما يفعله المقلدون العميان عندنا فيتهيأ لهم أنهم انتقلوا لأعلى درجات الرقي، فتتحول فنادقنا ومطاعمنا لساحات الرذيلة لتوديع سنة بالآثام واستقبال أخرى بفقدان آخر قطرات الحياء من جبينهم. إذا كان البعض يفضل تمضية ليلة رأس السنة وراء شاشة التلفاز أو مع العائلة، فإن البعض الآخر لم يأب إلا أن يعيش الحدث على المباشر وكما يجب، ففضلوا الاحتفال خارج الحدود في سباق مع الوكالات السياحية ممن عملت على تنظيم رحلات إلى مختلف الدول، لجلب أكبر عدد من الزبائن، لتمضية ليلة واحدة فقط بأبهظ الأثمان كي يحلوا لهم السهر والسمر بحرية وذوق خاص. وللتعرف أكثر على ظروف الحجز وأهم الدول التي يقصدها البعض للاحتفال بنهاية السنة، قصدنا إحدى وكالات للسياحة بباب الوادي، أين أكد لنا المسؤول عن الاستقبال أن الوكالة نظمت رحلات إلى كل من تونس، مراكش إضافة إلى تركيا التي عرفت إقبالا كبيرا، في حين أخذ الحجز للسفر لأوروبا حصة الأسد في عدة وكالات للسياحة برويبة والدار البيضاء ضمن قائمة الرحلات في العديد من الوكالات السياحية. حسب مسؤولي الاستقبال خصوصا إلى فرنسا PARIS، اسبانيا MADRID وايطاليا ROME، هذه الأخيرة أصبحت قبلة للعديد من السياح الأجانب للاحتفال برأس السنة الميلادية، وعن أسعار التذاكر، فقد شهدت ارتفاعا محسوسا مقارنة مع ما كانت عليه سابقا، إضافة إلى غلاء التذاكر التي لم تمنع البعض من السفر وحجتهم في ذلك أن للبلدان الأوروبية طابعا خاصا في إحياء «الريفيون»، ورغم أن بعض وكالات السفر على غرار "ايديالو" لم تخصص تنظيمات خاصة بها ولم تقدم تخفيضات لقضاء رأس السنة الميلادية، مع ذلك أكد لنا أصحاب الوكالات أنها منذ انطلاق تسجيلات الحجز التي بدأت من 2 إلى 16 ديسمبر امتلأت والمقاعد حجزت خاصة كازابلانكا بالمغرب وتونس و تركيا الوجهات المفضلة لعديد من الراغبين في إحياء رأس السنة الجديدة بالخارج، أما عن أسعار تذاكر الطائرة فقد تباينت نوعا ما فكازابلانكا ب 26.000دج، تونس ب 28.000 دج، برشلونة قدر ثمن التذكرة ب 21.200دج كما اعتبرت تركيا أغلى مكان وبلغ سعر تذكرة الطائرة إلى اسطنبول ب 47. 436 دج، دون احتساب سعر التأشيرة وتكاليف الفندق طيلة مدة الإقامة. من جهته، تشهد " دبي" و"اسطنبول" بشكل نسبي تشكل الوجهات الرئيسية للسياح الجزائريين خلال نهاية السنة، وعلى غرار الملايين من العالم تستقطب الألعاب النارية لبرج خليفة وجزيرة النخلة في دبي آلاف الجزائريين من ذوي الدخل المرتفع في حين أصبحت العواصم الأوروبية وعلى رأسها باريس محط جذب للجزائريين بعد تيسير الحصول على التأشيرة مقارنة بالسنوات الماضية. وبخصوص الزيادة في أسعار التذاكر، أكد مسؤولوا الاستقبال في بعض وكالات السفر على غرار الهناء، سعدون،..«السبب الوحيد في زيادة الأسعار هو الحجز في آخر اللحظات. أي أنه في حال قام الراغبون في السفر بحجز التذاكر قبل الموسم بشهرين أو أكثر، تكون الأسعار ثابتة ولا ارتفاع فيها كما هو الحال لدينا كمكتب الهناء، حيث نقوم بترتيبات الحجز قبل الموسم بمدة كافية جدا لتفادي ارتفاع الأسعار، ومستويات أسعار تذاكر الطيران لشركات مختلفة معقولة باستثناء زيادات طفيفة على بعض الرحلات المتجهة إلى وجهات معينة في أوروبا»، موضحين أنه «في الوقت نفسه، نتوقع أن ترتفع أسعار الحجوزات الأخيرة بمستويات كبيرة في ظل الطلب الكبير على بعض المحطات».
الملاهي قبلة بعض الشباب لقضاء ليلة نهاية السنة تعددت الأماكن والاحتفال واحد، و اختلفت الرؤى وتباينت الآراء والاتجاهات فيما يخص ليلة 31 ديسمبر من كل سنة، ف"عمر طالب جامعي" يقول: "أنه يستعد لقضاء هذه الليلة بالكورنيش الوهراني كما اعتاد هو ورفاقه، بملهى ليلي تحت إيقاع الموسيقى و الرقص أما هذه السنة يقول أنه وجهته إلى المغرب أو تونس لقضاء السهرة خارج الوطن، كون الحماس يزداد أكثر هناك فلا بد من التفريغ والترويح عن النفس" وتوافقه الرأي أمال طالبة والتي طالما تتمنى حضور حفل رأس السنة، غير أن عائلتها المحافظة تمنعها من ذلك، وتقول أمال أن والدها يعتبر الاحتفال بعيد الميلاد حراما، وتقول أنها إذا سنحت لها الفرصة يوما ما فلن تضيعها لأنها تجبر كل سنة على قضاء العيد في بيتها ودون أبسط صور الاحتفال كما يفعل جميع الناس". وفي هذا الصدد، يقول أحد الشباب:" البعض يفضلون قضاء ليلة رأس السنة بأحد أكبر الملاهي، أين يحتسون الخمر ويرقصون حتى الفجر، وإذا كان البعض يقصدون ملاهي وهران، فإن آخرين يفضلون الانتقال إلى عنابة أو بالأوكار التي تعودوا الاجتماع فيها، حيث يقول رضوان: «تعودت أنا وأصدقائي قضاء ليلة السنة بأحد الملاهي الليلية، أين يشهد هذا الملهى إقبالا كبيرا من كلا الجنسين، لقضاء ليلة نهاية السنة في أجواء تملؤها الخمور والرقص على أغان يحييها فنانون و إمضاء ساعات متواصلة في الرقص بعيدا عن الجو العائلي رسمي، ولكل زمان خصائصه، نحن نعشق الصخب التي تقام في كل مكان على شرف السنة الجديدة آملين بأن تكون سنة أفضل من التي سبقتها.»، لتبقى الحوادث الناجمة عن حالات السكر مرشحة الحدوث من حوادث مرور، شجارات، اعتداءات جسدية، وفي هذا الصدد وجدنا اختلافا كبيرا داخل العائلات الجزائرية، إذ صرحت لنا ربة بيت أنها بصدد التحضير لقضاء ليلة رأس السنة في منزلها رفقة زوجها وأطفالها كما جرت العادة تحضر مائدة متنوعة وغنية وبعدما تعد الثواني الأخيرة لحلول السنة الجديدة، هي وأسرتها يقسمون حلوى لابيش ويشربون العصير للاحتفال في أجواء عائلية بسيطة ، قصد الترويح عن النفس، إبهاج الأولاد وتغيير الأجواء الروتينية دون شرب الخمر أو تشغيل موسيقى صاخبة، لأن إحياء ليلة الميلاد اعتقاد مسيحي وعادات غربية ولكل طريقته في الاحتفال حسب شخصيته وعقليته. اقتربت "صوت الأحرار" من بعض الفئات الاجتماعية للغوص في مثل هذه العادات التي ترسخت في أذهان المواطن الجزائري، حيث رفض مواطنون تماما التبعية للمسيحية التي تحاول تدنيس مجتمعاتنا، حيث عبرت إحدى السيدات عن سخطها وأسفها الشديدين، للوضعية المخزية التي آلت إليها مجتمعاتنا الإسلامية التي تخلت عن شرف مبادئها لتطرح تساؤلات "هل النصارى يحتفلون بأعيادنا الدينية ؟،وهل يعتقد هؤلاء أن سلوكاتهم السخيفة هذه ستنقلهم إلى المستوى الراقي؟”، وهو نفس الرأي المعبر عنه من قبل بعض المواطنين الذين أكدوا بأن هذه المناسبة لا تعنيهم على الإطلاق، منتقدين بذلك رموز المسيحية المحتلة لشوارعنا العتيقة والتاريخية خلال السنوات الأخيرة، مطالبين في نفس الوقت أنه يجب محاربة هذا الفيروس الذي ينهش مجتمعاتنا الإسلامية.
الشريعة حرمت للمسلم الاحتفال برأس السنة و السنة تنهي عنه الدين: أكد الشيخ وإمام مسجد حي رابية الطاهر بباب الزوار أنه لا يجوز لأحد من المسلمين مشاركة أهل الكتاب في الاحتفال بعيد الكريسماس وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا . وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً إلى جميع الخلق، وقال فيه : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) } أم فيما يتعلق بسيدنا عيسى عليه السلام فالمسلم يؤمن بجميع الرسل بدليل" لا نفرق بين أحد من رسله"، وأضاف ذات المتحدث أن الإيمان يقتضي أن لا نقع في المخالفات والمحرمات وتبذير الأموال وقضاء الليالي خارج البلاد بتكاليف باهظة ومرتفعة فقط تقليدا وإتباعا لأهل الكتاب المسيحيين واليهود ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم .