لماذا لا نحتفل برأس السنة الهجرية كما نحتفل برأس السنة الميلادية؟ سؤال قد يطرحه البعض منّا باعتبار أن المسيحيين يحتفلون برأس سنتهم بل وحتى المسلمين يحتفلون برأس السنة الميلادي. فلماذا لا يحتفل المسلمون برأس السنة الهجرية أيضا. فالإحتفال برأس السنة الهجرية هي سنّة لم يضعها الرسول (صلى الله عليه وسلم) لكي نلتزم بتطبيقها فكم من عادة سنّها نبينا ولم نلتزم بها. فالكثير منا يطرح السؤال اليوم هل الإحتفال برأس السنة الميلادية، حديث ورد أم آية نزلت؟ وقد يستنكر البعض هذا الرفض لهذا الإحتفال باعتباره من المباحات كغيره من الأمور المباحة، لكننا نقول أنه ولو بقي الأمر في دائرة المباحات لما اعترضنا، فالجميع يعلم بل ويشاهد أن المحتفلين من المسلمين يستخدمون أساليب محرّمة مثل الغناء، الرقص واحتساء كل أنواع الخمور فضلا عن تناول المخدرات، مقلّدين بذلك المسيحيين وغيرهم ممن يحتفلون برأس السنة الميلادية. أما الإحتفال برأس السنة الهجرية فإن كان لأجل كونها رأس سنة، فهذا تقليد واضح للغرب والمسيحيين ليس إلا، فالتقليد للمسيحيين في احتفالاتهم برأس السنة تقليد شيطاني وليس تقليد ديني. فأول من احتفل برأس السنة الهجرية هم حكام الدولة العُبَيْدية (الفاطمية) بمصر. وبولاية وهران وجميع ربوع الجزائر خاصة وكل البلدان الإسلامية عامة تتشابه الإحتفالات بها برأس السنة الميلادية، بحيث تكون الشوارع مزدحمة منذ الفترة المسائية إلى غاية الساعة الواحدة صباحا لدرجة أنك لا تستطيع أن تبصر من شدة الإزدحام في الشوارع في هذا الوقت من السنة بحيث يكثر استخدام الألعاب النارية والإستماع إلى الموسيقى الصاخبة والتي قد يسمعها السامع على بعد. التقليد الأعمى وللإشارة أنه يحرّم على المسلمين التشبّه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى. أو أطباق الطعام، أو تعطيل الأعمال لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): »من تشبّه بقوم فهو منهم«. وفي ذات السياق تجدر الإشارة إلى أن العلماء المسلمين أكدوا بأن الصورة الحالية لاحتفالات السنة الميلادية ما هي إلا تقليد أعمى للغرب وحسبهم أن أي مسلم يقوم بها إنما هو ناقص الإيمان بالله. وبالتالي فإن الإحتفال بميلاد المسيح بهذه الصور البشعة مخالفة شرعية ليس في الإسلام فقط، وإنما في جميع الديانات السماوية، بحيث أن السيد المسيح دعا إلى توحيد الله وتحقيق الأمن والأمان وحرم القتل وشرب الخمر والزنا. فكيف إذن يكون الإحتفال بميلاده من أصحاب ديانته بشرب الخمر والرقص وممارسة الفحشاء وقد نهانا الله ورسوله وجميع الأنبياء عن هذه الأفعال المحرّمة التي تنجر عنها آفات إجتماعية تضرّ بالمجتمع. وقبيل الإحتفال بهذا العيد الذي لا يمتّ للمسلمين بصلة بدأت شوارع الباهية وهران وسكانها يتأهبون للإحتفال برأس السنة الميلادية، فتجد وأنت تجوب أزقة الباهية، الحلّة الجديدة التي أضحت عليها واجهات المحلات فهذه مكتوب عليها عام سعيد 2011، وأخرى لم تجد في اللغة العربية نفعا واتخذت من اللغتين الفرنسية والإنجليزية لغة لها فراح أصحابها يكتبون »Happy new year« وكذا »Bonne Année«، وأنت تدخل هذه المحلات تجد الكم الهائل من الهدايا المخصصة للبيع والمعبّرة عن التهاني بمناسبة العام الجديد فهذه قلوب مصنوعة من البلاستيك وأخرى من القماش مكتوب عليها عبارات تهزّ المشاعر وكأن هذا اليوم الوحيد المسموح فيه بقولها والتعبير عن الأحاسيس المكبوتة، هذا فضلا عن عرض بطاقات التهاني التي تختلف كل واحدة عن الأخرى، من حيث الشكل والمضمون فضلا عن الشمس إذ تتراوح أسعارها ما بين 200 إلى 600 دينار جزائري، فهناك ما كتب عليها كلمتين فقط وهناك ما تم تدوين عليها سطرين فقط، زيادة على عرض عبر كل هذه الفضاءات التجارية مختلف أنواع الأزهار لا سيما منها الورود الحمراء التي يتبادلها العشّاق والذين يستغلون فقط هاته المناسبات للتعبير عن مشاعرهم. »لابيش« حاضرة يوم 31 ديسمبر أما عن محلات بيع الحلويات فهي الأخرى تأهبت لتكون في الموعد وتلبي رغبات المواطنين الذين بدورهم بدؤوا من الآن يحجزون لصنع الكعكات والمعروفة عندنا ب »لابيش« بحيث أنه ومن خلال جولة إستطلاعية قمنا بها لكل من شارع العربي بن مهيدي ومحمد خميستي وبالضبط إلى محلات بيع الحلويات وجدناها فارغة من هذا النوع من الحلويات، إلا البعض منها، والتي كانت تعرض بعض الكعكات والتي أفاد أصحابها بأنه تم صنعها للإحتفال بعيد »البابا نوال«، فعجيب هو أمرنا نحن المسلمين بحيث أصبحنا لا نغفل عن أية مناسبة خاصة بالكفار، في الوقت الذي اضحينا نقتل أعيادنا الدينية يوما بعد يوم وكأنه لم يبق لها سوى القليل، حتى تندثر وتنزاح، وعن الكعكات المخصصة لرأس السنة الميلادية، أبرز لنا صاحب أكبر محلات بيع الحلويات على مستوى وسط المدينة، بأنه يصنع حلوة لابيش يوم 31 ديسمبر فقط، وذلك حتى يبيعها في ذلك اليوم، مبرزا بأن هنالك العديد من الزبائن الذين حجزوا لأنفسهمكعكات من الآن، هذه الأخيرة التي تختلف أسعارها حسب الحجم والشكل، إذ يبلغ سعر أصغر »بيش« 600 دينار جزائري، فيما تختلف الأسعار من 800 دج إلى 900 دج و1200 دج إلى غاية 3500 دينار جزائري وذلك كما سبق وذكرنا آنفا حسب الحجم. وما يجدر الإشارة إليه وكون الإحتفال برأس السنة الميلادية هذا العام تزامن مع عطلة الشتاء، استغل بعض الأطفال هذه المناسبة وراحوا يساهمون كذلك في بيع بعض المنتوجات الخاصة بالإحتفال بهذه المناسبة، فتجدهم يلاحقون المارة عبر الشوارع راجيين منهم إقتناء هذه السلع التي يعرضونها بأثمان تتراوح ما بين 70 دينار و200 دينار جزائري. فنادق فاخرة بأسعار جنونية وعن أماكن الإحتفال على مستوى ولاية وهران والتي يتوافد عليها الزبائن حتى من مختلف الولايات المجاورة فقد كانت لنا جولة تفقدية لبعض الفنادق الفاخرة بالباهية، أين أفادت بعض المصادر أن نسبة الحجز هذه السنة لم تبلغ بعد 50٪ مقارنة بالسنوات الفارطة بالرغم من إمتيازات التي تم تسطيرها هذا العام والمتمثلة في التخفيضات المتعلقة بالأشخاص الذين يرغبون في حجز غرف أو أجنحة خاصة بهذه الفنادق، إذ وبعد إطلاعنا على برنامج إحدى الفنادق الفاخرة والمتموقعة بوسط المدينة لاحظنا بأن ثمن الإحتفال فقط بهذا الفضاء من دون إحتساء المشروبات يوم 31 ديسمبر الجاري يقدر ب 23 ألف دينار جزائري أما عن أماكن أسعار الغرف التي كان ثمنها خلال سائر الأيام خياليا، فإنه انخفض إلى الضعف بمناسبة الإحتفال برأس السنة الميلادية، إذ بلغ ثمن قضاء ليلة بغرفة فاخرة 7 آلاف دينار جزائري، أما عن الأجنحة فتراوحت أثمانها ما بين 10 آلاف و15 ألف دينار بعدما كان سعرها 40 ألف دينار أو أكثر. علما أن هذه المصاريف تأتي من دون إطعام، الذي هو الآخر تختلف أسعاره حسب النوع بحيث وخلال ذات اليوم يتم تقديم كل ما لذّ وطاب من الأطعمة، وحتى الفنادق الأخرى سطرت برامجا خاصة في هذا اليوم والتي تتراوح أسعارها ما بين 6 آلاف و9 آلاف دينار جزائري، علما أنه وحتى الأطفال لم يتم إهمالهم من أجندة الإحتفال والأسعار إذ يقدر ثمن التذكرة الخاصة بالأطفال 4500 دينار جزائري. ومن جهة أخرى، يجدر التنبيه أن هذا العام دخلت قاعات الحفلات حيّز الخدمات من الباب الواسع والتي سطرت هي الأخرى برنامجا خاصا، علما أن الدخول هو الآخر إليها ذو ثمن والذي يتراوح ما بين 3 آلاف و4 آلاف دينار جزائري، من دون مشروبات. علما أن هذه المستحقات والتي سبق وذكرناها آنفا ما هي إلا خاصة بالدخول فقط والرقص على أنغام بعض المطربين المشهورين بولاية وهران. ناهيك عن موسيقى »الدي جي«. وليت الأمر يقتصر بالإحتفال بهذا اليوم على هذا الشكل والمنوال فقط، وإنما يتجاوز ذلك بالإتجاه إلى الكورنيش الوهراني أين تتركز الملاهي الليلية كالفطريات، وهو الأمر الذي سينجر عنه وككل عام حوادثا مختلفة نتيجة إكتساح مختلف أنواع الكحول لكلا الجنسين، فضلا عن ممارسة الرذائل، ففي هذا الإطار تفتح الفنادق الكائنة بالطنف الوهراني، والتي تستقبل كل من هبّ ودب أبوابها، كون اللهم الوحيد لملاّكها هو الربح ثم الربح السريع على حساب الرذائل والفحشاء والمنكر. وللإشارة فمحلات بيع المأكولات الجاهزة هي أيضا بدأت تتأهب لعرض منتوجاتها من لحم محمّر، ودجاج مشوي... فضلا عن عرض مختلف أنواع الفواكه ليتم تمضية وقضاء رأس السنة في ظروف حسنة وجيّدة. هذه هي إذن المصاريف التي ستخصص خلال هذا اليوم والتي قد تكلّف 40 ألف دينار جزائري بالنسبة للفرد الواحد هذا الأخير الذي من المستحيل أن يقضي هذا اليوم بمفرده، وإنما يحتاج إلى رفاق لكي يرسخ ذات اليوم في الذاكرة بالنسبة لهم جميعا. سنويا يتم إبتكار أغراض جديدة خاصة بالإحتفال بهذا اليوم والمتمثلة مثلا في تسطير حفلات مقنّعة وهكذا إذا نستطيع القول بأنه لم يتبق لنا سوى أن نغير اللغة حتى نصبح من قوم الكفار بنسبة مائة بالمائة لأنه لم يعد يفصلنا عنهم سوى أعدادا قليلة لنصل إلى المبتغى. وللإشارة الخطوط الجوية الجزائرية هي الأخرى كانت في الخدمة، كون هناك العديد من سكان الباهية وهران يرغبون في تمضية هذا اليوم في بعض المناطق الصحراوية، كالأطلس الصحراوي أو منطقة تاغيت بولاية بشار، كون هذه الفضاءات تضم أجمل غروب شمس في العالم. وبالتالي تبقى وهران نقطة من البلدان الإسلامية التي أضحت تواكب الدول الغربية في احتفالاتهم سنويا، علما أنه وبالنسبة لهؤلاء المحتفلين المسلمين أن كل من لا يدخل معهم في هذه الأجواء من الإحتفالات فهو متخلّف ولم يواكب الركب الحضاري. فهذا اليوم سيقضيه المحتفلون على أكمل وجه بحيث منهم من يقتصر قضاءه في البيت فقط مع أفراد العائلة تحت شعار »المهم المشاركة« لتجد كل هؤلاء الأشخاص يشتكون في اليوم الموالي من تدني القدرة الشرائية وضعف الأجر القاعدي بينما من لا حظهم في اليوم السابق يظن بأنهم من طبقة الأثرياء فكفانا وكفاك تشبها بالكفار يا مسلمين ونهديكم المثل التالي : »يالمزوق من برا واش هو حالك من الداخل«