استفاق العاصميون أمس على وقع ثلاث هزات أرضية عنيفة أدخلت أغلبهم في جو من الذعر والخوف بعد أن أعادت إلى أذهانهم مشاهد مخلفات الكوارث الطبيعية التي عايشوها في السنوات الأخيرة، ما جعل أغلبهم يتيقن من أن المنطقة معرضة لنشاط زلزالي كثيف، مما أدى إلى بروز التحضير النفسي لمثل هذه الكوارث وانتشار ثقافة الوقاية من الزلازل وهو الأمر الذي رصدته »صوت الأحرار« من خلال الاستطلاع الذي قامت به. بعد الهزات الأرضية التي شهدها سكان العاصمة صباح أمس خرجت »صوت الأحرار« إلى شوارع العاصمة لاستطلاع الرأي العام حول الموضوع ولرؤية ما إذا كانوا يكتسبون ثقافة زلزالية وقائية ويحسنون التعامل مع مثل هذه الكوارث الطبيعية، والبداية كانت من الحي العتيق »القصبة« أين قابلنا السيدة إلهام التي أكدت لنا أنها تعودت على الزلازل خاصة في الفترة الأخيرة التي عرفت نشاطا كبيرا لهذا لم تعد تتهور ولا تبارح مكانها وقالت في هذا الشأن: »والله تعودنا، عندما أحس بهزة أرضية أجمع أولادي ونبقى في زاوية واحدة ولا نبارح البيت، فلم يعد هذا شيء جديد«. وتشاطرها الرأي الحاجة فاطمة الزهراء التي تقطن بأحد العمارات المهددة بالانهيار بالقصبة أخبرتنا أنها تعتبر الزلزال كارثة طبيعية ومشيئة إلهية لا يمكن التهرب منها، وأضافت قائلة: »منازلنا هشة وهي مصنفة في قائمة البيوت التي يجب أن تهدم، لكن رغم هذا لا نغادرها عندما نشعر بهزة أرضية، إلى أين نهرب من قضاء الله وقدره؟، والهزة لن تمنحنا الوقت لنهرب، كل ما نستطيع القيام به هو التكبير والنطق بالشهادتين«. وقالت أن الأطفال هم من يرتعبون كونهم لا يدركون ما يحدث، والشيء الايجابي الذي أثنت عليه الحاجة فاطمة الزهراء هو التوعية والحملات التحسيسية التي تقوم بها وسائل الإعلام والتي عرفت العديد من المواطنين بالسلوكات الصحيحة التي عليهم انتهاجها خلال الزلزال، »أفهمونا بأنه علينا تفادي السلالم والشرفات كما يمكننا الاحتماء عند إطارات الأبواب أو تحت الطاولات«. وغير بعيد على مكان عبد الكريم قابلنا فضيلة رفقة ابنيها فاستوقفناها وعلمنا منها أنها تقطن بحي »القصبة« من الجهة العليا، قالت لنا أنه عندما يضرب الزلزال لا يسعها سوى الدعاء والتذرع إلى الله »ماعندنا وين نهربوا، بيوتنا هشة صحيح، لكن الزنقات كلها مشدودة بالكالات فالخطر خارجا أكثر منه داخل بيوتنا، وما تعلمناه هو الابتعاد عن كل ما هو عرضة للسقوط«، ونحن نكلم فضيلة قاطعتنا سليمة وزوجة ابنها حياة أرادتا أن تشاركا في الموضوع. فأخبرتنا سليمة أنهما تقطنان بالطابق الثالث بأحد عمارات حي »رونفالي« التي مر على بنائها أكثر من 50 عاما لكن رغم ذلك لا يغادرون شققهم مهما كانت شدة الزلزال الذي يضرب كونهم تعودوا على الأمر وهم مطلعين على أساليب التصرف أثناء حدوث زلزال أو أية كارثة طبيعية أخرى، وأضافت حياة: »عندما شعرت بالهزة صباحا توجهت مباشرة إلى إطار الباب وبقيت هناك أنتظر الهزات الارتدادية، شعرت بالخوف طبعا لكني لم أبارح البيت حتى الآن فما بيدنا حيلة سوى الدعاء«. الأطفال أيضا كان لهم نصيب من استطلاعنا، حيث قابلنا كنزة، تلميذة بالطور المتوسط وجدناها بمحل والديها ب»ساحة الشهداء«، أعلمتنا أنها تخاف كثيرا من الزلازل لدرجة أنها تفقد صوابها وترفض دخول البيت إلى حين مرور وقت بعد الهزة، كما أطلعتنا على أنها تعرفت في المدرسة على السلوكات والممارسات الوقائية من الكوارث الطبيعية بما فيها الزلازل والتي لخصتها لنا فيما يلي »نصحونا بأن نحتمي تحت الطاولات وإطارات الأبواب، وأن نبتعد عن الجدران قدر المستطاع وعن السلالم والشرفات لأنها أول ما يكون عرضة للسقوط، كما علينا أن نتفادى الصراخ والتدافع«. من جهة أخرى هناك من المواطنين من يسيطر عليهم الارتباك والهلع والهروب لأنهم غير مهيئين للتعامل مع الهزات الأرضية بنفسية هادئة وليست لهم دراية بكيفية تسيير الكوارث، هو حال عبد الكريم الذي قابلناه عند مدخل حي »باب الواد« علمنا منه أنه خرج إلى الشارع بعد أن أحس بالهزة التي ضربت صباحا ولا يزال تحت وقع الصدمة حيث عرج قائلا: »أرتبك كثيرا عندما أحس بالزلزال وكل ما يخطر على بالي حينها هو التكبير والتشهد، وأصبح لا أستطيع التحكم في تصرفاتي، أنا هنا منذ الصباح ولم أستطع الصعود إلى البيت أو القيام بأي عمل، والله لم نفهم شيئا تقريبا كل يوم زلزال الله يجعل الخير«. اتضح إذا أنّ الهزات الأرضية المتكررة التي شهدتها مؤخرا عدة مناطق من الوطن كانت سببا في نشر الثقافة الوقائية من هذا النوع من الكوارث وغرست في العديد منهم فكرة اعتناق التعايش مع الزلازل والهزات بعد أن أيقنوا أن هذا يلعب دورا أساسيا في الحد من الأضرار التي يسببها الارتباك والرعب .