أكد السفير الفلسطينيبالجزائر لؤي عيسى في حوار خص به "صوت الأحرار"، أن الجزائر دفعت ثمنا لوقوفها مع القضية الفلسطينية.. وأوضح أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قدم عدة اقتراحات لنظيره الفلسطيني الرئيس محمود عباس خلال زيارته الأخيرة، وكشف عن قرار السلطة الفلسطينية بعدم العودة إلى المفاوضات مع الكيان الصهيوني واشتراط فترة محددة الزمن وتؤدي إلى دولة فلسطينية، على أرضية القرار الذي اتخذ في الجزائر عام 1988 والقاضي بإقامة الدولة الفلسطينية في المناطق المحتلة على حدود1967 ، مشددا على ضرورة تفعيل المصالحة الوطنية و إجراء انتخابات دون شروط مسبقة .
باشرتم مهامكم منذ أشهر كسفير لدولة فلسطينبالجزائر، وكان لكم لقاء مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، كيف كان اللقاء مع الرئيس؟ أولا، أنا جئت للجزائر منذ ستة أشهر ونصف، وتصادف تسلم مهامي مع العدوان الصهيوني على فلسطين، لقد حملت على أكف أهلي في الجزائر وشعرت باعتزاز كبير، لهذا التضامن الذي أبداه إخواني الجزائريون ، بمختلف فئاتهم وأعمارهم، ونحن نواجه المجزرة الصهيونية، وقابلت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد فترة، حيث كان لقائي به يوم 16 نوفمبر الماضي، الذي تزامن مع إحياء ذكرى إعلان الدولة الفلسطينية في الجزائر، وكنت حينها شبه متأكد أن الرئيس بوتفليقة سيستقبلني في ذلك اليوم، بحكم أن إعلان ميلاد دولتنا صناعة جزائرية، اللقاء كان لقاء أب لابنه، قائد فلسطيني اسمه الرئيس بوتفليقة وهو ليس قائدا جزائريا فحسب وإنما هو قائد عربي وإنساني، يمثل الثورة الجزائرية بكل مراحلها بما مثلته في مكافحة الاستعمار وأشكاله وبما قدمته لحركات التحرر في العالم من سند ودعم على كافة المستويات، ولا يزال الرئيس بوتفليقة قائدا من قيادات التحرر، له بصماته على الثورة الفلسطينية في كافة مراحلها . كان لقائي بالرئيس فرصة للحديث بكل انفتاح حول جميع القضايا بالرغم مما كان يشاع على صحته، وتحدث بكل شغف وحب وتقدير واطلاع عن كل صغيرة وكبيرة تخص فلسطين، وقدم لي مجموعة من النصائح القيمة. ولذلك أقول دائما إن الرئيس المجاهد الجزائريالفلسطيني مسكون بفلسطين، فالرئيس بوتفليقة يشعر أنه قائد يواجه الظلم، انظري كيف استقبل الرئيس أبو مازن وكيف كان الحديث بينهما وجلسنا كعائلة وليس كرؤساء، تحدثنا عن شؤون الأمة وقضاياها ومشاكلها، دون التقيد بالبروتوكول، تكلمنا بانفتاح وعندما باشرنا عرض الاقتراحات بدأ الرئيس بوتفليقة يعدّل ويقول اعملوا كذا وكذا، فهو يجد نفسه في فلسطين أكثر من أي مكان آخر .
دائما يشيد المسؤولون الفلسطينيون بالموقف الجزائري تجاه القضية الفلسطينية، ما الذي يميز موقف الجزائر؟ ما يميّز موقف الجزائر هو الصدق، لا أريد أن أقول أنها الدولة الوحيدة ولكن من الدول القليلة جدا التي لم تقبض على حساب فلسطين ولم تتغط بها لا داخليا ولا خارجيا بل بالعكس دفعت ثمنا لوقوفها مع قضيتنا وهذا نابع طبعا من فهمها لما تمثله فلسطين بمركزية صراعنا من أجل وحدتنا وسيطرتنا على ثرواتنا وإنسانيتنا المسلوبة من هذا العالم الظالم، نحن نُقتل ونُتهم، نحن ندعو للسلام ويتهموننا بالإرهاب نحن نتهم بأي شيء ليستمر عدوانهم علينا ولتستمر سيطرتهم على أراضينا ولتطول فرقتنا .
تتواصل جرائم الكيان الصهيوني من تهويد واستيطان وحصار على الفلسطينيين، في وقت يتقاعس العرب على مد يد العون لإخوانهم، كيف يواجه الشعب الفلسطيني كل هذا العدوان؟ هذا ليس شيئا جديدا، للأسف الحالة العربية تتدهور تاريخيا من يوم لآخر، انظري كيف بدأ المشروع الصهيوني في فلسطين وكيف تنامى، وإلى ثوراتنا الفلسطينية المتعاقبة أهمها 1936 التي استمر فيها الإضراب 6 أشهر. من الذي أنهاه، أنهته رسالة من الملوك والرؤساء العرب تطلب من الفلسطينيين وقف الإضراب العام والوثوق في حكومة صاحبة الجلالة بريطانيا بقدرتها على حل مشاكلنا في فلسطين، ووجوب الوقوف معها لتتفرغ إلى أزمتها الدولية ومواجهتها ألمانيا، هذا نموذج لا يزال يتكرر إلى يومنا هذا، انظري معركة 1948 كيف تمت وكيف استولى الصهاينة على أراضينا، الأماكن التي كنا فيها كمقاتلين لم تسقط، لكن سقطت تلك التي دخلتها الجيوش العربية والتي انسحبت على أرضية التقسيم دون قتال، وبالمقابل نحن نؤمن أن العرب أنظمة وحكومات وشعوبا مع فلسطين، لكن الأمور تزداد سوءا وتفتتا، في غياب وعي عربي، كل شعب له قضاياه، له طموحه بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لا أستطيع أن أؤمن كفرد حتى لا أقول ليس كسفير أن أنتزع حقوقي بمساعدة عدوي الذي سلبني إياها، لا يمكن أن أحقق ذلك على ظهر دبابة أمريكية أو فرنسية لأنها وجدت أصلا لتسلبني هذه الحقوق، عدوي له هدف آخر أن يستغلني ثم يرميني، مثلما حصل في ليبيا التي وبعد أن أسقط النظام فيها ونشبت الحرب رفع الغرب أيديهم وتركونا نتقاتل شيعا وقبائل والكل يمد الكل بالسلاح، موقف الجزائر من هذه المسألة كان واضحا فقد دعت إلى الحوار والمصالحة، لكن للأسف لا توجد عقلنة، في ظل الفوضى الخلاّقة التي طرحها الغرب لكي نتفتت ونتجزأ وأن لا تنتهي صراعاتنا الصفرية دون أن يتمكن أحدنا أن يحسم هذه الصراعات التي تدمرنا وتجزؤنا، هذه هي حال الأمة، نحن نتألم . هناك مسألة فكرية مهمة، عندما قسمت المنطقة في سايكس بيكو كنا نريد دولا غير ذلك لكن مع الوقت والزمن، صارت مهمتنا المحافظة على نتائج سايكس بيكو وصرنا نقاتل من أجل المحافظة على نتائج هذه المسائل بينما العدو الخارجي بدأ يفكر ببدائل للاتفاقية التي هي مزيد من التقسيم باعتبار أن سايكس بيكو انتهت، على الأرض قام الغرب بإعادة ترسيم المنطقة بدول وملامح جديدة لكن الفرق أننا نحن أدواتها، طموحنا لنغير الظلم ولنحقق الديمقراطية، يستغل من أجل هذه الحالة تحت بند قاعدة أساسية الفوضى الخلاّقة التي جمّلت وسميت الربيع العربي . نحن نؤمن أن قوتنا هي قوة الشعب الفلسطيني وليست قوة فصائله، لأن معركتنا معركة وجود وليست معركة حدود، وهذا الذي تجسد عبر مفهومنا الجزء الأساسي من الانتصار، يتحقق عبر تثبيت الشعب الفلسطيني في أرضه، باعتبار أن معركة هذه المنطقة فلسطينية أو غير فلسطينية، ولذلك إذا استطعنا أن نوفر كافة العوامل لمنع التهجير نكون قد خضنا النقطة الأساسية لصمودنا، 50 بالمائة من سكان هذه الأرض التاريخية بالرغم من التهجير والقتل يخوضون معركة مع الصهاينة بآليات مختلفة، سواء في الأراضي المحتلة 1948 أو في غزة أو في الضفة والقدس وفي الشتات . أسلوبنا في الصراع يعتمد على اختراع آليات تتناسب مع المرحلة، الهدف لا يتغير وإنما تتغير الأساليب، نعبر عن آلياتنا المناسبة في الصمود، بدأنا بالكفاح المسلح كأسلوب استمرينا فيه عندما طردنا من إخواننا العرب في كافة المواقع، لجانا إلى العمليات العسكرية عبر البحر وغيرها وعندما أغلق البحر لجأنا إلى الحجارة وبعد ذلك عندما تخلى عنا إخواننا العرب عبر مؤتمر مدريد بعد هزيمة العراق وشطبوا منظمة التحرير الفلسطينية وقالوا الحل عبر الأردن، كان لابد من آليات أخرى واعتمدت، ونفهم أن التفاوض بآلياته هي آليات نضالية وليست آليات استسلامية . طبيعة التجربة الجزائرية تختلف عن طبيعة تجربتنا، أنت عندك إمكانيات الكفاح المسلح. أنا عندي غير موجودة، أغلقت الحدود والمناطق، تجزأت المناطق الفلسطينية. إخواننا العرب دخلوا في اتفاقيات، ما هي الآليات التي يجب أن نستخدمها؟، لما خضنا الكفاح المسلح أثبتنا أن قضيتنا سياسية وليست قضية لاجئين، وأول ما طرحناه في الشق السياسي هو ما دعا إليه أبو عمار هو دولة ديمقراطية عام 1968، وقال حينها عبارته الشهيرة »نحن نريد دولة ديمقراطية يعيش فيها المسلم والمسيحي واليهودي« لكن المطلب رفض من العرب والعدو على حد سواء . عندما تكلمنا ولجأنا إلى المفاوضات لم تكن انتكاسة وتراجعا وإنما كانت تكيفا مع آليات صراع تتناسب مع المرحلة، لذلك نسمي المفاوضات شكلا من أشكال الصراع والمقاومة، هذا الكلام لا يتناسب مع بعض التصورات لبعض الأحزاب التي تريد أن تنظّر، القائد الشهيد أبو عمار كان يقول عنها إنها »أصحاب الجمل الثورية. أصحاب قل كلمتك وأمضي «. نحن نشق طريقا لأننا نعرف معركتنا الأساسية. نعرف أين تحالفاتنا ومن نحارب، صحيح هناك تقدم وهناك تراجع، أنا أخاطب إخواني الجزائريين عبر جريدتكم، يجب أن تعرفوا أننا نحن مناضلون، سلاحنا ما يزال على أكتافنا، سيوفنا موجودة لكنها في غمدها بمعنى عند اللزوم نستخدمها، آلية الصراع مازالت موجودة، قلت أن معركتنا معركة وجود وليست معركة حدود، هل مطلوب أن أتغنى بشيء ولا أمارسه، هل مطلوب مني أن أذبح شعبي في معارك لا تعطي نتيجة، كم معركة أقدر أخوضها، عندنا مقولة يقولها الشهيد أبو عمار »قطرة دم تسقط في غير مكانها جريمة سنحاسب عليها وشلال دم في مكانه حق يجب أن ندفعه «. أهم شيء هي الوحدة الوطنية، لا شيء يقلقنا من عدونا، الذي يقلقنا هي وحدتنا الداخلية التي لم نعرف تحقيقها ضمن هذه التداخلات، للأسف هي انعكاس لحالة خارجية وانعكاس للربيع العربي، نحن لن نيأس حتى تحقيقها، وهي عامل استراتيجي وأساسي لمواجهة العدو الصهيوني .
ما هي الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية لحمل الكيان الصهيوني على رفع الحجز على أموال الضرائب المستحقة؟ نحن جاهزون لهذه المعركة، فمن يريد أن يكون جمّالا عليه أن يرفع سقف بيته، نعرف ثمن قضيتنا، ونعلم أن صراعنا مع العدو صراع وجود، نواجهه بذكاء، نستطيع التعاطي معه بآلية تفاوضية وضعنا فيها الأمريكان والأوربيين في الخانة المناسبة، هم ليسوا وسطاء نزيهين وإنما وسطاء يديرون الأزمة بما يخدم إسرائيل، نحاول أن نقاتل العدو الصهيوني عبر الأدوات والأطر التي يستخدمها، هي دولة احتلال جاءت بقرار من الأممالمتحدة، لماذا لا نقاتلها في المكان الذي خلقت فيه، هذه رؤية جزائرية وليست رؤية فلسطينية، معركتنا تدور في كافة أنحاء الكرة الأرضية، هي معركة دولية وإنسانية تخاض في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا وفي الولاياتالمتحدة وفي دول عربية بأنماطها وأشكالها المختلفة، نديرها بوفاء لهذه الأمة وهناك شيء يقال وشيء لايقال، المهم أن هناك تنسيقا جزائريا فلسطينيا عاد بقوة. قلتم أنكم لم تتفاجئوا بالفيتو الأمريكي ضد مشروع القرار الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لماذا الذهاب إذن إلى الأممالمتحدة التي تظل عاجزة عن حل القضية الفلسطينية؟ هل كنت تعتقدين أننا كنا سنحرر فلسطين، لما انطلقنا ببندقيتين وقليل من الذخيرة من الجزائر، إذا اتبعت قاعدتك أبقى في بيتي لأن كل شيء عبثي، لا هناك إرادة ، إيمان ورؤية للأماكن، هناك شيء اسمه دراسة لكيفية تغيير الأمر الواقع ، الثورة هي علم تغيير الواقع، تقوم فيه أداة ثورية، تتبع فيه أساليب تستنبطها من الواقع المحيط وصولا إلى تغيير تدريجي لبلوغ الهدف، هذا تقديرنا لمعنى الثورة، ويجب أن يفهم أهلنا في الجزائر أننا كلنا ثورة ومازلنا حتى بعد التحرير . استخدام الولاياتالمتحدة للفيتو شيء طبيعي، فهي القوة العظمى الوحيدة، وكل النظام العالمي مرتبط بها، نحن اتبعنا معها أسلوب صراع أساسي باعتبارها قوة مسؤولة على السلام والاستقرار في العالم، نحن بالأساس غير معنيين بالصراع مع أمريكا، نريد حقوقنا وعالم يسوده السلام والاستقرار والأمان، عالم عندما يتكلم عن معادلاته يطبقها ولا يقوم بازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، لذلك نحن نخوض الصراع على أرضية الموجود . قالت أمريكا إنها جاهزة لأن تكون وسيطا، لكن لا تذهبوا إلى الأممالمتحدة، وشكلت الرباعية الدولية، قلنا لهم تفضلوا، ظلوا 20 سنة وسيطا في المفاوضات، كان مندوبوها يقدمون تقارير في عمومها ضد الكيان الصهيوني تشير إلى أن هناك احتلالا، جدار عازل، استيطان، أسر، وقتل ، لكن عندما نأتي إلى الحل، تتنصل الولاياتالمتحدة و تتراجع على الضغط على إسرائيل وتضغط علينا لكي يكون هناك استمرار للمفاوضات، صبرنا بما يكفي ووصلنا إلى مرحلة وقلنا كفى، لقد استهلكنا هذا الأسلوب النضالي مثل ما استهلكنا غيره، فلننتقل إلى الأسلوب الذي تبناه الرئيس أبو مازن، والذي قال المفاوضات بشكلها القديم انتهت. وأمريكا هي التي قالت أن إسرائيل يجب أن تلتزم بكذا وكذا ومنه ذلك إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى العرب، 26 أسيرا عربيا وفلسطينيا ترفض إسرائيل إطلاق سراحهم، وعليه قررنا الذهاب إلى الأممالمتحدة، إسرائيل كل يوم تحقق شيئا جديدا وأنتم يا أمريكان تريدون حمايتها، هل أنتم مع العدالة الدولية وقرارات الأممالمتحدة، هل أنتم مع حل في المنطقة، أم هل أنتم مع منطق إسرائيل التي تقول أن هذه الأرض أرض نزاع، إذن أنتم أصبحتم في الخانة الثانية، إذن نعود للأمم المتحدة التي يسيطر عليها المنتصر في الحرب العالمية الثانية الذي وضع هذا النظام والخمسة دائمي العضوية. نعرف ذلك لكن هذه الأطر هي التي صنعت إسرائيل . إذا كانت الأممالمتحدة قادرة على أن تكون إطارا للحل والسلام والاستقرار حسب القرارات أهلا وسهلا، لا تقدر يجب أن يفهم العالم لماذا هذا الإطار خلق . إذا استخدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية حق النقض فلتستخدم، هناك أطر موجودة، وتوجد جمعية عامة وتأخذ قرارات بالرغم من الإرادة الأمريكية، وعند التوجه إلى مجلس الأمن، القوة التنفيذية، تستخدم الولاياتالمتحدة الفيتو وبالتالي هي وضعت نفسها في موقف نأسف له، وبعدها نلجأ إلى الأطر الدولية الأخرى، منظمة اليونسكو، العدل الدولية، اتفاقية جنيف ونحن انتمينا إليها، إذا أرادت أمريكا أن تعاقبنا على لجوئنا إلى هذه المنظمات، هذا شأنها . هل تستطيع هذه الأطر الدولية أن ترفضنا، إذا وافقت أهلا وسهلا، إذا رفضت هذا امتحان لها ولوجودها، لدينا أساليب كثيرة ستستخدم في وقتها، لا أحد يخوض صراعا يعلن فيه عن نقاط قوته وضعفه، نحن نتبع الأساليب التي لها مصلحة لهذه الأمة .
ظلت السلطة الفلسطينية متمسكة بالمقاومة السلمية والتزامها بالمفاوضات، هل مازلتم بعد الفيتو الأمريكي الأخير مقتنعين بالمضي في هذا الخط؟ المهم أن لا تبقى ساكنا، الطبيعة تكره الفراغ وبالتالي لا تسمح لغيرك أن يملأ هذا الفراغ، كل يوم نخلق شيئا جديدا، الكفاح من أجل تقرير المصير حق مكفول، هم استطاعوا أن يثبتوا أنه إرهاب، يجب أن تواجه ، كان الكل يصفق لحركات التحرر الآن أصبحت ممنوعة في منطقتنا لأنها موصوفة بأنها إرهابية . المفاوضات بشكلها القديم انتهت، لن نعود إليها إلا إذا تم اتخاذ قرار واضح بأن تكون بيننا وبين الإسرائيليين فترة محدودة الزمن وتؤدي إلى دولة فلسطينية واضحة على أرضية القرار الذي اتخذ في الجزائر عام 1988 بإقامة دولة فلسطينية في المناطق المحتلة1967 .
بعد ذلك توجهتم بطلب من أجل الانضمام إلى الجنايات الدولية وتم قبول طلبكم، كيف تلقيتم قرارها بفتح تحقيق في ارتكاب قادة الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني؟ هذه هيئات دولية، لكن تمويلها غربي، الصراع طويل هل هناك قانون دولي أو لا، ذاهبين كأننا نقدم لهذا العالم إثباتات، يمكن يحاكموننا مثلما نحن نحاكمهم، الآن أبو مازن مطلوب، رفعوا ضده دعوى في محكمة الجنايات الدولية أنه مجرم حرب، الإسرائيليون سموه إرهابيا دبلوماسيا لأنه يضع آليات خوّفتهم، شئت أم أبيت بعض القضايا يسمونها إرهاب، كيف تستطيعين مواجهتها وتغييرها. لا يكفي أن تقول أنا أناضل لكن كيف تناضل، توجهنا إلى الجنايات الدولية بعد الفيتو الأمريكي. توجهنا إلى 20 منظمة دولية، منها الجنايات الدولية والآن نخطط للعودة إلى مجلس الأمن لطرح الموضوع مرة أخرى، بالأسلوب المجدي لنا وليس المجدي لعدونا.
ألا ترون أن انضمامكم إلى المنظمات الدولية جاء متأخرا؟ الشجرة عندما تغرسينها تمر بمراحل مختلفة، كل شيء بوقته حلو. يجب أن تكون لكم ثقة بنا كطليعة لهذه الأمة تدافع عن مصالحها وليس على فلسطين فقط، أن تكون لكم ثقة على أرضية ما يدور حولكم من صراع، أنتم ماذا تعطوننا؟ ونحن نقاتل تعطونا، حصار، اتهام، تجزئوننا، تزيدون من تقسيمنا لا تدعموننا ماليا، مع ذلك نحن أوفياء لكم ونحن سنستمر وبالأساليب المناسبة. انظروا حولكم، رأس الجزائر مطلوب ، هل الجزائر تقف مع فلسطين دون أن تدفع الثمن؟ الجزائر أول من بدأوا بها، هل العشرية السوداء جاءت عبثا، هل ما يجري حولها عبث؟ بالرغم من سياستها الحكيمة، الجزائر قوية، تتوفر على إمكانيات، فيها ناس لا يقبلون الذل والاستعباد لا يستبدلون استعمارا باستعمار، الحل الوحيد لهم محاولة ضرب استقرارها، الجزائر إذا استقرت ستنطلق وتقوم بدورها في إفريقيا وفي كل مكان، يريدون أن يرتاحوا منها ويغرقونها في مشاكلها وفي محيطها، الحمد لله الجزائر عصية عليهم، بإذن الله، بفضل وعي أهلها. هناك من استنكر مشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مسيرة باريس المنددة بالإرهاب عقب أحداث »شارلي إيبدو« لحضور رئيس وزراء العدو، ما ردكم؟ يجب أن نفكر في كيفية التعاطي مع كل حدث، كيف نمنعهم أن يتهموننا بالإرهاب، أنت إذا كنت متهما بالإرهاب وهذه الحالة موجودة ويقع حادث ليس بسيطا مثل هذا بتوقيته، بأعضائه بآلية تنفيذه التي كلها إشارات استفهام ، ثم نتائجه، لا تستطيع أن تتفرج على الحدث وتقول أنا ليست لي علاقة، هذا أولا، المسألة الثانية هي التراتب الحدثي للموضوع، أبو مازن لم يكن ذاهبا. الذي حصل أنه اتصل به رئيس الوزراء الفرنسي وطلب منه الحضور لأنه كان من المفروض أن لا يأتي رئيس وزراء العدو، ولما أصر رئيس الوزراء الفرنسي على أن يكون الرئيس الفلسطيني موجودا لا يجب أن يكون رئيس وزراء الكيان الصهيوني وحده، خاصة ضمن الموقف الفرنسي السياسي الذي دعم القرار الفلسطيني في مجلس الأمن، والسياسة الفرنسية غير المريحة للعدو الصهيوني. والمعركة التي تدور حول هذا الموضوع في فرنسا والحالات الانتخابية بين اليمين واليسار. مشاركتنا في المسيرة، ليس دعما لما حدث لرسولنا الكريم، بل بالعكس هذه القضية خط أحمر مثلنا مثل أي مسلم، تعد مسائل مقدسة ودمنا يسيل من أجلها، لكن كيف يتم التعبير عن هذا الموضوع، والتفريق بينه وبين ما يسمى بالإرهاب، حيث أن هناك مخططا دوليا، لإحداث تشابك بين الإرهاب والإسلام والمقاومة المشروعة. إن تفريقنا بين هذا وذاك، استمرار لمعركتنا ضد الصهاينة وهذا النظام العالمي يعكس حالة ظلم دولي بين مسألة الإرهاب وغير الإرهاب وبين مسألة محاربة السامية وغير السامية. رئيس الوزراء الفرنسي يدعوك إلى الحضور، بينما رئيس الوزراء العدو سيحضر. هنا صارت أمامك حالة سياسية، كيف تستطيع أن تتعامل معها وتخوضها، هي جزء من معركة دولية، كيف نحافظ على أصواتنا في الجمعية العامة، كيف نحافظ على زخم قضيتنا. لا أحد ينظّر علينا، نحن مسلمون. دمنا للرسول وانتماؤنا لإسلامنا، نعبر عنه بإسلامنا السمح الذي هو ليس إرهابا ونقاتل من أجل ذلك بآلياتنا. يجب على أهلنا أن يثقوا في القيادات الفلسطينية، وفي الرئيس أبو مازن، نحن ثوار نخوض معركتنا على أرضية أهل مكة أدرى بشعابها وعلى أرضية ما لدينا من معطيات ومخاطر في الطريق.
اعترفت برلمانات دول أوربية على غرار فرنساوبريطانيا والسويد بدولة فلسطين، هل ترون أن هذه البرلمانات قادرة على الضغط على حكومات بلدانها من أجل تبني نفس المواقف؟ مواقف البرلمانات جاءت نتيجة الشحن الدولي لصالح القضية الفلسطينية ولتخفف الضغط على سلطاتها وليس العكس، لذلك هذا الموضوع يعتبر خطوة عرجاء لأنها عبارة عن قرار برلماني لا ينعكس بشكل كامل على القرار التنفيذي للحكومات، لكن نعتبره شيئا إيجابيا يحتاج إلى دعم ، نحتاج إلى أن نبني عليه، لأن هناك حالة بدء نضوج الهجوم الدبلوماسي التفاوضي الفلسطيني في العالم وبدأ يعطي ثماره، ونحن نتوقع قرارات أخرى ونحتاج أن نكون أذكياء في التراكم ومن هنا يفهم أيضا موقفنا في فرنسا. المعركة التفاوضية لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية، قياداتنا علمتنا منذ أن كنا صغارا العمل العسكري يزرع والعمل السياسي يحصد ويا ويل من زرع ومن لا يحصد.
ما هو مصير المصالحة الفلسطينية ومستقبل حكومة الوفاق؟ أنا آخذ عهدا على نفسي أن لا أتكلم في هذا الموضوع، لم نحقق الشيء الكثير بالرغم من وجود اتفاقيات كثيرة حول المصالحة، لازالت حكومة الوفاق غير قادرة أن تقوم بواجباتها، وبالمقابل هناك عقبات كثيرة موجودة على الطريق. باختصار شديد، أرى ضرورة أن نخرج من هذه الحالة وأن ننهي الكلام عن الانقسام، من حق كل فصيل أن يعبر عن وجهة نظره ، كلنا أبناء وطن واحد، معركتنا واحدة، علينا أن نحدد موعد الانتخابات وتنظيمها بآلية دقيقة ومراقبة والذي يفوز بها يتحول الآخر إلى معارضة متكاملة مع السلطة في صراعها مع الاحتلال، إذن الحل فقط يكمن في إجراء انتخابات دون شروط مسبقة ومن يضع شروطا معناه أنه لا يريد الوحدة. تعبنا من التدخلات الخارجية ولهذا لابد من الوحدة الفلسطينية، أقول كل الشعب الفلسطيني مقاوم، لن نسمح أن يكون هناك عدو غير العدو الصهيوني.
هل لكم أن تطلعوا على آخر التقارير بخصوص وضعية الأسرى الفلسطينين؟ للأسف ملف الأسرى مأساة، لا يسلط عليه الضوء، لقد تم اعتقال طفلة منذ شهرين بتهمة رمي حجارة، أين العالم الذي يتحدث عن الطفولة؟، هذا الملف خطير جدا، لأن العدو يستغله لكسر إرادتنا وثنينا عن نضالنا ولمحاولة إجهاض تحركنا في مواجهته، عندنا ما بين700 و800 سجين بقرار إداري دون محاكمة. هل ألف معتقل ليست مقاومة، استشهاد الشهيد أبو عين ليست مقاومة؟ أم المقاومة هي مواصفات يضعها أي واحد على مقاس حزبه. معاناة كبيرة للأسرى ، فهم يحرمون من العلاج، يوضعون في الحبس الانفرادي لفترة طويلة، تطبق ضدهم سياسة النقل من مكان إلى مكان، ويتم منع العائلات من زيارة أبنائها في السجون، يعاقبون جماعيا، نحن كلنا أسرى. الفرق بين غزة والضفة أن غزة أسيرة، من الداخل حرة ومن الخارج أسيرة، مغلق عليها، فعندما يعاقبونها يقصفونها، أما في الضفة فأي واحد يريدونه يعتقلونه على أي سبب حتى على غرس شجرة ، هناك المقاومة السلمية بالقرى، فيتم اعتقال المتظاهرين. لو يطلّع العالم على التقارير للأسرى سيذهل. نحن على أبواب إقامة فاعلية أربعينية الشهيد زياد أبو عين في الجزائر وسيكون حاضرا وفد من وزارة الأسرى.