مسعى انضمامنا لمعاهدة محاكمة مجرمي الحرب نقطة تحول في القضية الفلسطينية أوضح السفير الفلسطيني لؤي عيسى بالجزائر، أن عدوان الكيان الصهيوني على غزة، يؤثر بشكل أساسي على الجهة الشرقية من فلسطين، حيث تمضي إسرائيل حسب السفير الفلسطيني - الذي حل ضيفا على ”الخبر” - نحو تهويد القدس، على أرضية الوجع والدم في غزة. وقال السفير الفلسطيني، إن إسرائيل تتعمد زيادة آلام الشعب الفلسطيني في غزة لتسليط الضوء العالمي عليها بشكل كبير، لنصل في نهاية المطاف إلى الحديث عن القضية الغزوية ونسيان القضية الفلسطينية الكبرى التي ترتكز على مبدأ ”قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس”، حيث نجح العدو الإسرائيلي في ظل هذه المعادلة من أن يفرض بدايات تقسيم ساعات الصلاة في المسجد الأقصى زمانيا بعد أن أصبح قسمين ”علوي وسفلي”.
رغم مخاوف من جر بعض أفراد المقاومة إلى المحاكمة ضرورة ملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية عن جرائمها قال السفير الفلسطينيبالجزائر لؤي عيسى، بخصوص تعالي أصوات حقوقية تطالب بانضمام فلسطين إلى ميثاق روما المُنشئ للمحكمة الدولية الجنائية، ومنه ملاحقة المسؤولين عن العدوان قانونيا بارتكابها جرائم ضد الإنسانية وإبادات جماعية في القطاع بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام، ”إننا ماضون في هذا المسعى باعتباره مكسبا ونقطة تحول في المسألة الفلسطينية، لأننا نعتبره وجها جديدا من المقاومة يضاف إلى أوجه المواجهات المسلحة والإعلامية والسياسية والثقافية مع العدو”. مشيرا إلى أن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي سحب الأوراق اللازمة لاستكمال إجراءات إدراج فلسطين كدولة عضو بالمحكمة، مما يتيح لها ملاحقة إسرائيل عن جرائمها، رغم مخاوفنا من الانعكاسات السلبية المتمثلة في إمكانية جر بعض كوادرنا في المقاومة إلى المحكمة. ولم يعتبر المتحدث هذه المخاوف عائقا أمام الانضمام للمحكمة، معللا كلامه بوجود مبررات الدفاع الشرعي عن النفس. مضيفا أن الرئيس محمود عباس أجرى لقاءات مع الأحزاب وشخصيات المجتمع المدني لدراسة هذه الخطوة وتحديد محاسنها ومحاذيرها وكذا مدى الاستفادة منها على المستوى السياسي والدبلوماسي، و هو الآن ينتظر موافقة جميع الفصائل الفلسطينية، مع تسجيل رفض البعض منها. وتابع السفير قائلا بأن المقاومة الفلسطينية لا تنحصر في النقطة القانونية فقط، بقدر ما يجب فتح المواجهة على جميع الجبهات والأصعدة، سواء السياسية والدبلوماسية والمسلحة وحتى الثقافية، مشترطا أن تكون متناغمة ومنسجمة تحت إطار سياسي وعسكري وقانوني واحد. وقسّم ضيفنا المقاومة إلى ثلاثة أنواع، فمنها القانونية التي تم ذكرها سلفا، والشعبية السلمية التي انتهجها الرئيس أبو مازن لتحييد منطق العنف والاعتداءات المسلحة على المدنيين وفضحها أمام الرأي العام الدولي كمنهج المقاومة السلمية، مشيرا إلى أن هذا النوع من المقاومة لم ينجح كثيرا رغم أنها فكرة جميلة في ظل استمرار الكيان الصهيوني في اعتداءاته. أما الإطار الثالث، قال محدثنا ”أنه يتمثل في المقاومة السياسية لمناورات إسرائيل في إدارة النزاع والتي تسعى لإطالة أمده من خلال صنعها لأزمات وصراعات فرعية لتنسي الفلسطينيين قضايا أصلية وجوهرية، وإن وقع تقدّم في القضية الفرعية نعتبره انتصارا كبيرا، لكن في حقيقة الأمر هو صغير بالمقارنة مع حجم المسألة الفلسطينية”.
الكيان الصهيوني يستثمر في الانقسام الفلسطيني أكد ضيف ”الخبر” أن المعركة الأساسية للشعب الفلسطيني، هي معركة بناء دولة ”فلسطين وعاصمتها القدس”. مشيرا إلى أن هناك العديد من أساليب المقاومة في هذا الإطار، إحداها الأسلوب المسلح الذي يبقى الشكل الأقرب للانتقام من العدو الصهيوني. وحسب السفير، فإن المقاومة اليوم بحاجة إلى التفكير من الناحية العملية عبر التركيز على الأشكال الحقيقية التي تفيد في إشارة إلى خطوات النضال السياسي الذي تدعو إليه حركة ”فتح” على وجه الخصوص. وأوضح السفير الفلسطيني، أن هناك أكثر من أسلوب في مواجهة العدو، وهي أساليب مختلفة معتمدة منذ سنة 1948 الذي ترتبط به عملية الصراع ومقاومة الاحتلال. وحذّر السفير لؤي عيسى من مخططات الكيان الصهيوني الأخيرة الذي يسعى –حسبه- إلى إغراق القضية الفلسطينية في نتائج الصراع. وقال السفير إن الشعب الفلسطيني يريد الجمع من الأمة العربية في صف دعم القضية الفلسطينية، باعتبارها ”مصير العالم العربي”، حيث يتم تقرير مستقبل الدول العربية من فلسطين التي تمثل الجميع وتعطي العزة للشعوب العربية. وتأسّف السفير الفلسطيني من ”الانقسام الفلسطيني” والخلافات العربية تجاه القضية الفلسطينية. مشيرا إلى أن الكيان الصهيوني يستثمر في هذا الأمر بشكل كبير. وأشار السفير إلى أن القضية الكبرى هي ”قضية شعب يريد التحرر”، واعتبر ضيفنا أن مشكلة الدول العربية فيما يطلق عليه ”الخذلان العربي” تجاه القضية الفلسطينية الكبرى، ناتج عن ضعف الأنظمة وليس نابع عن الخيانة كما قال: ”هذه الأمة فيها أناس ضعفاء وليسوا خونة”.
حكومة الوفاق الوطني هي بوابة المساعدات إلى غزة قال السفير الفلسطيني ”إن بوابة المساعدات هي حكومة الوفاق الوطني”، ودعا إلى عدم التحجج بالظروف الداخلية لعدم إرسال المساعدات. واعتبر السفير أن الحل يجب أن يمر عبر حكومة الوفاق الوطني لدعمها سياسيا والتعامل معها بشكل مباشر، حيث قال السفير إن حكومة الوفاق الوطني ”لم تأخذ حظها الكامل لإثبات دورها”. وبالنسبة إلى موضوع المساعدات الجزائرية، أوضح السفير أن غزة اليوم بحاجة إلى المساعدات الطبية والمعدات، حيث سيتم إيصال المساعدات بالتنسيق مع السلطات المصرية، إذ وجب تسليم المساعدات في مدينة الاسماعيلية إلى ”الهلال الأحمر الفلسطيني”، بالتنسيق بين السلطات المصرية والسفارة الجزائرية في القاهرة”. وشدد السفير الفلسطيني على ضرورة توجّه الدول العربية إلى سياسة مقاطعة البضائع التي تدعم الكيان الصهيوني، كما قال في هذا الإطار، إن ” لغة المصالح” هي أكبر لغة تفهمها الدول الأوروبية، لهذا يجب الضغط على الرأي العام العالمي من هذا الباب لتصحيح مواقفه تجاه القضية الفلسطينية. لا يجوز أن يكون هناك مشروع دولة إسلامية
أو شيوعية في فلسطين حسب السفير الفلسطيني، فإن هناك سببين رئيسيين للانقسام الفلسطيني، أولها عدم توفر آليات محددة لتبادل السلطة في فلسطين، خصوصا وأن الانتخابات تقام تحت الاحتلال الإسرائيلي، أما السبب الثاني هو وجود برامج فكرية في فلسطين غير وطنية، وتابع ”لا يجوز أن يكون هناك مشروع الدولة الإسلامية أو الشيوعية في فلسطين، ولا يعني هذا أن كل من الأطراف في فلسطين غير وطنية، وهنا استطاع الكيان الصهيوني أن يفجّر موجة التخوين بين الفلسطينيين، فأصبحت كل جهة تتهم الجهة الأخرى سواء بالإرهاب أو الخذلان، ويبقى حسب السفير الفلسطيني الصراع في فلسطين ليس له وجه سياسي إنما له وجه وطني. وعن حركة حماس، قال السفير الفلسطيني ”إن الحركة هي جزء من الشعب الفلسطيني لها ما لها وعليها ما عليها، إذا كان هناك كلام حول آلية عمل حركتي حماس أو الجهاد، فهذا أمر داخلي في إطار مواجهة العدو، قضايانا الداخلية نحاول حلها ب«طول البال”، وأن نخرج من هذه المعادلات العربية التي تحاول أن تجر القضية إلى أرضية مصالحهم”. وأضاف أن حركتي فتح وحماس هما جزء من الجبهة الشعبية ولا يجوز أن نتجزأ، وإن كانت حركة حماس جزء من الإخوان المسلمين، فحركة حماس محمية لأنها جزء من الشعب الفلسطيني. تأخر إرسال الجرحى للجزائر مرده الانشغال بفرز الضحايا قال السفير الفلسطيني، إن فعالية المساعدات تكمن في آنيتها وسرعة وصولها إلى العائلات المنكوبة أكثر مما تتمثل في كميتها. موضحا أن المسألة لا تتركز على ما تم تقديمه بقدر ما تتعلق بالوقت المقدم فيه. مردفا في السياق ”نحن نعتز ونشكر الدول المانحة خاصة الجزائر التي لم تتوان في تقديم المساعدات لفلسطين سواء كانت المادية أو حتى السياسية، فيكفينا ذكر احتضانها إعلان قيام دولة فلسطين سنة 1988”. وبخصوص موضوع نقل الجرحى إلى الجزائر لتلقي العلاج، قال محدثنا أنه التقى بوزير الصحة عبد المالك بوضياف، وأعرب له عن استعداد الجزائر لاستقبال المصابين في أي وقت ومعالجتهم ومتابعتهم كل حسب حالته. مشيرا إلى أن التأخر في عملية تحويلهم وتسفيرهم إلى هنا مردّه انشغال وزارة الصحة الفلسطينية بفرز الضحايا لإرسالهم إلى الجزائر.
حماس تلعب الدور الرئيسي في إدارة غرفة العمليات المشتركة وبشأن آليات التنسيق العسكري في ساحة القتال بين فصائل المقاومة في غزة وحكومة الوفاق الوطني، أفاد السفير أن هذه الأخيرة تشرف على كل شيء باستثناء العمليات العسكرية التي تديرها غرفة عمليات عسكرية مشتركة تلعب فيها حماس الأدوار الأساسية، لكنها ليست مفصولة عن الإطار السياسي العام، المتمثل في الوفد الموجود في القاهرة. مضيفا أن مختلف أشكال المقاومة تصب في وعاء فلسطيني واحد ورؤية وهدف محددين وهي تحرير فلسطين. كما ركّز ضيف ”الخبر” على أن العدو الصهيوني يعمل على المدى المتوسط والبعيد لتشتيت العقل الفلسطيني وانشطار وحدته، من خلال التحكم في مدة التهدئة وتجديدها وخرقها وإقرار أخرى حسب أهوائه، وهو ما رفضه الوفد الفلسطيني معلنا الاستمرار في المقاومة، مشترطا وضع حل نهائي وحصر الخيارات للعدو، ليس تجاهلا للدم الفلسطيني ومزيدا من إراقته، بل لفرض منطقه في إدارة المحادثات ودفع العدو على التراجع ووقف العدوان بشكل غير مباشر، وتابع أن الانتصار أعادنا إلى التموضع في مكاننا دوليا ودفع المسؤولين الإسرائيليين إلى مراجعة معادلاتهم في التعامل معنا.
169 مدرسة مدمرة و10 آلاف منزل سوي بالأرض وثلاثة آلاف معوق كشف السفير الفلسطيني عن أرقام مخيفة للخراب الذي لحق بغزة، مشيرا إلى أن كل ما قدم من مساعدات لا يكفي لإعادة إعمار غزة وإغاثة الشعب الفلسطيني، حيث دمر الكيان الصهيوني أزيد من 169 مدرسة في غزة، وهذه الفترة حسب السفير الفلسطيني هي امتحان للأمة العربية التي يجب أن تسارع في تقديم المساعدات قبل مؤتمر”المانحين” بالنرويج الخاص بتقديم المساعدات. وقال السفير ”هناك أزيد من 10 آلاف منزل مدمر وأزيد من نصف مليون مواطن فلسطيني مشرد، بالإضافة إلى ثلاثة آلاف حالة إعاقة، وأزيد من 9 آلاف جريح وحوالي ألفي شهيد، وهناك مشكلة المفقودين والمعتقلين في غزة.