دعا الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين صالح صويلح إلى ضرورة النهوض بالاقتصاد الوطني وتطوير الإنتاج المحلي وكذا توفير الجو الملائم لممارسة النشاطات التجارية بكل حرية وفي حدود ما يسمح به القانون، كما طالب صويلح في حوار خص به »صوت الأحرار« جميع الشركاء الاقتصاديين بانتهاج سياسة الحوار من أجل إعطاء دفع قوي لتطوير قطاع التجارة. بداية، تم إعادة تزكيتكم أمينا عاما على رأس الإتحاد ما تعليقكم؟ فعلا تمت تزكيتي بالإجماع كأمين عام للاتحاد للمرة الثالثة على التوالي, حيث تم عقد ثلاث مؤتمرات جهوية » منطقة الشرق ومنطقة الغرب ومنطقة الوسط« من أجل إعادة انتخاب الأمين العام للاتحاد والحمد لله تم تزكيتي وتعييني أمينا عاما على رأس الاتحاد, وكان ذلك بالإجماع من طرف المؤتمرين الجهوين وبطبيعة الحال انتقل الأمر بعدها إلى عقد مؤتمر وطني بالعاصمة وتم التأييد لصالحي بالإجماع أيضا دون وجود ادني معارضة وتناولت الكلمة في ذات المؤتمر أمام وزير التجارة والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني وممثلي بعض الوزارات والجمعيات وبحضور محضر قضائي, ومن جانبي أعتبره من انجح المؤتمرات. ما هي الخطوات العملية التي قررتم اتخاذها لإعطاء دفع جديد لهذه المنظمة ولتنظيم قطاع التجارة؟ في حقيقة الأمر المنظمة في وقت سابق لم يكن لها نشاط واسع وكان عملها مقتصر على العمل مع المكاتب البلدية والولائية فقط, مما دفع بنا كمنظمة إلى إنشاء اتحاديات ولجان وفيدراليات وطنية والتي نعتبرها حاليا روافد هامة ساهمت في تطوير اتحادية التجار وتتكفل بأشغال المنخرطين حيث أعطت ديناميكية كبيرة وواسعة للمنظمة, ونأمل أن نصل إلى أكثر من ثلاثين فيدرالية لأن المهن كثيرة ومتنوعة بحيث يكون لكل شريحة فدرالية خاصة بها تهتم بانشغالاتها وتعد هي أساس الاتحاد. أما فيما يخص تنظيم التجارة, يمكن القول أن التجارة في بلادنا مرت بأزمات متعددة حيث بدأ نشاطها يتلاشى في السبعينيات وتفحل في التسعينيات مع العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر مما جعل نشاطها الداخلي والخارجي لا ينمو ويتقلص وانتشرت بعدها الأسواق الفوضوية والتجارة الموازية وما زالت مستفحلة إلى يومنا هذا , ونحن كاتحاد نأمل من وزير التجارة الحالي أن يساهم في النهوض بالتجارة وتطويرها لتصل إلى أعلى المستويات. كم عدد التجار المنضويين تحت لواء الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين؟ عدد التجار يزداد ويتناقص باستمرار, وحاليا نحصي أكثر من 300 ألف تاجر منضوون تحت لواء الاتحاد موزعين عبر 48 ولاية. تعرف أسعار مختلف المواد الاستهلاكية ارتفاعا كبيرا, إلى ماذا ترجعون ذلك؟ ارتفاع الأسعار يتحكم فيها التاجر بالدرجة الأولى, فللأسف الشديد هو من يملك الحرية التامة لوضع الأسعار وتغييرها بصفة مفاجئة وكما يحلو له و دون تقديم مبررات أو مقدمات من طرفه للوزارات المعنية, هذا كله بالطبع يرجع لعدم وجود قانون ينص على تسقيف الأسعار وتثبيتها من طرف وزارة التجارة والوزارات المعنية الأخرى, مثلا كما هو الحال بالنسبة لأسعار الخضر والفواكه التي تشهد ارتفاعا مفاجئا في فترات ومناسبات عديدة فالتاجر هنا هو من يتحكم في السعر والمواطن هو الضحية, فالتاجر حرّ يغتنم الفرص لعدم وجود مراقبة ومتابعة ضده للرّفع المفاجئ لمنتوجاته..., ونحن هنا كاتحاد عام نطالب من الوزارة الحالية بسد هذا الفراغ القانوني الرهيب الذي يستغله التجار ويدفع ثمنه المستهلك ولابد من تسقيف الأسعار وإعطاء نسب مئوية يلتزم بها التاجر لمختلف المنتوجات خاصة المنتوج المحلي ولابد من تكثيف المتابعة حتى لا يبقى المستهلك ولا التاجر في حيرة. يتّهم المواطنون الوّسطاء بالتسبب في هذا الارتفاع, هل يرجع ذلك إلى غياب الرقابة؟ غياب الرقابة وتدّخل الوسطاء وراء الارتفاع المفاجئ للأسعار طبعا, فالوّسيط هنا حاله كحال التاجر في ظل عدم وجود مراقبة أو متابعة فهو يغتنم جميع الفرص السانحة للربح السريع في جميع المنتوجات المتاحة سواء كان المنتوج محليا أو مستوردا. لماذا تعرف الأسواق الموازية انتشارا واسعا, بالرغم من الإجراءات المتخذة من طرف السلطات للحد منها؟ وزارة التجارة أخذت الأمر فيما يتعلق بالقضاء على الأسواق الموازية مجرد كلام لا أكثر, فالفضاءات والمرّافق التي هيأتها الوزارة المعنية وخصصتها للتاجّر كانت غير لائقة وغير قابلة لممارسة النشاط التّجاري وهذا ما رفضه التاجر, فلما نعطي محلا للتاجر في منطقة معزولة ومساحته ضيقة لا يتسع لممارسة نشاطه وعرض منتجاته... فالتّاجر هنا سيترك بالتأكيد المحل ويخرج للشارع لممارسة التجارة, لأن التجارة تتطور بشكل كبير, هذا ماساهم في انتشار الأسواق الموازية ومن الصعب إزالتها نهائيا, لذا ينبغي إعادة النظر في الملف من طرف السلطات المعنية للحد منها لأنه توجد فضاءات واسعة في العديد من البلديات تليق بالعمل التجاري ونطالب كاتحاد بإعادة فتح الأسواق المغلقة وأسواق الفلاح عبر جميع الدوائر والبلديات للقضاء على التجارة الفوضوية. قرّرت سلطات العاصمة بعث مشروع "العاصمة لا تنام" لماذا فشل هذا المشروع؟ هذه الفكرة اقترحت من طرفنا كاتحاد وعقدنا عدة جلسات مع رؤساء البلديات وبالخصوص الجزائر الوسطى، وطالبنا بميلاد هذا المشروع لكن اقتراحنا »مات في المّهد«, لأن كل المعنيين قبلوا الفكرة لكن لم يأخذوها بعين الاعتبار، وما زلنا نأمل بالاجتماع على طاولة حوار لدراسة هذا المشروع ومتابعته يوميا أو أسبوعيا مع الجهات المعنية متمثلة في وزارة الداخلية, وزارة التجارة, وزارة النقل كون كل وزارة لها دورها الفعّال في إعطاء دفع جديد للنهوض بالمشروع وتجسيده على أرض الواقع ولدينا شهر رمضان كمثال والذي اعتبره نموذج ناجح لمشروع »العاصمة لا تنام«. لماذا لا يحترم التّجار الفترات المحددة للتخّفيضات أو ما يعرف ب »الصولد«؟ التخفيضات كما هو متعارف عليها تكون مرتين في السنة لا أكثر ولا أقل فصل الشتاء وفصل الصيف لمدة شهر ونصف لكل موسم, فهناك إجراءات يجب أن تلتزم بها وزارة التجارة أمام التاجر, لأن الوزارة هي من تعطي الترخيص للتاجر بما يسمى ب »الصولد«، ونلاحظ أن معظم المحلات يعرضون لافتات على واجهة المحلات مكتوب عليها الصولد في جميع الفصول, فهذا العمل يعتبر غير قانوني من طرف هؤلاء التجار المتلاعبين, وهنا يجب أن تتدخل وزارة التجارة بممثليها لتلعب دورها وتقوم بمعاقبة كل تاجر لا يملك ترخيصا للصولد. طرحت مؤخرا قضية اقتناء اتحاد التجار لسيارات »سامبول« المصنعة في الجزائر, هل من توضيحات في هذا الشأن؟ بالفعل أبرمنا اتفاقية مع شركة »رونو الجزائر« كون سيارة »سامبول« منتوج محلي، وكخطوة أولى انطلقنا في العملية لاقتنائها، حتى يتمكن التجار والحرفيين وأصحاب الخبرة من شرائها بالتقسيط وبهذا يكون دعم للمنتوج الوطني بصفة عامة وللتاجر بصفة خاصة, ونحن ندعم الدولة في اتخاذ هذا القرار آملين أن يكون منتوجا جزائريا في السنوات المقبلة مائة بالمائة. قررت الحكومة "سياسة التقشّف", كيف ترون تداعيات هذا القرار؟ أعتبره قرار منطقي من طرف الرئيس والوزير الأول نظرا لانخفاض أسعار البترول, فهذه ليست المرة الأولى التي يهتّز فيها الاقتصاد الوطني ونقوم بسياسة شد الحزام، حيث شهدت الجزائر أزمة اقتصادية في منتصف الثمانينات ووصل سعر البترول آنذاك إلى ثمانية دولار للبرميل وكانت خزينة الدولة فارغة مقارنة بالوقت الراهن, ورغم ذلك استطعنا الخروج من الأزمة, خاصة وأن الحكومة لازالت تقر سعرا مرجعيا ب 37 دولارا للبرميل في إعداد الميزانية، وهذا لن يؤثر على الميزانية ونحن لا نتخوف من تداعيات هذا القرار. رغم إقرار مشروع "محلات الرئيس" إلا أن معظمها لا تزال مغلقة, إلى ماذا ترجعون الأسباب؟ السبب وراء عدم فتح محلات الرئيس يعود إلى رؤساء الدوائر والبلديات لأنهم اختاروا محلات في أماكن غير مناسبة وبعيدة عن المدينة ولا وجود للسكان حولها فالتاجر هنا لمن يبيع؟ هذا ما جعل المحلات لا تلقى رواجا من طرف التجار, كما أن توزيعها في البداية كان مقتصرا على الجامعيين وذوي المستوى العالي, وللأسف لم تلق السلطات إقبالا عليها من طرف الطبقة المثقفة مما دفع بهم إلى إعادة النظر فيها وقاموا بتوزيعها على التجار والبطالين ذوي المستوى التعليمي المحدود وبالتالي لقيت صدى واستجابة ضئيلة من طرفهم. قرّرت وزارة السكن مؤخرا عدم الترخيص بفتح المحلات التجارية الواقعة بالبناءات غير المكتملة, كيف تقرؤون هذا القرار؟ هذا القرار يعتبر صائبا من طرف وزارة السكن فصورة الجزائر أصبحت كارثية بسبب البناءات غير المكتملة وانعدام الواجهة للسكنات خلق صورة سوداء عن الجزائر البيضاء وهذا القرار من طرف الوزارة يهدف لإتمام المرسوم الوزاري السابق حول تسوية البيانات الذي سينتهي بشكل نهائي مع سنة 2016 ونحن نستحسن هذا القرار من طرف وزير السكن وندعمه كاتحاد عام للتجار والحرفيين. رغم أن الحكومة قررت التعامل بورقة 200 دينار القديمة إلى غاية 2025 إلا أن بعض التجار يرفضون التعامل بها, ما تعليقكم؟ من حق التاجر أن يرفض التعامل بها لأنه لا يملك الوقت الكافي من أجل الذهاب للبنك المركزي والجلوس في طابور طويل لمدة خمس أو ستة ساعات من أجل تبديل ورقة 200 دينار القديمة, لذا لابد للبنك المركزي أن يراجع الأمر فيما يتعلق بالتاجر نظرا لضيق وقته ويجب أن يقدم له التسهيلات اللازمة كأن يخصص شباكا خاضا للتجار وبعدها أنا متأكد من زوال هذا الإشكال بين التاجر والمواطن. بصفتكم الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين, ما هي قراءتكم لتداعيات انخفاض أسعار النفط؟ أسعار البترول ترتفع وتنخفض باستمرار وهي الآن تتراوح في حدود ال 49,50 دولار وهذا لن يؤثر بالطبع على الاقتصاد الوطني، وآمل أن يشهدا ارتفاعا ب 60 دولار في شهر مارس المقبل، وهو ما أتوقعه. كلمة أخيرة؟ أدعو من جميع المواطنين إلى لاستغلال العقلاني لمختلف الثروات الموجودة في بلادنا وان يفكروا في الأجيال القادمة لأنها رهان المستقبل.