قال الأستاذ حسين خلدون، المختص في القانون الدستوري وعضو اللجنة المركزية بحزب جبهة التحري الوطني، إن المجلس الدستوري هو الوحيد الذي يمكنه أن يحدد الآلية التي سيمرر من خلالها تعديل الدستور، إما عن طريق البرلمان أو عن طريق الاستفتاء الشعبي وذلك وفق ما يراه مناسبا بالنسبة لمحتوى النص المقترح، كما اعتبر المتحدث أن السلطة ستكون سخية اتجاه المعارضة وستمنحها صلاحيات أوسع عليها قد لا تحصل عليها أبدا. في البداية، يجري الحديث عن تعديل دستوري قريب وسط جدل حول طريقة تمرير النص الأساسي؟ صحيح أن التعديل الدستوري بات قريبا، كما أن طريقة تمريره أو الآلية التي سيحدد عن طريقها أثارت جدلا كبيرا، خاصة وأن هناك بعض الأطراف من المعارضة ترى أنه برلمان فاقد للشرعية وهذا يقودنا إلى الحديث عن الإجراءات، حيث أن الآلية التي يتم بموجبها تحديد طريقة المراجعة هي معيار قانوني مرتبط بالمادة 176 من الدستور التي تحدد الشروط، فمتى كان الاقتراح لا يمس بالمبادئ الأساسية ولا التوازنات الكبرى بين السلطات، يكفي أن يمر التعديل على البرلمان بغرفتيه، وللعلم فإنه في هذه الحالة لا يمكن فتح النقاش حول محتوى التعديل ويكتفي البرلمان بالتصويت بنعم أو بلا. وفي حال رفض البرلمان التعديل الدستوري لا يمكن طرحه من طرف الرئيس مرة أخرى على العهدة التشريعية الجارية. أما إذا كانت التعديلات تمس بشروط المادة 176، ففي هذه الحالة ينبغي أن نوضح أن مشروع التعديل يحال على المجلس الشعبي الوطني ومن ثم إلى مجلس الأمة وفي حال عدم التوافق عليه يحال على اللجنة متساوية الأعضاء، وفي هذه الحالة يمكن مناقشة المضمون والتعديل والتصويت عليه ويأخذ مسار أي مشروع قانون، وبعد أن يصوت عليه مجلس الأمة، يبقى أمام الرئيس مدة 50 يوم لتنظيم استفتاء شعبي. وكيف سيتم الفصل في الآلية التي بموجبها يمرر التعديل الدستوري؟ يجب أن نعلم أن الآلية التي يمرر عن طريقها التعديل الدستوري يفصل فيها المجلس الدستوري، فطريقة تمرير التعديد هي من الاختصاص الأصيل والمانع للمجلس الدستوري الذي لا يمكن لأحد أن يتجاوزه أو يعلو عليه بما فيه رئيس الجمهورية. أما بالنسبة للمعارضة التي تتحدث عن ضرورة الذهاب نحو الاستفتاء الشعبي، فهي بذلك تجهل أن اعتماد هذا المبدأ لا يلغي دور البرلمان الذي لا تعترف به كمؤسسة دستورية، في مناقشة وتعديل نصوص الدستور المقبل. كيف تتصورون إذن الدور الذي يجب أن تلعبه المعارضة في هذا السياق؟ من الأجدر على المعارضة أن تشارك أو تساهم برأيها في مشاروات تعديل الدستور قبل فوات الأوان، خاصة وأن الرئيس لم يخطر بعد المجلس الدستوري بتعديل الدستور ولم يحدد تاريخا لهذه المراجعة، وحري بالمعارضة في هذه الحالة التي لا تملك أصوات في البرلمان أن تستغل هذه الفرصة لتقديم مقترحاتها. ويبقى أن العبرة في التعديل المقبل بأهميته وليس بمنطق العمق أو السطحية، حيث أن رئيس الجمهورية استطاع احتواء الشارع مع بداية الأزمات ففي سنة 2011 وأعلن عن إصلاحات عميقة وشاملة في أفريل من نفس السنة. ولقد عرفنا منذ ذلك التاريخ حزمة من الإصلاحات ورئيس الجمهورية نفسه قال إنها ستتوج بمراجعة الدستور وما حدث هو أن السلطة رفضت الخوض في الإصلاحات تحت ضغط الشارع وأرادت أن تشتغل في إطار مقاربة التعديل التدريجي والزمن أنصفها في هذه الخيارات بالنظر إلى ما عرفته الدول المجاورة. في رأيكم ما هي طبيعة التعديلات المقبلة؟ التعديل الدستوري المقبل سيدعم المكاسب التي حققتها الجزائر، خاصة في المجال الديمقراطي، وحسب ما هو متوقع سيدعم مبدأ الفصل بين السلطات من خلال منح البرلمان صلاحيات أوسع في مجال التشريع والرقابة، كما سيحدد بدقة صلاحيات الحكومة ويوسع منها من خلال تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية وسيتم إخضاع الحكومة للمسائلة البرلمانية، وسيوسع التعديل مساحة تحرك المعارضة التي يعتبرها جزء من منظومة الحكم ويمنحها الحق في إخطار المجلس الدستوري حول دستورية مشاريع القوانين التي يصوت عليها البرلمان بمعنى يكرس الدور الايجابي للمعارضة، ويضاف إلى ذلك تحديد العهدات الرئاسية. ما هو مستقبل المعارضة في التعديل الدستوري المقبل؟ السلطة ستكون سخية اتجاه المعارضة في هذا التعديل المقبل، وما ستمنحه للمعارضة قد تعجز المعارضة نفسها عن تحقيقه ولو ناضلت عشرات السنين وهذا هو أحد مقومات التوافق التي تحدث عنها رئيس الجمهورية، حيث أن السلطة دنت إلى مستوى المعارضة من خلال تقديم التنازلات وعليه فهذه الأخيرة مطالبة باستغلال الفرصة وتكون أكثر وعيا بما حدق بالجزائر من مخاطر على المستوى الجهوي والإقليمي.