قال أستاذ الحقوق مسعود شيهوب في اتصال، أمس، مع "صوت الأحرار" إن الملفت في رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء الذكرى ال 61 لاندلاع الثورة بخصوص مشروع مراجعة الدستور أنها تضمنت ثلاث نقاط أساسية تتعلق بتعميق الفصل بين السلطات، وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات وكذا تمكين المعارضة البرلمانية من إخطار المجلس الدستوري. وفي ذات السياق أوضح النائب البرلماني السابق أنه بخصوص النقطة الأولى فإنه في التعديل الدستوري المرتقب هناك نية لتعميق الفصل بين السلطات ويمكن تصور تجسيد هذا التعميق عن طريق تدعيم صلاحيات البرلمان في الرقابة على عمل الحكومة وفي دعم وتفعيل استقلالية القضاء وأيضا في تحديد صلاحيات كل سلطة من السلطات الثلاث »التشريعية، التنفيذية والقضائية« بدقة وبشكل يمنع التداخل في الصلاحيات بينها. وأضاف شيهوب أنه في إطار تدعيم صلاحيات المجلس الدستوري في مجال الرقابة على دستورية القوانين واللوائح بدءا من توسيع سلطة الإخطار إلى أطراف أخرى ومرورا بتوسيع مجال استشارته وانتهاء بمنح الحق للرقابة غير المباشرة التي يمارسها من خلال ما يسمى ي » حق الدفع« أي »دفع المواطنين أمام القضاء بعدم دستورية القوانين«، وإرجاء البت في النزاعات من قبل هذه الجهات القضائية إلى أن يعطي المجلس الدستوري القانون المحال عليه في مثل هذه الحالات. وبشأن التزام الرئيس بإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات من خلال الدستور المرتقب أكد الدكتور شيهوب أن هذا يعتبر قفزة نوعية في تجسيد الديمقراطية وتعميقها، ويتعلق الأمر بضمان صحة وشفافية وشرعية الانتخابات التي ستوكل إلى هذه الهيئة الجديدة، مضيفا بالقول »ويبقى أن الدستور الجديد إذا تضمن مبدأ الهيئة المستقلة للانتخابات فإن القانون الذي سيصدر ليطبق المبدأ الدستوري هو الذي سيحدد تشكيلة وصلاحية وطريقة عمل اللجنة، ومن ثمة يتحدد مدى حقيقة استقلاليتها سواء من حيث التمويل أو سلطة أخذ القرار!؟«. وحول ما يتعلق بتمكين المعارضة البرلمانية من إخطار المجلس الدستور مستقبلا أوضح أستاذ القانون أن الأمر يخص هنا حق المعارضة البرلمانية في أن تحرك إجراءات الرقابة الدستورية، وذلك من خلال السماح لنسبة معينة من نواب المعارضة بإخطار المجلس الدستوري حول عدم دستورية قانون ما، مشيرا إلى أن حق الإخطار في الدستور الحالي محصور في رؤساء الغرفتين البرلمانيتين ورئيس الجمهورية فقط. وفي السياق ذاته اعتبر شيهوب أن المعارضة هي جزء أساسي وطرف فاعل في معادلة النظام الديمقراطي الذي أحد طرفيه » السلطة والمعارضة«، مؤكدا أن النظام الديمقراطي لا ينجح إلا بوجود طرفي هذه المعادلة، واعتبارا لهذه المعطيات يعتقد النائب البرلماني السابق أن النية في التعديل الدستور المرتقب تتجه نحو تفعيل دور المعارضة وتقويتها، وتابع قائلا » في الحقيقة لا نظام ديمقراطي بدون معارضة سياسية وظيفتها تنبيه السلطة الحاكمة إلى الأخطاء وتقديم البدائل التي تراها صائبة لإنجاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية وللسلطة الحاكمة الأخذ بها أو رفضها وفي الحالة التي تصل فيها أحزاب المعارضة إلى الحكم تطبيق هذه السياسات البديلة«. وحول ذلك أكد أستاذ القانون أن هذه هي مقتضيات اللعبة الديمقراطية، وبالتالي فالمفروض أن هدف الجميع »سلطة ومعارضة« واحد، فكلاهما يرغب في بناء المجتمع وتطويره، ويختلفان في الوسائل والآليات والمناهج فقط، وشدد على عدم الحكم على النوايا »في إشارة إلى موقف المعارضة من رسالة رئيس الجمهورية« بقدر ما ينبغي الحكم على الواقع والحقيقة ولذلك -يضيف شيهوب- انتظار النص الدستوري المتضمن التعديل والنصوص المطبقة له لنحكم بكل موضوعية على المبادرات.