أعطى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الضوء الأخضر لاستكمال الروتوشات الأخيرة للدستور الجديد، ومن خلال الاجتماع المصغر الذي ترأسه أول أمس اتضح أن موعد التعديل أصبح قريبا خاصة وأن الرئيس بوتفليقة سيشرف على لقاءات أخرى بعدما أكد في الفاتح من نوفمبر المنقضي أن إنجازات كثيرة تحققت وما زال منها ما ينتظر التعزيز أو الاستكمال وأن مراجعة الدستور سيتم الإعلان عن تاريخها قريبا. الاجتماع المصغر الذي ترأسه عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية والذي شارك فيه كل من الوزير الأول عبد المالك سلال، وزير الدولة مدير الديوان لدى رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، وزير الدولة المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية الطيب بلعيز، نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح وبوعلام بسايح مستشار لدى رئيس الجمهورية، خصص لدراسة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور الذي يراهن الرئيس على أن يكون دستورا جامعا .... ومن خلال هذا الاجتماع تبين أن تعديل الدستور لم تعد تفصلنا عنه سوى أيام قليلة علما أن لقاءات أخرى ستخصص لاستكمال هذا المشروع التمهيدي تحت إشراف رئيس الدولة، حيث منح الرئيس الضوء الأخضر لوضع الروتوشات الأخيرة من هذا المشروع الذي يعتبر من بين الإصلاحات السياسية الكبرى التي باشر بها بوتفليقة والتي تم من خلال تعديل حزمة من القوانين ستستكمل بهذه الوثيقة الأساسية المنظمة لشؤون الدولة، وقد سبق للرئيس أن قدم الملاحم الكبرى للدستور القادم في رسالته للأمة عشية إحياء ذكرى اندلاع الثورة في الفاتح من نوفمبر الماضي. الدستور الجديد مر على عدة مراحل أساسية بدءا من سلسلة المشاورات الأولى التي أشرف عليها عبد القادر بن صالح ومن ثمة السلسلة الثانية التي أدارها أحمد أويحيى، حيث قدمت الأحزاب السياسية، الشخصيات الوطنية، الحركة الجمعوية، أساتذة وجامعيين مقترحات وأفكار حول الدستور المقبل خاصة ما تعلق بنظام الحكم، الفصل بين السلطات، استقلالية العدالة، تعزيز الحريات الفردية والجماعية، وتصب كل المقترحات التي أدلت بها الطبقة السياسية ضمن مسعى تكريس الديمقراطية وتقوية مؤسسات الدولة بما يضمن استقرارها في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة، ليعقد رئيس الجمهورية اجتماعا مصغرا يعطي من خلاله دفعا جديدا لهذه الوثيقة التي سيفرج عنها عما قريب. هذا الدستور يريد الرئيس أن يكون تتويجا لسلسلة الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها في أفريل 2011 معززا للوحدة الوطنية، هوية وتاريخ الشعب الجزائري وتدعيم مكانة الشباب ودوره في مواجهة تحديات الألفية، مؤكدا أنه بإمكانه تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة وتعميق الفصل بين السلطات وتكاملها. وتضمنت المحاور الكبرى للدستور، حسب رسالة الرئيس، تمكين المعارضة البرلمانية من الوسائل التي تساهم في أداء دور أكثر فاعلية بما في ذلك الحق في إخطار المجلس الدستوري، إضافة إلى تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات من بين ما يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية، إذ يعول الرئيس على أن يكون تعديل الدستور كفيل بتعزيز دعائم ديمقراطية هادئة في سائر المجالات وفي مزيد من تفتح طاقات الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين. ويرمي الدستور الجديد إلى مواكبة تطورات المرحلة الراهنة والتحولات التي يشهدها العالم والمجتمع الجزائري بصفة خاصة، ومن المنتظر أن يقرر الرئيس تاريخ وكيفية تمريره سواء عن طريق البرلمان أو الاستفتاء الشعبي.