التزم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بالوعد الذي قطعه أمام الشعب قبل أربع سنوات، بإطلاق سلسلة من الإصلاحات السياسية وإجراء تعديل لمنظومة القوانين، وبموافقة الرئيس أول أمس، على المشروع التمهيدي لهذه الوثيقة، يكون الدستور الجديد قد دخل شوطه الأخير قبل عرضه للاستفتاء الشعبي أو على البرلمان، في انتظار حسم المجلس الدستور في آلية تمريره بموجب أحكام المادتين 174 و176. دخل مشروع تعديل الدستور منعطفه الأخير، قبل فصل المجلس الدستوري في طريقة تمريره بموجب الصلاحيات التي يمنحها له القانون، ولقد كان المجلس المصغر الثاني الذي ترأسه رئيس الجمهورية أول أمس، دليلا على التزام بوتفليقة بالوعد الذي قطعه أمام الشعب في خطابه الشهير سنة 2011، والذي تعهد من خلاله بإطلاق حزمة من الإصلاحات السياسية الجوهرية في مقدمتها إعادة صياغة الدستور وتعديله. ولقد فتح رئيس الجمهورية منذ أربع سنوات، باب النقاش حول منظومة القوانين، أمام الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية للخروج بدستور توافقي، وكان المشروع التمهيدي للوثيقة الذي وافق عليه رئيس الجمهورية أول أمس، نتاجا للإثراء الذي قدمته جميع فعاليات المجتمع، حيث يتضمن الدستور المنتظر تعديله، 6 محاور كبرى، تتمثل حسب بيان رئاسية الجمهورية في »تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا وحول هويتنا وحول قيمنا الروحية الحضارية، تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم، استقلالية القضاء، تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها، إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية، بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري، وتنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة، وهو ما يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية، في الحياة الوطنية،وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات خدمة للديمقراطية التعددية«. وينتظر أن يفصل المجلس الدستوري في آجال لا تتعدى 20 يوما ?منذ يوم عرض مسودة التعديلات عليه-، في آلية تمرير الدستور سواء عبر الاستفتاء الشعبي أو على غرفتي البرلمان، وهو الاحتمال الأقرب خاصة إذا كانت التعديلات الجديدة الوثيقة لا تمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما و لا يمس بأي كيفية بالتوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية. وحول ذلك، لقد أبرز بيان الرئاسة أن مجلس الوزارء سيعكف في شهر جانفي على دراسة مشروع القانون التمهيدي المتضمن تعديل الدستور قبل عرضه على المجلس الدستوري الذي سيقوم بدوره بموجب المادتين 174 و176 من الدستور بإبداء رأيه حول الطريقة التي ستتم بها دراسة هذا النص والمصادقة عليه من قبل البرلمان، حيث تنص المادة 176 من الدستور الحالي أنه »إذا إرتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما و لا يمس بأي كيفية بالتوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية وعلل رأيه أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان«، فيما تنص المادة 174 من الدستور أنه »لرئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدستوري وبعد أن يصوت عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بنفس الصيغة حسب الشروط نفسها التي تطبق على نص تشريعي يعرض التعديل على استفتاء الشعب خلال الخمسين (50) يوما الموالية لإقراره. يصدر رئيس الجمهورية التعديل الدستوري الذي صادق عليه الشعب«. وعلى الرغم من شح وثيقة الرئاسة من التفاصيل بشأن التعديلات المدرجة، غير أن البيان أكد أن مضمون الدستور الجديد »ليس عميقا بمعنى أنه لا يمس بالتوازنات داخل النظام السياسي«، وهو ما جعل الرئيس يصرف النظر عن خيار عرضه على الشعب ليقول كلمته فيه. وأكد رئيس الجمهورية خلال اللقاء الذي جمعه بكل من الوزير الأول عبد المالك سلال، وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، وزير الدولة المستشار الخاص لرئيس الجمهورية الطيب بلعيز ونائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح ووزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح وبوعلام بسايح مستشار لدى رئيس الجمهورية، أنه سيتم توجيه نسخة من مشروع تعديل الدستور في الأيام المقبلة للشخصيات والأحزاب السياسية والجمعيات التي تمت استشارتها خلال تحضيره. كما سيتم إعلام الرأي العام بفحوى مشروع تعديل الدستور عن طريق وسائل الإعلام.