على مسافة 2000 كلم من الجزائر العاصمة تقع عاصمة الأهقار "تمنراست" المدينة الصحراوية الساحرة..فهي تتربع على بساط رملي ساحر موشح بجبال بركانية ذات أحجار سواداء تبدو إليك من الطائرة وكأنك تمشي على زربية أبدعت في رسمها الطبيعة على علويصل إلى 1400 كلم على سطح البحر. كانت رحلة العمل في إطار توجيهات الأمين العام للحزب عمار سعداني والتي ترجمت إلى برنامج عمل سطرته أمانة التكوين السياسي والتي يرأسها عضو المكتب السياسي السعيد بدعيدة ليشمل محافظات حزب جبهة التحرير الوطني بمواضيع لها علاقة بأحداثالساعة السياسية والاقتصادية وذلك من أجل وضع المناضلين في الصورة التي يجب أن يكون عليها المناضل إطلاعا وتفهما لنصوص الحزب الأساسية وأيضا لإزالة كل غموض قد يترى عليه وهو يواجه التطورات التي يشهدها الوطن حتى يكون على أهبة الاستعداد لمواجهةكل التحديات والمستجدات. لقد كانت المهمة محددة ضمن مواضيع تعددت بدءا من المواد المستجدة في التعديل الدستوري في ظل تكريس دولة الحق والقانون إلى التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد جراء تراجع اسعار النفط إلى النصوص واللوائح الصادرة عن المؤتمر العاشر للحزب إلى الوضعالمعقد بسبب الأوضاع الأمنية على حدود الوطن إلى الأسس التاريخية والنضالية للمنطلقات الفكرية لحزب جبهة التحرير الوطني. وقد تشكل الوفد من الأخوة أعضاء اللجنة المركزية محمد بوريو، بشير شارة، مصطفى بوطورة ، عبد المجيد بن حديد، والأستاذ بدعيدة السعيد رئيس الوفد. في مطار أخاموك باي حطت الطائرة ليكون في الاستقبال عضو المكتب السياسي المكلف بالجنوب الكبير ومحافظ حزب جبهة التحرير الوطني الأخ محمود قمامة ومعه عدد من المناضلين الذين يجمعون بين المسؤوليات الحزبية والمسؤوليات على مستوى المجالس المنتخبة. في الطريق إلى مقر الإقامة بفندق تيهات الذي دشنه الرئيس الراحل هواري بومدين بتاريخ 20 جوان 1978، وعلى مدى 10 كلم التي قطعناها وصولا إلى الفندق مررنا بالعديد من المؤسسات من بينها مقر الجامعة المسماة أخاموك الحاج موسى، الإقامة الجامعية،قنصليتي مالي والنيجر، وعلى حافتي الطريق شاهدنا بعض المجموعات من اللاجئين الأفارقة والذين علمنا بأن بعضهم عابرا وبعضهم عاملا في عديد الورشات. لقاء المناضلين على 90 كلم بأبلسّه بعد أداء صلاة الجمعة، واستراحة قصيرة أبى السيد محمود قمامة المكنى في تمنراست وضمن قبيلته ب خودنإلا أن يجعل هذه الزيارة لا تقتصر على المحاضرات، بل استبقها بلقاءات مع المناضلين في إطار نقاش مفتوح ودون بروتوكولات، مطعمة بزيارة سياحية حيث توجهناإلى بلدية أبلسّه التي تبعد عن مدينة تمنراست 90 كلم وتتبع دائرة سيلتوكلمة أبلسّه أصلها تارقي أمازيغي وتعني تهدم أطراف ساقية المياه. يبلغ عدد سكانها 13700 نسمة ذات طابع فلاحي رعوي وهي من المناطق الهامة بالهقار أمنوكال نهقار فقد كانت مقر المجاهدينخلال الثورة في المنطقة المسماة تهارت وإلى جانب كونها ذات إمكانية اقتصادية وفلاحية فهي أيضا أنجبت العديد من العلماء المعروفين أمثال عبد الله الخراشي ومحمد يحضية الشنقيطي، وبن مالك أحمد الفولاني وغيرهم وقبل الوصول إلى هذه المدينة كانت لنا وقفة بدائرة سيلات وفي قرية اقلن بالذات التي أبى أهلها إلا أن يستقبلوا وفد حزب جبهة التحرير الوطني بمرافقة الأخ محمود قمامة على طريقتهم التقليدية وذلك بموكب من الجمال حتى خيمة الاستقبال حيث كانت فرقة من النساءالتارقيات يعزفن على آلات موسيقية تقليدية إيقاعية ويتغنين بأهازيج ترحب بالضيوف تسمى تيندي. ثم انطلق الوفد بمرافقة رجال الدرك الوطني إلى زيارة أهم الآثار التاريخية بالمنطقة والمتمثلة في قصر تين هينان، قصبة سيليت، وطاسيلي تيمساو.. وكان أقرب هذه الآثار قصر تين هينان التي عاشت في القرن الرابع الميلادي وتعتبر من أجداد التوارق ويعنياسم تين هينان المسافرة وعندما تم العثور على هذا القصر في العهد الاستعماري وجدت بداخله حلي وجرار مليئة بالذهب،كما أن هيكلها العظمي بقي محافظا على شكله كاملا مما يوحي بعظمة هذه الملكة وضخامة جسمها. وبالعودة إلى أبلسّه..تم إقامة مأدبة عشاء على شرف الوفد وبحضور عدد كبير من مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني وقياداته على مستوى المحافظات الثلاث تمنراست، عين صالح، عين قزام وقد تكرم بإقامة هذه الوليمة أحد المناضلين في بيته الذي قدم أفضل ما يقدمللضيوف حسب عادات وتقاليد المنطقة وهو ما يسمى"الفتات" وهي أكلة لا تختلف كثيرا عن الشخشوخة البسكرية. وخلال وليمة العمل هذه فتح السيد محمود قمامة نقاشا حرّا مع المناضلين حول مختلف القضايا الحزبية، وكذا انشغالات المواطنين المحلية مؤكدا على أن حزب جبهة التحرير الوطني ومناضليه في هذه المنطقة هم دروع الوطن في مواجهة كل التحديات التي تخترق الحدود كماأن الجيش الوطني الشعبي ومختلف أسلاك الأمن هم أبناء الوطن والمواطنون وعلى وجه الخصوص مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني قوى داعمة في كل الظروف و في مختلف الاحتمالات. وتحدث الأخ السعيد بدعيدة رئيس الوفد وعضو المكتب السياسي المكلف بالتكوين مع المناضلين مثمنا الوحدة التي تسود المناضلين ومقدرا في نفس الوقت مستوى الوعي السياسي والروح الوطنية التي أبرزها النقاش المسؤول وهي قيمة نضالية كانت ميزة أبناء هذه المنطقة علىمر التاريخ وعبر كل الانتفاضات والثورات التي قادها رجال التوارق في مواجهة الاحتلال الأمر الذي لم يمكنه من السيطرة على هذه المنطقة إلا بعد ما يقرب من 90سنة بعد الاحتلال. من تيهات إلى مقر المحافظة وفي اليوم الموالي يوم السبت 26 مارس 2016 كنا على موعد مع السيد محمود قمامة ومسؤولين قيادين في حزب جبهة التحرير الوطني على مستوى المحافظات الثلاث في مقر المحافظة التي لم تكن تبعد كثيرا عن الفندق الذي نزلنا به تيهات . لمحافظة حزب جبهة التحرير الوطني بتمنراست مقر كبير به مكتب المحافظ وقاعة الاجتماعات وملحق به إقامة لضيوف المحافظة والملفت في هذا المقر أن جميع أثاثه لا يزال من بقايا الحزب الواحد والذي كان قد زود مقراته بأثاث من صناعة معمل تبوكرت المتواجدبعزازقة بولاية تيزي وزو والذي يحمل النقوش البربرية المعهودة. وقد جال بنا السيد المحافظ أنحاء المقر والذي زين بصور تاريخية من عهد الثورة تعود للرئيس عبد العزيز بوتفليقة (عبد القادر المالي) وأحمد دراية ومحمد الشريف مساعدية وعبد الله بلهوشات إضافة إلى صورة تاريخية للسيد محمود قمامة يحمل العلم الجزائري متقدما جيشالتحرير وهو يدخل مدينة تمنراست في عهد الاستقلال، إضافة إلى ذلك، ما يشتمل عليه مكتب المحافظ من مكتبة توثيقية هامة تحتوي على عديد الكتب والوثائق الحزبية وقد لفت انتباهي نسخا من الميثاق الوطني لسنة 76 والذي يكاد يفتقد اليوم في عديد المكتبات الرسمية. وصلت الآن اللحظة الأساسية والتي هي سبب تواجد الوفد في تمنراست ونعني بذلك اللقاء بمناضلي وقيادات المحافظات الثلاث تمنراست، عين صالح، عين قزام وهي المحافظات التي تضم 5000 مناضل ومناضلة إلا أن محافظة تمنراست تتكون من 20قسمة موزعة علىعشر بلديات و تتميز على محافظات الوطن بإنشائها لقسمات نسائية وهي تتوازى مع القسمات الرجالية أي أنه توجد 10 قسمات رجالية و10 نسائية بمعدل قسمتان في كل بلدية. كانت قاعة الاجتماعات قد امتلأت بالمناضلين والمناضلات من مختلف الشرائح والتي برز فيها بشكل واضح عنصر الشباب الجامعي الذي أثرى النقاش لاحقا. بعد دخول القاعة والجلوس على المنصة الرئاسية عُزف النشيد الوطني وقرئت فاتحة الكتاب على أرواح الشهداء ليفتتح السيد محمود قمامة عضو المكتب السياسي المكلف بالجنوب الكبير ومحافظ تمنراست بكلمة أشار في مستهلها إلى أن العمل في هذه المحافظة يتم بمقتضىتوجيهات السيد الأمين العام عمار سعيداني ليضيف قائلا " نقول لفخامة الرئيس عبد القادر المالي لقد كنا معك في حرب التحرير الوطني ونحن اليوم مع أبنائنا وبناتنا معكم لحماية الحدود وما وراء الحدود من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الوطن مؤكدا على أن محافظةتمنراست هي قلعة من قلاع النضال وأبوابها مفتوحة أمام الجميع وخاصة الشباب من الجنسين ليدعموا حزب جبهة التحرير الوطني ويحافظوا على استمراريته في أداء رسالة الشهداء. رئيس الوفد الأخ السعيد بدعيدة عضو المكتب السياسي المكلف بالتكوين السياسي تحدث في البداية عن نضال شعب هذه المنطقة ومواجهته الشرسة لقوات الاحتلال وتكبيدها الخسائر الكبيرة حتى سنة 1924 أين تمكنت من احتلال المنطقة، وهي لا تزال منطقة نضال بمختلفشرائحها. ثم قدم خلاصة لما جاء به الدستور عبر أبوابه الأربعة وما سجل فيه من مواد جديدة خاصة ما تعلق منها بدسترة المصالحة الوطنية والأمازيغية إضافة إلى النص على أن الشعب هو مصدر كل السلطات وكذا ضمان الحريات والحقوق والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعيةوالتأكيد على استقلالية القضاء والمساواة بين الرجل والمرأة في العمل، كما تطرق إلى عملية مراقبة الانتخابات بإحداث لجنة مستقلة وهو في ذلك استجابة لمطالب المعارضة، كما تحدث السيد بدعيدة على المجالس الاستشارية السبعة المستحدثة والملحقة مباشرة برئاسةالجمهورية ولم يفت رئيس الوفد أن يدعو الجميع إلى التجند الكامل في وحدة وطنية قوية للمحافظة على هذا الوطن خاصة وأن موقع تمنراست الاستراتيجي يجعل منها جبهة قوية داعمة للجيش الوطني الشعبي الواقف على الحدود يحمي الوطن والأمة. وتحدث السيد محمد بوريو عضو اللجنة المركزية عن الوثائق الصادرة عن المؤتمر العاشر مركزا على ما جاء به القانون الأساسي من مواد تحدد الاجراءات التنظيمية لنشاط مناضليه عبر مختلف الهياكل مفضلا التطرق قبل ذلك للمضامين والدلالات التي حملتها رسالة الرئيسعبد العزيز بوتفليقة إلى المؤتمر العاشر مما جعل المؤتمرين يتبنونها كوثيقة عمل، وفي نفس الوقت أشار إلى كلمة السيد عمار سعيداني الأمين العام للحزب والتي تضمنت البرنامج العام للحزب على مختلف المستويات وفي كل القطاعات، كما استعرض مختلف وثائق المؤتمروخاصة لائحة السياسة العامة التي تؤكد دعم الشعبين الفلسطيني والصحراوي حتى الاستقلال. وتناول السيد بشير شارة عضو اللجنة المركزية التحديات الاقتصادية في ما بعد تدني أسعار المحروقات مقدما في نفس الوقت المقترحات بخصوص البدائل الاقتصادية والمتمثلة في دعم الاستثمار في المجالات الفلاحية والسياحية. وتطرق من جهة أخرى إلى الإجراءات الجديدة التي جاء بها قانون المالية لسنة 2016 معتبرا أنه حافظ على المكتسبات الاجتماعية للمواطنين خاصة في مجال الدعم الاجتماعي مؤكدا على أهمية صندوق ضبط الإيرادات الذي سمح للحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنةبسد العجز في ميزانية الدولة . أما السيد مصطفى بوطورة عضو اللجنة المركزية فقد تحدث عن التحديات الجيوسياسية، مشيرا على وجه الخصوص إلى المخاطر التي تواجهها الجزائر بسبب التقلبات الأمنية بدول الجوار زيادة عن التحديات الاقتصادية المتأتية من أزمة المحروقات. ورأى السيد بوطورة بأن الجزائر عملت بجد لحماية سيادتها والحفاظ على أمنها واستقرارها في محيط ملتهب مما يتطلب إمكانيات ضخمة لتأمين الحدود الشاسعة مشيرا إلى التحذير الجزائري من مغبة التدخلات العسكرية في الدول معتبرا أن مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول لايعني عدم المبالات بدليل أن الجزائر واعية بمسؤولياتها الوطنية وتبذل قصارى جهدها في تقديم العون للدول التي تعاني الأزمات مثل المالي وليبيا وتونس. وقد تناول عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير السيد بن حديد عبد المجيد موضوع المنطلقات الفكرية لحزب جبهة التحرير الوطني مؤكدا على أنها مستمدة من نضالات ومقاومات الشعب الجزائري على مدى 132 سنة وقد تبلورت على وجه الخصوص من خلال بيانثورة أول نوفمبر 1954 والذي ظلّ المنبع الذي تنهل منه كل عمل سياسي أو اقتصادي أو تنموي في بناء الدولة الجزائرية ومرافقة مراحل تطورها عبر السنين مؤكدا على أن حزب جبهة التحرير الوطني اعتمد ولايزال يعتمد على تلك القيم من أجل دولة جزائرية وطنيةقوية لها القدرة على مواجهة التحديات التي تفرزها كل مرحلة من مراحل التاريخ سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي والدولي كما ظل حزب جبهة التحرير الوطني وفقا للائحة الصادرة عن المؤتمر العاشر "المنطلقات الفكرية" منذ إقرار التعددية الحزبية سنة 1989وفيا لمنظومة الأفكار التي وضعها قادة الثورة الأوائل بفكر مستقبلي استشرافي وفق منظور العصر. وإثر هذه المداخلات فتح النقاش ليتولى المناضلون طرح مجموعة من الأسئلة التي أكدوا من خلالها على مستوى الوعي السياسي الذي يرسخ روح الإيمان بالوطن والاستعداد الدائم للتضحية وهو تعبير عن أحاسيس هؤلاء المواطنين المناضلين المتواجدين على خط النار تجاهالوطن والوفاء للجيش الوطني الشعبي الواقف بالمرصاد لكل المتربصين بهذه الأمة معبرين عن انشغالاتهم في ما يتعلق بالعمل الحزبي وخاصة مسألة الانخراطات والمداومة على مستوى القسمات وهي النقاط التي أجاب عنها المحافظ مؤكدا على أنها في صلب عمل أمناءالقسمات على مستوى محافظة تمنراست وفقا لتعليمات الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني . بعد هذا اللقاء السياسي الذي عكس ما يزخر به حزب جبهة التحرير الوطني من قوى نضالية امتزجت فيها الشرائح وتشابكت الأجيال وكشفت عن واقع قائم في هذه المنطقة من الوطن وهو التمسك بكل ذرة رمل والاستعداد لكل لحظة ينادي فيها الوطن أبناءه، كان لقاء آخرفي منزل السيد محافظ الحزب بتمنراست عضو المكتب السياسي المكلف بالجنوب الكبير خودن قمامة الذي غص بكل الذين ضمتهم قاعة الاجتماع حول مائدة كريمة تحلق حولها الجميع في مجموعات موزعة في فناء الدار وكان على رأس هذه المائدة الكسكسي بلحم جملصغير مع توابع من أكلات محلية لا تختلف كثيرا عن أكلات الشمال حيث تولى الحاضرون بعد الانتهاء من مأدبة الغداء كعادة أهل الصحراء قراءة سور من القرآن الكريم ورفع الأكف بالدعاء لصاحب البيت وللحاضرين وللوطن لتختتم بقراءة الفاتحة. زيارة الوالي...وجبل الأهقار قرب يوم السبت من الانتهاء إلا أن تواجدنا بولاية تمنراست لا يمكن أن يكون دون زيارة مجاملة للسيد والي الولاية السيد سليم بلقاسم الذي استقبلنا بمقر الولاية مشكورا بالرغم من أنه يوم عطلة وقد رحب بالوفد ترحيبا كبيرا مقدرا جهود السيد محمود قمامة على مستوى الولايةوعمله التنسيقي والمتكامل مع مختلف المؤسسات والقطاعات باعتباره مسؤولا حزبيا ونائبا وطنيا وأحد كبار أعيان المنطقة. وخلال تجاذب أطراف الحديث أبان السيد الوالي بأن المنطقة تمتاز ببعد المسافات بين الدوائر والبلديات إلا أن الجهود متواصلة لاستمرار تحقيق منجزات على مستوى الصحة والأشغال العمومية والتعليم بحيث تتوفر اليوم ولاية تمنراست على حوالي 100 طبيب أخصائي إضافةإلى تواجد المدارس من الابتدائي وحتى الجامعة مؤكدا على خاصية يمتاز بها السكان وهي الصبر رغم كل الظروف إلا أن الثقة الموجودة بين المواطن والإدارة هي العامل الذي يدفع الجميع للتعامل مع الظروف بروح رياضية. مباشرة بعد الخروج من مقر الولاية اقترح الأخ محمود جولة سياحية عند أقدام جبل أهقار حيث يوجد بالقرب منه منبع مائي طبيعي غازي يأتيه الزوار القاصدين جبل أهقار المنتصب كالطود الشامخ والموشح بالأخاديد من أعلى قمته إلى قاعدته الملامسة للأرض مشكلا بذلكلوحة فنية تولت الطبيعة الإلهية نحتها لتكون على أبهى صورة تبهر الزوار القاصدين للمكان من مختلف أنحاء العالم خاصة وأنه يقع على الطريق الواصل إلى جبال الأس كرام. جلسة شاي تحت أقدام الجبل في سفح الجبل وفي ركن من الأودية المحيطة به أبى أبو الجود والكرم الأخ خودن إلا أن يفاجئنا بجلسة شاي فوق الزرابي المفروشة على الأرض حيث تحلقنا فوقها أين بدأت عملية توزيع الشواء وفقا لتقاليد المنطقة وهو المسمى الملفوف قطع من الكبدة ملفوفة في رقائقالشحم مرصوصة على سيخ كبير يلف به حامله على الجميع ليتم تناوله قطعة قطعة. وبعد هذه الأكلة الدسمة تم توزيع كؤوس الشاي الصحراوي الذي بقي مذاقه المز في أفواهنا إلى أن حطت بنا الطائرة على الساعة الخامسة من صباح الأحد على مطار هواري بومدين فتلك هي تمنراست الحضارة والتاريخ وأولئك هم أهلها المناضلون الكرام.