مصر تعتذر عن تنظيم كأس إفريقيا لكرة اليد وهي مستعدة لتحمل العقوبة التي ستسلط عليها، السبب هو تجنب استقبال الفريق الجزائري في القاهرة، ويقول رسميون مصريون إن استقبال الجزائريين سيثير سخط الجماهير المصرية، وفي المقابل نقلت وسائل إعلام عن وزير الخارجية المصري قوله إن العمال المصريين يريدون العودة إلى الجزائروالقاهرة تبحث عن التهدئة. بين الموقفين، وكلاهما صادر عن جهة رسمية، مسافة بعيدة جدا، فإذا كان مجرد استقبال الجزائريين يثير سخط المصريين وقد تنجر عنه عواقب وخيمة فإن الحديث عن تهدئة يصبح بلا معنى، بل إن التبرير الذي قدمته القاهرة لرفض استضافة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم يؤكد العداء للجزائر التي نجح آل مبارك في تعميمه لدى المجتمع المصري، وهذا الموقف يؤكد أيضا الشهادات التي قدمها العائدون من القاهرة والذين يتحدثون عن حملة كراهية غير مسبوقة ضد الجزائريين، وعن اعتداءات وإهانات جعلت الآلاف يفرون من مصر خلال الأيام التي تلت الهزيمة المصرية في السودان. الأصوات التي تتحدث عن ضرورة تجاوز ما حدث بالحكمة والعقل نطقت متأخرة جدا وهي في الغالب غير مستوعبة لما جرى ويجري، فالحديث عن الأخوة والقواسم المشتركة بين الشعبين لن يغني أبدا عن ضرورة الدعوة إلى معالجة الوضع الخطير الذي تميزه الكراهية المفرطة للجزائريين وحملة الإساءة المستمرة إلى الشعب الجزائري ودولته ورموزه وهذه الإساءة أصبحت اليوم مدخلا ضروريا لإثبات الولاء لآل مبارك وضمان رضاهم، ولن تكون هناك أي جدوى من أي صلح دون وقف الإساءات أولا والاعتذار عنها والالتزام بعدم العودة إلى ارتكاب هذا الجرم ثانية، وحتى عندما تتحقق هذه الشروط سيتعين علينا انتظار سنوات طويلة قبل أي يندمل الجرح الذي فتحته هذه الطعنة الغادرة في ظهر الشعب الجزائري من خلال التجرؤ على رموزه وفي مقدمتهم الشهداء. قبل أيام كنت أقرأ مقالا لصحافي مصري متحمس وشدت انتباهي عبارة ختم بها الصحافي مقاله فقد كتب باللهجة المصرية "اللي يمس بلدنا حناكله" واستغربت كيف أن التاريخ لم يحدثنا عن أكل الإسرائيليين الذين أكلوا الأرض المصرية وبقوا فيها ما شاء الله ولم يخرجوا منها إلا بمفاوضات وبشروطهم التي مهدت لتصفية قضية العرب الأولى، وتمنيت من صميم قلبي لو كانت لدي القدرة على تصديق ما يكتبه المصريون وما يقولونه.