بعد سنة كاملة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ظلت الأوضاع على ما هي عليه, حيث غاب الإعمار واشتد الحصار واتسع الخرق بين القطاع والضفة وتلاشت الآمال في محاسبة إسرائيل، في ظل خلافات فلسطينية حادة،وحسابات إقليمية ودولية متآمرة على الواقع الإنساني لأهداف سياسية بحتة. وفي الذكرى الأولى لهذه الحرب التي خلفت أكثر من 1500 شهيد معظمهم من النساء والأطفال وآلاف المصابين والمشردين تنعدم أي بارقة في الانفراج عدا المسيرات المنددة بإسرائيل في ذكرى العدوان. وفي الذكرى الأولى للحرب ما زالت غزة تنتظر إعمارها الذي قدر بملياري دولار وما بين ثلاث وخمس سنوات من الأشغال. لكن عقبات جمة حالت دون وصول التمويلات التي تعهد المجتمع الدولي بدفعها والبالغة حوالي 4.5 مليارات دولار, أبرزها الوضع السياسي المعقد بغزة إذ ترفض الجهات المانحة التعامل مع حركة حماس التي تسيطر على القطاع, وإصرار إسرائيل على منع دخول مواد البناء التي تحتاجها غزة حتى قبل العدوان. وقد أعربت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عن رغبة في توجيه المساعدات للسلطة الفلسطينية التي لا تقدر على فعل أي شيء على الأرض في قطاع غزة مما يزيد الأمر تعقيدا. ورغم سماح المانحين الغربيين بتمرير مساعدات للقطاع عبر منظمات الأممالمتحدة فإن هذه المسألة لا تنسحب على مشروعات إعادة البناء الكبرى لتبقى غزة وكأنها خرجت توا من الحرب. وفي الذكرى الأولى للحرب على غزة ما زال الحصار على أشده في ظل غلق كامل للمعابر نحو إسرائيل وشبه إغلاق كامل لمعبر رفح على الحدود مع مصر الذي يعد المتنفس الوحيد لقطاع غزة في ظل الوضع الراهن. كما يقوم الطيران الإسرائيلي بين الحين والآخر بقصف الأنفاق على طول الحدود مع مصر التي تعتبر الأمل الوحيد لسكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون شخص للحصول على الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء في ظل غلق المعابر. لكن الوضع المتأزم أصلا يبدو مرشحا ليتفاقم بعد القرار المصري ببناء جدار فولاذي على عمق 30 مترا تحت الأرض على طول الحدود مع غزة. وفي الذكرى الأولى للحرب على غزة ما زالت خطط المصالحة الفلسطينية بين الأخذ والرد رغم تعدد اللقاءات وتنوع الوساطات. وقد تواصلت الاتهامات المتبادلة بين حركتي فتح وحماس التي تتهم فيها كل حركة الثانية بشن حملة اعتقالات في صفوف أنصارها سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. ثم جاءت قضية تقرير غولدستون الذي طالبت السلطة الفلسطينية بتأجيل التصويت عليه فيما اعتبر »تواطؤا« لإنقاذ إسرائيل لتزيد في اتساع الخرق بين الضفة والقطاع. وتظل الخلافات مرشحة للتصعيد خاصة في ظل رفض حركة حماس توقيع الورقة المصرية وإصدار الرئيس محمود عباس مرسومه الرئاسي بإجراء الانتخابات في جانفي المقبل رغم معارضة حماس. فهل سيتم إعمار غزة؟ أم أنها ستنتظر سنة أو سنوات أخرى خاصة وأن المظاهرات التي انتظرت إسرائيل أنها ستخرج في غزة بسبب الحصار لإسقاط حماس خرجت للتنديد بالحصار والاحتلال؟