مستغانم: التحضير لموسم الاصطياف على قدم وساق    مآثر هاتين الشخصيتين الثوريتين يحتفظ بها التاريخ لتلهم الأجيال المتعاقبة "    بحثنا سبل تنفيذ القرارات الخاصة بتطوير المنظومات الصحية    الأونروا" تدعو العالم الى إنقاذ جميع أطفال قطاع غزة    دي ميستورا يلتقي الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي    ارتقاء 15 فلسطينياً منذ فجر يوم أمس    يعزّي في وفاة قائد القطاع العسكري لولاية تيميمون    11 شخصا متوفى و 555 مصابا خلال 48ساعة الاخيرة    سعداوي يستقبل ممثلي النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ    فرصة لإبراز التقدم والتطور الذي يشهده قطاع الصناعات الغذائية    يوم الطفل الفلسطيني: الاحتلال الصهيوني أعدم 200 طفلا في الضفة الغربية ويعتقل أكثر من 350 آخرين منذ بدء العدوان    الجمعية ال 150 للاتحاد البرلماني الدولي: بوغالي يلتقي نظيره البحريني    العاب القوى/ رمي المطرقة: الجزائرية زهرة ططار تسجل رقما قياسيا وطنيا جديدا (70.82 مترا)    الألغام المضادة للأفراد محور ندوة بالجزائر العاصمة    الجمعية ال150 للاتحاد البرلماني الدولي: بوغالي يترأس اجتماعا تنسيقيا لتوحيد الموقف العربي والإفريقي حول البند الطارئ    فرنسا مطالبة بالاعتراف بجرائمها وتعويض ضحايا ألغامها    حملة الحصاد و الدرس لموسم 2024-2025: السيد شرفة يؤكد على اهمية العمل الاستباقي و الجواري لانجاح العملية    رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني تستقبل ممثلين عن عدة جمعيات وطنية ومحلية    دعوات للغضب والمقاومة بالمدن المغربية    ذكرى استشهاد عميروش وسي الحواس مناسبة لاستذكار وصية الشهداء بالحفاظ على وحدة الجزائر    ستافان دي ميستورا يواصل زيارته بعقد لقاء مع مسؤولين بالقيادة الصحراوية    يوسف بلايلي يثير جدلا كبيرا في تونس    السد القطري يتضامن مع عطال ويسانده برسالة قوية    445 مشارك في تصفيات المسابقة العالمية للذكاء الاصطناعي    سعداوي يستقبل ممثلي النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ    الأرملة فتيحة زميم.. طموح بحجم وطن    سيدهم حيسون.. مؤذن يبدع في الخط العربي    البدو الرحّل..هموم بقساوة الطبيعة.. الرسالة وصلت..    دعوة لحماية المخطوطات الفلسطينية المهددة بالنهب والتدمير    تبادل الخبرات والتجارب لتعزيز التكفّل بذوي الهمم    عرفان للرعيل الأوّل من الروّاد    "أغالب مجرى النهر" جديد سعيد خطيبي    مبدعون يخطّون"إشراقات"    بللو يشرف على مراسم الإرسال الإلكتروني لملف ترشح الجزائر لتسجيله..ملف الحلي واللباس النسوي القبائلي على طاولة اليونيسكو    "الكناري" وصيف و"الحمراوة" يتنفسون الصعداء    أوبك+: عرقاب يشارك في الاجتماع ال 59 للجنة المراقبة الوزارية المشتركة    تحسباً لكأس العرب..دغموم يدخل حسابات بوقرة    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 555 آخرين خلال ال48 ساعة الأخيرة    مستغانم..تخصيص 360 مليون دج لمشاريع تنموية ببلديات دائرة سيدي لخضر    الإصابة تضرب أمين غويري    لقيت إجحافاً متعمَّداً من الكتّاب والمؤرخين الفرنسيين    المنتخب الجزائري يرتقي إلى المركز ال36 عالمياً في تصنيف الفيفا لشهر أفريل    تعاون متزايد بين الجزائر ومنظمة الصحة العالمية لتعزيز القطاع الصحي    وزارة الصناعة الصيدلانية تقرّ اجراءات تفادياً لأي تذبذب أو انقطاع دوائي    حين عبرنا النهر..البساطة سبيلاً لرواية حياة الأبطال    خسائر ضخمة في سوق الأسهم الأميركية منذ تنصيب ترامب    صالون "جازاغرو" يفتتح الاثنين بالعاصمة بمشاركة 650 عارضا    27 مليون دولار لإنتاج البلوط الفليني في الجزائر    الخضر يتقدّمون    وزير المجاهدين يتحادث ببرلين مع عدة وزراء و مسؤولي منظمات دولية    إنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين ومحطات للطاقة الشمسية    دعم التعاون الإفريقي بين الدول المنتجة للنفط    برمجة فتح الرحلات عبر "بوابة الحج" و تطبيق "ركب الحجيج"    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة .. إرث التاريخ وآلام السياسة
حدث وحديث
نشر في الفجر يوم 14 - 01 - 2009


إن مجزرة الجيش الإسرائيلي على غزة وقذف سكانها بالفوسفور هو انتقام للدولة العبرية من تاريخ غزة العريق، الضارب في القدم أكثر من تاريخ اليهود ذاتهم، ومحاولة لاجتثاث المقاومة التي يعرف بها السكان والتي تمتد عبر أغوار التاريخ وتجسدها حاليا حماس والفصائل الصامدة في غزة. تاريخيا، تشير المصادر التاريخية إلى قدم وجود الإنسان في مدينة غزة على مدار أكثر من 3000 عام قبل الميلاد، وكانت أول مرة ذكرت فيها في مخطوطة للفرعون " تحتمس الثالث " (القرن 15 ق.م). وبعد 300 سنة من الوجود الفرعوني للمدينة نزلت قبيلة من الفلسطينيين وسكنتها. وفي العام 635 م دخل المسلمون العرب المدينة وأصبحت مركزا إسلاميا مهما. وهي تشتهر بوجود قبر الجد الثاني للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، هاشم بن عبد مناف فيها ولذلك أحيانا تسمى غزة هاشم. كما تشتهر بكونها كانت مسقط رأس الإمام الشافعي (767-820) الذي هو أحد الأئمة الأربعة وصاحب المذهب الشافعي. سيطر الأوروبيون على المدينة في فترة الحملات الصليبية، لكنها رجعت تحت حكم المسلمين بعد أن انتصر عليهم صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين عام 1187. وبعدها دخلها الأتراك العثمانيون في القرن السادس عشر وبقيت تحت حكمهم حتى سنة 1917 عندما استولى عليها الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى بعد ثلاث معارك ضارية راح ضحيتها الآلاف. ويحفظ التاريخ في تلك الحرب صمود لواء واحد من الجيش العثماني مؤلف من أقل من ثلاثة آلاف جندي كلهم فلسطينيون في وجه فرقتين بريطانيتين أمام غزة وكبدهما خسائر فادحة وأرغمهما على التراجع حتى العريش في مصر عام 1917 م ، وإثر هذا أصدر أحمد جمال باشا، القائد التركي الذي اشتهر بخصومته للعرب، بيانا رسميا أشاد فيه بالشجاعة الفذة التي أبداها أولئك الجنود الفلسطينيون في غزة أمام أضعاف أضعافهم من جنود العداء. وبعد انتهاء الحرب، أصبحت غزة جزءا من فلسطين في فترة الاحتلال البريطاني وتم إضافتها إلى الدولة الفلسطينية عندما أصدرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عام 1947، وبعد عام من ذلك، قام الجيش المصري بدخول المدينة، وتدعيما لهذا وقعت كل من مصر وإسرائيل هدنة في بداية العام 1949 تقضي باحتفاظ مصر بالمدينة ولذلك كانت مأوى لكثير من اللاجئين الفلسطينيين عند خروجهم من ديارهم. وأثناء العدوان الثلاثي على مصر 1956، قامت إسرائيل باحتلال غزة والسيطرة على سيناء المصرية، لكن الضغط العالمي على إسرائيل اضطرها للانسحاب منها، لكن تم إعادة احتلالها في حرب الستة أيام (5 جوان 1967). وبقيت تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى عام 1994 بعد الاتفاق بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل إثر مفاوضات أوسلو. ومن خلال هذا تظهر العلاقة التي تربط بين مصر وقطاع غزة الذي يقع جغرافيا شمال شرق سيناء المصرية ويبعد عن الحدود المصرية ب 32 كيلومترا. وتظهرأيضا أهمية معبر رفح، الذي هو المنفذ الوحيد لقطاع غزة على الأراضي العربية المتمثلة في مصر، وهو الطريق الوحيد الذي تمر عبره مستلزمات الفلسطينيين نحو القطاع في ظل غلق كل المعابر الإسرائيلية. جغرافيا، يجد سكان القطاع أنفسهم، طبقا لاتفاقيات أوسلو 1993، محاصرين من الوراء بإسرائيل ومن الأمام بالبحر الأبيض المتوسط الذي ترسو فيه السفن الحربية الإسرائيلية. ونتيجة لهذا الوضع الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي من الناحية الجغرافية، إضافة إلى الحصار السياسي والاقتصادي المفروض على القطاع منذ أكثر من عامين، فإن حدود غزة بمصر تشهد حفر أكبر عدد من الأنفاق الأرضية من أجل تمرير البضائع والسلع ومستلزمات الحياة. ويتميز القطاع الذي تقدر مساحته ب 378 كيلومتر مربع، ويشكل 1 في المائة من مساحة فلسطين المحتلة. ويعيش فيه حوالي 1.5 ملايين فلسطيني حسب إحصاء العام 2006، أغلبهم من لاجئي حرب 1948، بكثافة سكانية عالية يتجاوز معدلها 26400 مواطن في الكم مربع الواحد، وتصل الكثافة في مخيمات اللاجئين إلى 55500 مواطن في الكم مربع الواحد. كما يعرف القطاع أكبر معدلات البطالة في العالم، حيث أن إسرائيل لا تسمح للعمال من الخروج من غزة الى إسرائيل للعمل ثم الرجوع إليها. ويصنف بأنه من أفقر المناطق في العالم . ولهذا يلقى الدعم من قبل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، حيث أنه يعتمد على الصناعة الخفيفة وإنتاج بعض الحمضيات واقتصاده لا يستطع تلبية احتياجات عدد السكان الكبير. سياسيا، انتهى الوجود الاستيطاني الإسرائيلي في قطاع غزة في 12 سبتمبر 2005. فأعلنت الحكومة الإسرائيلية إنهاء الحكم العسكري مع أن الجيش الإسرائيلي لايزال يراقب أجواء القطاع وشواطئها، بل أنه يقوم بعمليات عسكرية برية داخله من حين لآخر. كذلك مازالت إسرائيل تسيطر بشكل كامل على معابر القطاع مع إسرائيل. أما المعبر بين القطاع ومصر فيخضع لمراقبة دولية مصرية مشتركة. وإضافة الى هذا مازالت إسرائيل المسؤولة الرئيسية عن تزويد سكان غزة بالماء الشروب، الوقود والكهرباء حتى بعد انسحابها من القطاع. فأي دولة فلسطينية هذه التي يتحدثون عنها وأي سلطة هذه التي أفرزتها اتفاقيات أوسلو. فقطاع غزة محاصر والرئيس الفلسطيني يدخل إلى رام الله بتسريح إسرائيلي ويخرج منها بتسريح آخر. فالضفة الغربية مازالت محتلة رغم أن اتفاقيات أوسلو تقول إنها تشكل الدولة الفلسطينية مع غزة .. في جوان من العام 2006 دخلت خلية من كتائب عز الدين القسام إلى إسرائيل عبر نفق وهاجمت قوة للمدرعات الإسرائيلية كانت تراقب الحدود، ما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة آخرين. وقبضت المجموعة الفلسطينية على أحد الجنود يدعى جلعاد شاليط ونقلته إلى قطاع غزة، حيث حبسته مطالبة بإطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل تحريره ومازال مسجونا حتى اليوم. ورداً على الهجوم، دخلت قوات الجيش الإسرائيلي إلى القطاع وقصفت الطائرات الإسرائيلية مواقع عديدة من القطاع. ميدانيا، اشتد التوتر بين أنصار حماس وأنصار فتح في القطاع، إلى أن وصل الى سيطرة حماس في جوان 2007 على الأجهزة الأمنية في قطاع غزة. فأعلن رئيس السلطة محمود عباس حل الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية والتي تشكلت إثر فوز حماس بالأغلبية في الانتخابات التشريعية في العام 2005 وقام عباس في نفس الوقت بتعيين حكومة انتقالية برئاسة سلام فياض، ومنذ ذلك الحين توجد حكومتين فلسطينيتين؛ إحداهما برئاسة حماس في قطاع غزة تتبنى المقاومة والأخرى تدعمها فتح في رام الله وتفضل التوجه نحو السلام مع إسرائيل. وتشجع الحكومتان قوى إقليمية ودولية وتناصرهما في توجهاتهما السياسية ورغم أن الحرب الإسرائيلية على غزة تمتد لمدة 19 يوما وبصورة غير متكافئة، وعدد الشهداء يقارب 1000 شهيد وعدد الجرحى يقارب 5000 جريج، إلا أن أصحاب طرح السلام - عفوا الاستسلام لإسرائيل - يرفضون التحرك لإيقاف شلال الدم ويمتنعون حتى عن عقد قمة عربية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.