هل تغير الحال في الذكرى الأولى للعدوان الإجرامي الصهيوني على غزة؟ فقد ساء المشهد كثيرا كثيرا.. لا يزال القطاع محاصرا والمعابر مغلقة ويطال الموت البطيء الآلاف من ضمن أكثر من مليون ونصف مليون ساكن يحرمون أبسط ضروريات الحياة عقابا لهم على اختيارهم المقاومة وانتخابهم لحماس وفق مخطط أمريكي إسرائيلي وينفذ بامتياز من قبل سلطة عباس الفاشلة و النظام المصري بقيادة مبارك الذي فك الارتباط بالقضية الفلسطينية واستباح الأمن القومي العربي. كانت الحرب على غزة جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس ولا يزال الإسرائيليون يجرّون خيبتهم التي تلاحقهم منذ تقرير غولدستون وتعرض ليفني وجنرالات آخرين لمساءلة العدالة في عواصم أوروبية. كانت الحرب أيضا صورة عن حجم انقسام النظام العربي وغياب التضامن العربي حتى لصدّ العدوان لصالح سياسة المحاور والحسابات الضيقة والرخيصة. كانت الحرب على غزة صورة عن حفارة الدور المصري الذي تحول إلى شريك في »النضال« مع إسرائيل في المنطقة واستغل الجغرافيا من أجل اصطفاف إقليمي ليساوم به عند مغبر رفح ووفود المساعدات الإنسانية والإسعافات للضحايا من المدنيين. لا يزال هذا الدور يزداد حقارة يوما بعد يوم وما الشروط وأشكال التعسف اليومي عند المعبر إلاّ غيض من فيض، فتمنع قافلة الحياة مثلما تمنع الشاحنات والمؤن من الدخول إلى غزة بكل برود ويمنع حتى الاحتجاج العربي الشعبي والرسمي بدعم من الآلة الإعلامية الدعائية وتحت شعار زائف يتم اجتراره مؤداه: لا أحد يزايد على الدور المصري وعروبة مصر.. ! ولأنه لا أحد يزايد، لجأت مصر مبارك إلى بناء جدار العار..جدار فولاذي يقطع الطريق على الأنفاق التي يقتات عليها الأمهات والأطفال.. جدار تحرّمه كل الأديان وشرائع السماء وسيُسأل عنه علماء الأزهر غير الشريف والمفكرون والمثقفون، ولا أحد من السياسيين في ذاك البلد استوقفته الجريمة وتحرّك ضد سياسات ذرائعية وتبريرية أضرت كثيرا بمصلحة الأمة ومستقبلها وتتحجج دائما بالاعتدال والبراغماتية. عادت الذكرى الأولى للحرب على غزة وقد ساءت الأمور كثيرا.. استفادت إسرائيل من هدنة وسلام على مستوطناتها في اسديروت وغيرها، وما جنى الفلسطينيون غير الحصار والخراب ولا إعادة إعمار ولا مساعدات مثلما وعدت بها الدول الأوروبية والعربية لأن المخطط واضح وهو تغيير الواقع السياسي في غزة بانتخابات مقبلة يضطر فيها الغزّاويون إلى تطليق حماس بعدما رأوا مصيرهم بأعينهم لصالح تسوية غير عادلة بل ومهينة تقودها السلطة في رام الله.. وذاك طريق آخر ورهاناته مفتوحة على قادم الأيام.. أما بعد: لقد اكتملت الصورة القادمة من مصر الآن..