مامن شك أن المعاكسات الهاتفية في أيامنا هذه أصبحت من الأمور العادية جدا لدرجة أنها قد تتكرر في اليوم عشرات المرات ، خاصة إذا علمنا أن هناك أشخاص يجعلون من ذلك هوايتهم المفضلة ، ولا يقتصرالأمر طبعا على فئة الشباب فحسب بل حتى الشياب تستهويهم هذه الطريقة ، فيوميا تنسج علاقات عاطفية عن طريق النقال ، لكن ماذا لو أخذت هذه العلاقة منعرجا خطيرا ، وصلت إلى حد وقوع جريمة ماكانت لتكون لولا كلمة " ألو ".. نعم مجرد كلمة واحدة جعلت الناطق بها والمستمع إليها يسبحان في عالم من الأحلام الجميلة تحولت بعدها إلى كابوس مزعج ومأساة حقيقية. هذا الكلام ينطبق على هذه القضية ، والتي نظرت فيها خلال الأسبوع الماضي محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة حيث تعود تفاصيلها المثيرة إلى تاريخ 21 ديسمبر من سنة 2007 حسب ما أدلى به المتهم "ح ، ر" -الذي يبلغ من العمر 36 سنة -في هذه القضية والمتابع بجريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد في حق الضحية التي هي صديقته، الذي بدا عليه الدهشة والاستغراب والارتباك الممتزجين بمشاعر الخوف ، قبل أن يعود به شريط الذكريات الأليمة وتحديدا يوم وقوع الجريمة البشعة الذي صادف تاريخ 25 ديسمبر من سنة 2007 ، حيث صرح قائلا قبل أن أخبركم بتفاصيل ماحدث بالضبط يوم الجريمة، أطلعكم على بداية القصة منذ أولها، إذ أنني تعرفت على المرحومة عن طريق الهاتف النقال و استمرت علاقتنا لأكثر من 6 أشهر التقينا فيها أكثر من مرة غير أنني شعرت بالملل من هذه العلاقة وأردت وضع حد لهذه العلاقة خاصة وأنني كنت على وشك الارتباط أي خطبة فتاة أخرى حينها سأله رئيس الجلسة مادام قد قرر الاستقرار بالزواج فلماذا لم يفكر في الارتباط بالضحية" ب ،ح" ليجيب المتهم أنا لم أعدها بشيء ومنذ بداية العلاقة أوضحت لها أنه ليست لدي أية نية في الارتباط بها وقد بدا جليا لجميع من حضروا جلسة المحاكمة أن الضحية "ب ،ح" ابنة 29 سنة ، كانت جادة في علاقتها بالمتهم الوسيم ورأت فيه فارس الأحلام الذي سوف يأخذها بعيدا على حصانه الأبيض، والذي حباه الله بالجمال والجاذبية وقدر كبير من الوسامة ، لكن هذا الأخير اعتبر الأمر مجرد مغامرة شبابية بدأت بمكالمة عن طريق المحمول وليست لديه أية نية في الارتباط بها، وهي النقطة التي توقف عندها رئيس الجلسة طويلا ، و لمعرفة حقيقة ما حدث يوم الواقعة أكمل المتهم روايته قائلا اتصلت بالمرحومة يومها و في نيتي أن أضع حدا لهاته العلاقة و ما أن أحست بذلك حتى بدأت بالبكاء والصراخ مهددة إياه كما قال بالانتحار إن هو ابتعد عنها، فهاله الأمر خوفا من أن تنفذ تهديداتها إن هو تخلى عنها فراح يطمئنها، ويهدأ من روعها، قائلا لها أنه كان يمازحها، فطلبت منه الحضور إلى منزل عائلتها الكائن بحي ديار السعادة وخوفا من ردة فعلها انتقل- يقول - رفقة صديقه من عين البنيان إلى مقر سكناها وتمكنت من الدخول إلى البيت بعد أن أكدت له أنه لا يوجد سواها فيه وأن كل أفراد عائلتها بالخارج وأوضح المتهم أنه لم يمضي على وجوده بالبيت سوى لحظات حتى عادت والدة الضحية و شقيقتها فاضطرت المرحومة إلى إدخاله إلى إحدى الغرف في انتظار أن تؤمن له فرصة الخروج دون أن يتفطن أحد لوجودها" غير أن شقيقتها أصرت على الدخول إلى الغرفة التي كنت بها ما جعلني أحاول الهرب عبر النافذة و لقد ساعدتني المرحومة على ذلك لأتفاجأ بعدها بالمرحومة و هي تلقي بنفسها من النافذة لتسقط أمام عينيه من علو 10 أمتار جثة هامدة " بينما عاد هو مرة أخرى إلى داخل الغرفة بعد أن خشي من السقوط في وقت تمكنت فيه الأم وابنتها من فتح الباب ليفاجئهما شخص غريب يخرج مسرعا دون أن يرد على صراخهما . شقيقة الضحية قالت في شهادتها أمام هيئة المحكمة أن العائلة لم تكن على علم بهذه العلاقة التي تربط المتهم بشقيقتها فلقد كانت ماكثة بالبيت ويومها وبالضبط حينما كنا نحاول فتح الباب سمعنا أصواتا غريبة من داخل الغرفة وهوما أثار خوفنا خاصة وأن أختي تعاني من اضطرابات نفسية ولكنها لم تحاول أبدا وضع حد لحياتها من قبل ممثل الحق العام وفي مداخلته عاد إلى تقرير الطبيب الشرعي الذي أكد على تعرض الضحية إلى محاولة للخنق على مستوى الرقبة ليطالب بإعدام المتهم إ، أما الدفاع فركز من خلال مرافعته على الحالة النفسية للضحية والتي قال أنها لم ينكرها لا والدها ولا أختها في شهادتهما أمام هيئة المحكمة كما عاد إلى محاولة موكله للامساك بها عندما ألقت بنفسها غير أن الظروف لم تساعده في ذالك لأنه كان بدوره معرضا لخطر السقوط . وبعد المداولات القانونية عادت المحكمة لتبرئ ساحة المتهم من كل ما نسب إليه ،هذا الأخير الذي تنفس الصعداء لنهاية هذه المأساة، ويبدو أنه لن يفكر في معاكسة أية فتاة عبر المحمول طيلة حياته حتى لايكون مصيره خلف القضبان بتهمة القتل .