يصرّ الأزهر على الاتكاء على أيام ولّت بغير رجعة يعتقد فيها أنه لا يزال مرجعا في العالم الإسلامي ومؤسسة دينية هي الأكثر تأثير وموضوعية بين المسلمين في مختلف أنحاء العالم. يصرّ هذا الأزهر اقتداء بنظام الحكم في مصر الذي يقوده مبارك منذ 30 عاما تقريب، على الخروج عن إجماع العلماء واجتهادات مجامع الفقه الدولية ومناقضة الفتاوى والآراء الحرّة لعلماء مستقلين في مختلف العواصم والمدائن.. وعطفا على كثير من المواقف غير المفهومة والمخزية بشأن قضايا سياسية وأمنية وحضارية للأمة خذل الأزهر ومجمع البحوث المسلمين وأثار ردود فعل مستاءة ومستغربة، ومنها فتوى إباحة بناء جدار العار على حدود غزة والإمعان في محاصرة أهلها بالرغم من فتاوى بحرمة بناء الجدار من كثير من العلماء وخاصة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ القرضاوي وفتوى الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وغيرهم. وقبل هذا وبعده هناك نوازل اقتضت فتاوى غير مفهومة بل ومثيرة للسخرية خاصة من قبل أعداء المسلمين ونمت عن قصور في الفقه وضعف في مستوى الوعي إدراكا للتحديات التي تواجه الأمة. كان موقف الأزهر بائسا جدا بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة والحرب على لبنان قبل ذلك لأسباب تتعلق بالحسابات الضيقة وموالاة الحاكم جهارا نهارا.. من هذه النوازل ما ردّدته الصحف والفضائيات قبل عام ويخص فتوى رضاعة الكبير لإزالة حرمة الخلوة مع أجنبي، وخزعبلة التبرّك بشرب بول النبي عليه الصلاة والسلام وفتاوى وآراء أساءت لهذه المؤسسة وللمسلمين وأبانت عن طفولة عقلية وتخلف ظاهر لدى كثير من هؤلاء المنتسبين لها.. وكأن الأمة فرغت من الاستجابة لكل التحديات والوصول إلى مستوى الرهانات على جميع الأصعدة، هاهو الأزهر يفرغ وقته وجهده للإجابة على ترّهات جديدة حتى يتلهّى الناس هناك بها عن مشكلاتهم اليومية العويصة ومعاناتهم الكبيرة بسبب الفقر والفساد والفوضى وانعدام العدالة الاجتماعية. هاهو الأزهر من خلال مجمع البحوث يؤكد في بيان له ضرورة الالتزام بأسماء الله الحسني التسعة والتسعين بعددها وفق ما أقره جمهور العلماء منذ بدء الرسالة وحتى اليوم لأنها أسماء "توفيقية"، و"لا يجوز لأحد أن ينكر أو يحذف بعضها أو يستبدلها بأسماء أخرى. أجل، يفتتن الأزهريون في مصر وعبر فضائياتهم الغبية بإلهاء الجمهور بالسفاسف والابتداع والسؤال عن الأمر في وقته وفي غير وقته وعلى شاكلته ودونما شاكلة من أجل المال والتجارة والبيوع وبحثا عن الإثارة والبلبلة.. فقد سبق للمسمّى يوسف البدري و عبد الرزاق عفيفى التقدم بطلب إلى شيخ الأزهر اعتماد أسماء جديدة وحذف أخرى.. هكذا هم علماء الأزهر ومشايخ هذا البلد يخوضون فيما لا فائدة منه وكأنهم فارغين شغل، وكأن المسلمين حرّروا أرضهم من الغزاة والمحتلين واستوعبوا المشكلات وأدركوا التحديات الخارجية وتواطؤ الأنظمة المحلية مع قوى الاستكبار وعلى رأسها أمريكا والكيان الصهيوني.. أما بعد: » الناس نيام فإذا ما ماتوا انتبهوا..«