انتقد جمال ولد عباس وزير التضامن الوطني وعضو الهيئة التنفيذية بحزب جبهة التحرير الوطني، أمس، إحصائيات اللجنة العربية الدولية المستقاة من المنظمة الدولية للعمل والتي تؤكد وجود مليون و900 ألف طفل يعملون بالجزائر في حين أن العدد الإجمالي لا يتجاوز 400 ألف طفل يعملون بطريقة غير منتظمة. تصريحات وزير التضامن جاءت الندوة الوطنية التي نظمها حزب جبهة التحرير الوطني أمس بالمركز الدولي للصحافة والتي دارت حول "عمالة الأطفال: واقع وحلول"، حيث أكد ولد عباس في هذا الصدد أن الإحصائيات الرسمية حول عمالة الأشغال بالجزائر لا تكاد تتجاوز 400 ألف طفل يعملون دون انتظام، بمعنى أن لا يزالون بالمدارس ولم يدخلوا بعد عالم الشغل. وفي هذا السياق قال الوزير إن الجزائر وقعت على كل الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الطفل وساهمت بكل مؤسساتها في حماية هذه الشريحة من المجتمع، فيما فند ما تداولته بعض التقارير الصادرة عن اللجنة العربية الدولية والتي تؤكد إحصاء 13 مليون طفل عامل في الدول العربية وان منطقة المغرب العربي تأتي في صدارة هذه الدول، كما أن الجزائر تحتل المرتبة الأولى بتسجيل مليون و900 ألف طفل يعملون في مختلف القطاعات. من جهتها أكدت المفتشية العامة للعمل أن ظاهرة عمالة الأطفال "شبه منعدمة" في الجزائر التي تعد "غير معنية تماما" بها وفي هذا السياق أوضح المفتش العام للعمل محمد خياط أن ظاهرة عمالة الأطفال في الجزائر تعد شبه منعدمة حيث أن بلادنا غير معنية تماما بها". وما يؤكد ذلك هما التحقيقان اللذان قامت بهما المفتشية العامة للعمل حول احترام السن القانوني للعمل في القطاع المنظم والتي أثبتت انعدام الظاهرة في إطار عقود العمل. غير أن ذات المسؤول استطرد بالقول أن هناك في الجزائر ظاهرة أخرى مختلفة تتمثل في عمل الأطفال لحسابهم الخاص بهدف مساعدة عائلاتهم غالبا وهو ما يستدعي في رأيه بذل المزيد من الجهود". وكخطوة أخرى لمحاربة هذه الظاهرة سيتضمن قانون العمل الجديد العديد من الإجراءات القانونية الردعية الكفيلة بالحد منها. وفي ذات الإطار استعرض المفتش العام مختلف الآليات الوقائية التي انتهجتها الجزائر والمبنية على احترام ما ورد في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الطفل". وفي تدخله تطرق رئيس الشبكة الوطنية لحماية حقوق الأطفال "ندى" عبد الرحمن عرعار إلى أهمية إشراك المجتمع المدني في عملية ترقية و حماية حقوق الطفل، ويرى المتحدث بأن الحد من ظاهرة عمالة الأطفال مسؤولية الجميع، مؤكدا على ضرورة تأسيس هيئات متابعة ومراقبة الظاهرة وتفعيل الإستراتيجية الوطنية لحماية حقوق الطفل، إضافة إلى ترقية ثقافة حقوق الطفل في المجتمع من خلال الممارسات اليومية". وفي ذات الاتجاه ذهب الأغواطي الطيب من الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي شدد على ضرورة وضع إستراتيجية وطنية للحد من عمالة الأطفال ترتكز على "فرض عقوبات على المستخدمين الذين يشغلون الأطفال" و"وضع قائمة بالمهن الخطيرة المحظورة على الأطفال" إضافة إلى تعزيز صلاحيات مؤسسات التدخل و المراقبة وتعزيز الدور الرقابي لمفتشيات العمل علاوة على خلق مرصد وطني لمراقبة ومتابعة تطبيق هذه الإستراتيجية. أما المحلل الاجتماعي نصر الدين جابي، فقد أكد في مداخلته أن ظاهرة عمالة الأطفال بالجزائر ليست اقتصادية وحسب، بل ترتبط كذلك بالنمو الديمغرافي وبكل ما هو اجتماعي وتعبر عن ثقافة مجتمع بأكمله وقال إن تنامي الظاهرة راجع إلى النظرة السلبية التي تكونت لدى الطفل من المدرسة والتكوين بصفة عامة ومن هنا نكون أمام ظاهرة التسرب المدرسي التي تدفع بالطفل إلى عالم الشغل الهش.