الجهود الدولية التي تقودها الأممالمتحدة لإلغاء عقوبة الإعدام لا تختلف عن بقية جهودها كتلك التي تبناها مؤتمر كوبنهاجن حول الأسرة لضرب استقرار المجتمعات الإسلامية التي تستند إلى الشريعة الإسلامية في قوانين الأحوال الشخصية ومنها قضية الاعتراف بالأمهات العازبات والأطفال خارج مؤسسة الزواج..وحتى مؤتمر بيكين بعده لم يخرج بأي نتيجة تفرض على الدول الإسلامية. لا تختلف هذه الجهود عن غيرها، فليس سرّا أن كثيرا من كثيرا من المعاهدات الدولية والمواثيق تصطدم فعلا مع القوانين الأساسية والدساتير وحتى الشريعة الإسلامية في هذه البلدان. ولعلّ ميثاق الأسرة الأممي كما تريده الأممالمتحدة إلى جانب إلغاء عقوبة الإعدام لا تزال مشكلة رئيسية في العالم الإسلامي، خاصة مع اشتداد الضغوط الداخلية في هذه البلدان التي تقودها المنظمات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني، كما هو الشأن اليوم مع مساعي رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان المحامي فاروق قسنطيني لإلغاء العقوبة التي تلقى معارضة شرسة ممن يتمسكون بتثبيت هذه العقوبة عملا بمبادئ الشريعة الإسلامية والدستور الجزائري. الخلل أن كثيرا من الآراء تخطيء التقدير إذ تعتبر أن المعارضين لإلغاء عقوبة الإعدام هم من الإسلاميين فحسب بدليل التركيز فقط على مواقف حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين. تتجه الأزمة الآن إلى ضرورة حسم الموقف باللجوء إلى استفتاء شعبي، وسيظهر حينذاك أن الرأي الغالب يتجه لرفض إلغاء العقوبة خاصة مع تنامي ظاهرة الفساد والجريمة المنظمة والتهريب المهدّد لأمن البلد. ليس صحيحا أن توقيف تنفيذ أحكام الإعدام منذ 1993 يعني أن لا حاجة له ولا بد من إسقاطه، ثم إن المشكلة حتما في قيمة العقوبة حسب فداحة الجناية وسلوك مرتكبيها وآثارها على الناس وليس في إسقاطها، ناهيك عن تعزيز ظروف التقاضي والدفاع وضمانات سير التحقيق وشفافية إصدار الأحكام ودعم استقلالية السلطة القضائية. ربما كان فاروق قسنطيني محقا عندما اعترف بأن رجال الدين في الجزائر يرفضون إسقاط عقوبة الإعدام بدافع أنها وردت في القرآن الكريم لكن الجميع يعرف أن الدولة الجزائرية لا تطبق الشريعة في كثير من الشؤون ما عدا الأحوال الشخصية. ولكن هذا لا يعني أن يفرّط الجزائريون في قوانين أخرى تتصل بالشريعة بإسقاط عقوبة الإعدام..! إن الإعدام حكم شرعي يطبق كحد في ثلاث حالات هي القاتل عمدا ومروج المخدرات والناهب للمال العام، ولا نتصور بأن الشعب الجزائري سيؤيد إلغاء العقوبة إذا ما تمّ استفتاؤه فيها. لا ترهقوا الناس بالمصادقة على معاهدات دولية تصطدم بدينهم..!