كشف عبد العزيز زياري رئيس المجل الشعبي الوطني، أمس، أن مشروع مقترح تجريم الاستعمار المتواجد حاليا على طاولة الأمانة العامة للحكومة، لن يعرض للتصويت على نواب البرلمان خلال الدورة الربيعية الحالية، يأتي هذا التأكيد على الرغم من أن زياري أعلن في المقابل بأن الغرفة السفلى للبرلمان تتوقّع استلام ردّ الحكومة قبل الآجال القانونية المحدّدة لذلك وهي شهران. أفاد رئيس المجلس الشعبي الوطني أن الحكومة شرعت فعليا في دراسة مشروع مقترح قانون تجريم الاستعمار الذي بادر بها عدد من نواب المجلس قبل فترة، حيث سيتمّ الفصل فيه في آجال لا تتعدى 60 يوما حسب نصّ الدستور، وذلك بعد أن تم الانتهاء من إعادة صياغة جميع مواده وإثرائه من الناحية القانونية والتقنية، وأضاف أن مكتب المجلس صادق على التعديلات الجديدة بداية شهر مارس الجاري، مؤكدا أن مصير هذه المبادرة سيتضح خلال أقل من شهرين عندما تكون مصالح الوزارة الأولى قد قدمت كل اقتراحاتها وملاحظاتها بشأن الوثيقة. لكن الجديد الذي جاء على لسان عبد العزيز زياري في تصريح له أمس على هامش حفل التكريم الذي أقامه رئيس الجمهورية على شرف النساء الجزائريات، يكمن في إعلانه بأن أن مشروع مقترح تجريم الاستعمار سوف لن يعرض على البرلمان خلال الدورة الربيعية الحالية، مرجعا ذلك إلى أن هذا الملف يوجد حاليا على مكتب الوزير الأول وتعكف لجنة خاصة على دراسته بالدقة المطلوبة، وهو ما يحمل إشارة ضمنية إلى أن الحكومة تريد أخذ كامل وقتها بالنظر إلى الحساسية التي يتميز بها هذا الموضوع وتتجنّب بذلك التسرّع في صياغته ممّا قد يؤثّر على فعالية صياغته النهائية. وبناء على ذلك فإن زياري أضاف في تصريحه بأنه من المنتظر أن انعقاد جلسة ثلاثية في غضون شهرين قصد الفصل في مصير المقترح، وكما هو معلوم فإن هذه الجلسة تجمع غرفتي البرلمان والوزارة الأولى من أجل الاتفاق على كل الجوانب الإجرائية بالإضافة دراسة كافة المقترحات التي ستقدمها السلطة التنفيذية، فيما أشار إلى أن التعديلات التي أجراها المبادرون باقتراح القانون بناء على ملاحظات مكتب الغرفة السفلى للبرلمان أسفرت عن تقليص عدد المواد إلى 13 مادة بدلا من 18 مادة كما كان المقترح في صيغته الأولى. وقد سبق ل »صوت الأحرار« وأن انفردت بالكشف عن التفاصيل الكاملة المتعلّقة بمشروع مقترح تجريم الاستعمار، وذلك مباشرة بعد رفع الوثيقة إلى مصالح الوزير الأوّل من طرق مكتب المجلس، ولاحظت أن هذا النصّ قد حافظ على روحه من خلال ما تضمّنته المادة الثالثة منه التي تصنف مسألة اعتراف فرنسا بجرائمها وتقديم الإعتذار وكذا التعويض عن كل تلك الأعمال التي قامت بها طيلة 132 عاما بمثابة حق مشروع غير قابل للتنازل لكل الجزائريين. وأوضح المشروع بخصوص الإشكال الذي يطرحه اقتراح المادة الثامنة التي تقضي بإنشاء محكمة جنائية خاصة من أجل محاكمة كل شخص ارتكب أو ساهم في ارتكاب أية جريمة من الجرائم التي تم تحديدها سلفا، حول آلية تسليم المجرمين، أنه يتم في إطار الاتفاقيات الدولية، مع العلم أن هذه المادة تنصّ على أن تكون قرارات هذه المحكمة غير قابلة للنقض، ثم جاء في مادة أخرى أن الدولة الجزائرية تضمن كامل حقوق المتهمين في الدفاع أمام المحكمة الجنائية الخاصة. كما يحدّد مضمون المقترح كافة الأفعال التي ستحاكم بموجبها فرنسا سواء تعلق الأمر بجرائم الحرب، الإبادة الجماعية، أو الجرائم ضد الإنسانية، وبالموازاة مع ذلك فإن مصدرا موثوقا معلى صلة بأصحاب المبادرة كشف ل »صوت الأحرار« بأن مشروع مقترح تجريم الاستعمار »لم يأت على أساس أوامر فوقية وإنما من منطلق قناعة لدى عدد من النواب الذين أرادوا أن يساهموا بدورهم في تفعيل دور المؤسسة التشريعية في الدفاع عن المصالح العليا لهذا البلد«.