انتهت، أمس، الآجال القانونية لإبداء الحكومة لرأيها حول مقترح قانون تجريم الاستعمار الذي تقدم به نواب بالمجلس الشعبي الوطني قبل أكثر من شهرين، وهو ما يعني- حسب القوانين الناظمة للعلاقة بين الهيئتين التشريعية والتنفيذية- أن مسؤولية تمرير مثل هذا القانون ستكون منوطة برئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري ومكتبه، الذي ينتظر منه بعد انقضاء الآجال القانونية لإبداء الحكومة رأيها في مشروع القانون، أن يحيله على اللجنة القانونية بالغرفة السفلى لتحضير التقرير التمهيدي لهذا القانون قبل عرضه على النواب للمناقشة في جلسة علنية، قبل أن يعود إلى اللجنة مرة ثانية لإدراج التعديلات التي أثارتها مناقشات النواب، ومن ثم يجري عرضه على التصويت في جلسة عامة. وفيما لم تحدد القوانين المدة الواجب على زياري التقيد بها لتقديم مقترح القانون إلى اللجنة المعنية التي تتولى مهمة إعداد المشروع التمهيدي الذي سيعرض لاحقا على النواب للمناقشة والتعديل، فإن العديد من النواب أبدوا تخوفهم من إجهاض مقترحهم القاضي بسن قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي بالجزائر، وذلك من خلال التماطل في تقديم المقترح للجنة أو وضعه في الرف ونسيانه تماما كما حصل لمشروع مماثل في وقت سابق تقدمت به آنذاك حركة الإصلاح الوطني. وفي السياق ذاته، أكد مجموعة من النواب أمس ل''البلاد'' أن زياري ملزم بتطبيق العرف المعمول به في التشريع الذي تتقاسم مجاله السلطتان التشريعية والتنفيذية في الجزائر، بأن يعجل هذا الأخير باتخاذ الإجراءات الضرورية ليأخذ مقترح القانون مساره التشريعي الطبيعي في الغرفة السفلى. ومن منطلق هذا التخوف وجه هؤلاء النواب مراسلة للوزير الأول ورئيس المجلس الشعبي الوطني، وقعها نيابة عنهم نائب حركة الإصلاح، فيلالي غويني، دعوهم فيها إلى تحمل ما أسمته المراسلة ''مسؤولية تاريخية'' أنيطت بهم ليأخذ مقترح القانون مساره الطبيعي. ويأتي التخوف من إجهاض مشروع قانون تجريم الاستعمار، وهو في بداياته، على خلفية وجود سابقة تخص مشروعا مماثلا لحركة الإصلاح أيام الرئيسين السابقين للبرلمان كريم يونسي وعمار سعداني. فضلا عن التوجس من فتور عزيمة رئيسه الحالي عبد العزيز زياري الذي لم يبد تحمسه للقانون، وهو الذي صرح في إحدى زياراته المتعددة لباريس على غرار مشاركته في تنصيب اللجنة البرلمانية الفرنسية الجزائرية بدعوة من نظيره برنار أكويي، حيث أكد زياري حسب ما نقلته حينها وسائل إعلام وطنية وفرنسية من تصريح له بخصوص مطلب تقديم فرنسا اعتذارها للجزائر عن الحقبة الاستعمارية بالقول: ''لا تشكل هذه النقطة خلافا بين البلدين ولا حتى شرطا مسبقا تحدده الجزائر''، لاسيما وأن زياري حينها اعتبر أن المشروع الأول كان بمثابة رد فعل فقط على استفزاز البرلمان الفرنسي باعتماده قانون تمجيد الاستعمار''. ومهما يكن من أمر، فإن أويحيى الذي تحدث بصفته أمينا عاما للأرندي كان قد انتقد بشدة مبادرة القانون وتبعته في هذا الموقف أمينة حزب العمال لويزة حنون، وهو ما أجبر الأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم على الرد عند افتتاح المؤتمر التاسع وتبعته في ذلك أحزاب سياسية أخرى على غرار حركة مجتمع السلم والنهضة والإصلاح، وكذا جمعيات من المجتمع المدني والأسرة الثورية. مما يعني أن المسؤولية الآن تقع على عاتق حزب الأغلبية في البرلمان لتمرير المشروع الذي جاء هذه المرة بمبادرة من أحد نواب كتلته.