دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أمس إلى جعل وقف إسرائيل الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة شرطا للقيام بأي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة معها، وشدد على ضرورة أن يتخذ العرب مواقف عملية من أجل مواجهة التعنت الإسرائيلي ومحاولات تهويد القدس مبعوث »صوت الأحرار« إلى سرت : نجيب بلحيمر تساءل الرئيس في خطابه أمام القمة العربية الثانية والعشرين التي افتتحت أشغالها أمس بمدينة سرت الليبية تحت عنوان »دعم صمود القدس« قائلا: »لسنا ندري ما جدوى أية مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة وإسرائيل متمادية في بناء المستوطنات ورافضة لكل الدعوات والإدانات حتى من أقرب حلفائها«، غير أنه لم يدع صراحة إلى رفض المفاوضات من حيث المبدأ حيث أشار إلى أن »موقف السلطة الفلسطينية من استئناف المفاوضات المشروط بإيقاف الاستيطان نؤازره ونسانده، فلا مفاوضات إذن مباشرة أو غير مباشرة إلا بعد إقدام إسرائيل على وقف الاستيطان«، وفي السياق أكد »موقف الجزائر الثابت والمطلق من القضية الفلسطينية والداعم لنضال الشعب الفلسطيني في انتهاجه كل أشكال المقاومة لاسترجاع حقوقه المغتصبة كاملة، وذلك بقيام الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين حلا عادلا طبقا لقرارات الشرعية الدولية«. واختار الرئيس أن يمزج بين الدعوة إلى التحرك السريع والفعال لإنقاذ القدس والتذكير بضرورة السعي إلى رفع الحصار عن قطاع غزة، حيث قال: »إننا، من جهة أخرى، مطالبون جميعا بالعمل على رفع الحصار الجائر المفروض على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وإزالة العراقيل التي يفتعلها الاحتلال الإسرائيلي والتي حالت دون البدء في عملية إعادة الإعمار، بما يتيح تجسيد قرارات قمة الكويت في جانفي 2009 ويمكن المجموعة الدولية من تقديم مساهمتها في هذه العملية«، ووصف ما يحدث في القطاع ب » المأساة التي عاشها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سنة وهو محاصر وصامد في غزة الشموخ والكرامة«، وجدد موقف الجزائر الداعي إلى عمل جاد بدل انتظار قبول إسرائيل لمبادرة السلام العربية التي قال إنها »لا يمكن أن تبقى يدا ممدودة في فراغ وأن تبقى المفاوضات تراوح مكانها بدون أفق منظور،وهذا بسبب التعنت الإسرائيلي المتحدي لكل القوانين والأعراف الدولية«. وحدد الرئيس مستويين لتحرك عربي فاعل من أجل مواجهة التمادي الإسرائيلي، المستوى الأول سياسي، ويكون على الجبهة الداخلية العربي بأن تكون للعرب »كلمة واحدة موحدة وأن ندافع عن قضايانا متآزرين متضامنين متعاضدين، وذلكم لن يكون إلا بتصالح عربي عربي شامل ومصالحة فلسطينية فلسطينية تامة وعاجلة (...) ندعو بإلحاح أشقاءنا الفلسطينيين، وخاصة حركتي فتح وحماس إلى الإسراع بإعادة اللحمة بينهما لأن قوة الشعب الفلسطيني تكمن في وحدته وتلاحمه وتماسكه في مواجهة العدوان الغاشم المستمر على أراضيه وحقوقه«، وعلى الجبهة الخارجية يجب أن تكون هناك دعوة »لمجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لتنفيذ قراراته ذات الصلة لإجبار إسرائيل على الانصياع للشرعية الدولية بالإيقاف الفوري لبناء المستوطنات في الأراضي المحتلة وخاصة القدسالشرقية«، وقال إنه »يجب علينا أن نحدد علاقتنا مع الغير على ضوء موقفهم من قضايا صراعنا مع إسرائيل«. المستوى الآخر قانوني حيث دعا بوتفليقة العرب إلى اللجوء إلى » المؤسسات ذات الصلة، كمحكمة العدل الدولية، لاستصدار قرارات بشأن ما تقوم به إسرائيل من الحفريات الزاحفة على بقعة من أقدس الأماكن الإسلامية والمسيحية على حد سواء، وخاصة استهدافها المتواصل للمسجد الأقصى الشريف بمبرراتها الواهية وادعاءاتها الكاذبة المروج لها حول الهيكل المزعوم وقرارها بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى ما يسمى بالتراث اليهودي«، وهو تأكيد لدعم الجزائر للاقتراح الذي رفع إلى القمة بتقديم شكوى أمام محكمة العدل الدولية لإثبات عدم شرعية الاستيطان وكل النتائج المترتبة عنه، وبالإضافة إلى ذلك يقترح الرئيس التوجه »إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف بعد إقراره تقرير غولدستون، لتفعيله من خلال الهيئات الدولية المختصة لاتخاذ إجراءات بملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائمهم الغاشمة على قطاع غزة والإسراع بتقديم المساعدات والقيام بالإعمار وإرغام إسرائيل على التعويض عما لحق بالشعب الفلسطيني من أضرار فادحة جراء ذلكم العدوان الظالم«. وانتقد بوتفليقة بشدة المواقف الدولية من السياسات الإسرائيلية وقال : »إن هذه المواقف المتواطئة تشكل العامل الرئيسي الذي شجع إسرائيل على التمادي في ممارسة الاحتلال وارتكاب المجازر في حق المدنيين العزل«، كما ربط هذه المواقف بتصاعد المخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي حيث ساق مثال »التهديد النووي الإسرائيلي الذي يبقى يشكل مصدر قلق دائم وعامل تهديد صارخ ومباشر لأمن واستقرار منطقتنا العربية برمتها، خاصة في ظل الحماية المعلنة التي تتمتع بها إسرائيل وسياسة الكيل بمكيالين التي يعالج بها المجتمع الدولي إشكالية منع انتشار الأسلحة النووية«. وبخصوص أهم القضايا الإقليمية عبر بوتفليقة عن رفض الجزائر »الخطوة التي أقدمت عليها المحكمة الجنائية الدولية بإعادة تكييف الاتهامات الموجهة إلى الرئيس عمر حسن البشير، والتي تعتبرها تجنيا على رمز من رموز السيادة في هذا البلد الشقيق وتهديدا صارخا للجهود المبذولة، لإيجاد الحلول المناسبة إنهاء أزمة إقليم دارفور«، كما طالب بمعالجة الملف النووي الإيراني عن طريق الحوار وجدد التمسك بالحق في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية. ولدى تناوله لمسألة إصلاح الجامعة العربية ركز الرئيس على »استكمال المؤسسات التي اتخذت قرارات بشأنها مثل مجلس السلم والأمن العربي وتحويل البرلمان العربي وتحويل البرلمان العربي الانتقالي إلى برلمان دائم يكون تعبيرا عن مساهمات الشعوب العربية من خلال ممثليها، ويجب أن نسعى كذلك لإنشاء محكمة العدل العربية التي نرجو أن تدرج في جدول أعمال قمتنا القادمة«.