بكل ثقة توقع رئيس حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية سلام فياض قيام دولة فلسطينية سنة 2011، والذين يعرفون الوضع القائم في الضفة الغربية، ويتابعون سياسة الاستيطان، يفهمون كلام فياض الذي جاء في حوار لجريدة هآرتس الإسرائيلية. كل ما فعله، ويفعله، المستوطنون في القدس لن يثني محمود عباس وسلطته عن التفاوض، والكلام الذي قيل في القمة العربية الأخيرة بسرت لم يكن إلا خطابات جوفاء موجهة للاستهلاك الإعلامي، فمشروع التصفية ماض قدما، وما تم تداوله عن مفاوضات سرية جرت قبل أسابيع يتأكد اليوم، والأموال التي جرى الحديث عنها في قمة سرت قد تأخذ وجهة أخرى غير إنقاذ القدس التي يبدو أنها ليست من أولويات هذه السلطة الفاسدة والمفلسة. فياض ذهب بعيدا عندما قال إنه ليست لديه مشكلة مع الفكرة الصهيونية التي تعتبر إسرائيل أرض التوراة، والمقصود هنا فلسطين، وهذا القبول بالفكرة الصهيونية أمر غير مسبوق حتى من أشد المتحمسين للتفاوض مع إسرائيل، والإقرار بالفكرة الصهيونية هو في النهاية إسباغ للشرعية على هذا المشروع العنصري الذي لا يفرق بين أراضي 1948 وأراضي 1967. الحماس دفع فياض إلى إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، حيث سيتم استيعاب ما يمكن استيعابه في الجزر التي تمزقها الطرق الالتفافية والمستوطنات والجدار العازل، والقدس التي يجري تهويدها وتغيير معالمها، وطمس هويتها، ستبقى اسما بلا مسمى، وتحصر في البلدة القديمة التي لا تتعدى مساحتها كيلومترا مربعا واحدا إذا صمد الأقصى أمام محاولات الهدم، وما تفعله الحفريات تحت الأرض من إضعاف للقواعد والأساسات. لم يبق شيء لم يتنازل عنه فريق السلطة، لقد حولوا القضية الفلسطينية إلى سجل تجاري من خلاله يحققون مآربهم الشخصية، وهم الآن يضحكون على ذقوننا بمشروع الدولة الكسيحة التي ستكون مسخا، فالمهم بالنسبة لهؤلاء هو التاريخ، ومن الآن يوجه فياض الدعوة لأصدقائه وشركائه الإسرائيليين لحضور الحفل الرسمي للاغتصاب النهائي والكامل لفلسطين وبحضور شهود الزور من ممثلي أنظمة العار في بعض البلاد العربية، وبعد حين ستتحقق النبوءة المخيفة التي قدمها الشاعر مظفر النواب في شكل صورة مرعبة وهو يصدح بقصيدته المشهورة القدس عروس عروبتكم.. والبقية يعرفها حتى أولئك الذين لا يجدون في الشعر ما يمكن تذوقه.