أكثر ما يلحظه المواطن الجزائري العام المنصرم والحالي هو تحوّل ديار الإمام عبر الوطن كقطب مُشع للتظاهرات والندوات العلمية الدينية التي أرادت من خلالها وزارة الشؤون الدينية تجسيد فكرة أن منابر الثقافة ونشر تعاليم القرآن لا يمكن أن تبدأ إلا من دار الإمام، والحصيلة التي عبّرت عنها هذه الأخيرة بأرقام مبّشرة، تؤكد أنها باتت تلعب دورا محوريا في حياة المواطن الجزائري كما الأجنبي، لاسيما من خلال إشرافها على اعتناق 198 أجنبي الإسلام، والرد على المستفتين، وتكوين الأئمة ورسكلتهم، ودفع برنامج بناء المساجد في كل ربوع الوطن. لعلّ أوّل ما يلفت الانتباه لسنة 2009 هو تضاعف عدد معتنقي الإسلام في الجزائر، ودخولهم في دين الله أفواجا أفواجا مقارنة بالسنوات الماضية، وما ساهم في رفع الحصيلة هو تحوّل الجزائر قبلة للاستثمارات الأجنبية، وبالتالي احتكاكهم مع نظرائهم المسلمين في ربوع الوطن مما يسهّل عليهم الإطلاع على حقيقة هذا الدين المتّسم بالأخوة والتسامح بكل معانيه، حيث تكشف أرقام وزارة الشؤون الدينية أن عدد الذين اعتنقوا الإسلام لهذا العام بلغوا 198 شخصا أجنبيا ينحدرون من جنسيات مختلفة، وكانت الوزارة صاحبة الدور المحوري في تسهيل ومتابعة عملية اعتناق الإسلام، من خلال تخصيص لجان مركزية ولا مركزية قائمة بذاتها لدراسة ملفات المسلمين الجدد إن صح التعبير، لاسيما أن أرقام مؤسسات الأمن الوطني أظهرت أن عملية اعتناق الإسلام لكثير من الأشخاص الأجانب مشبوهة ومرتبطة بتحايل لتنفيذ مخططات منظمات دولية غير معروفة. وما يلحظه الإنسان لوهلة أخرى أن وزارة الشؤون الدينية تحولت إلى دار للإفتاء، بعد أن تؤجّل تعيين مفتي الجمهورية الجزائرية لأكثر من مرة ولغاية اليوم، حيث بات لزاما أن تتحمل جهة رسمية هذه المهمة الثقيلة، في ظل تعدّد الفتوى وانتشار الفضائيات التي أصبحت تروّج لفتاوى تتعارض أحيانا مع ما ينص عليه المذهب المالكي الذي تعمل به كل المنطقة المغاربية ومنها الجزائر، حيث تقوم الوزارة الوصية ممثلة في مكتب الإفتاء المركزي بمقر الوزارة بالرد على تساؤلات المستفتين، وبلغت عدد الأسئلة التي تم الرد عليها عبر الهاتف لوحدها 3194 استفتاء، وما لا يقل عليها تقريبا في المجالس العلمية بالولايات ال 48 عبر الوطن. كما أن الرد الشفهي عبر الهاتف لا يكون مقنعا ووافيا عند بعض المستفتين، فيتطلب من الوزارة أن ترد كتابيا، حيث بلغ عدد الأسئلة والاستفسارات التي تم الرد عليها كتابيا أزيد عن 135 سؤال، فضلا عن الاستقبالات اليومية عند الضرورة التي تتطلب المزيد من التدقيق من طرف لجنة الإفتاء بالوزارة بمعدل 25 شخص مستفتي يوميا، وهذه كلها مؤشرات تعبر فيما تعبر أن دور مفتي الجمهورية أصبح أكثر من ضرورة للرد على انشغالات واستفسارات المواطنين في حياتهم الخاصة التي باتت تؤرقهم وتبحث عن من يجيب. وتعمل الوزارة على الاستفادة من الدور المّهم الذي بات يلعبه الإعلام في نشر ثقافة دينية وسط المواطنين والإجابة عن تساؤلاتهم، من خلال إشرافها على تقديم حصص تلفزيونية يومية وأسبوعية بالتعاون مع مؤسسات التلفزيون والإذاعة، حيث بلغ ذلك بمعدل 760 حصة إذاعية و400 حصة سنويا بالتلفزة الوطنية والإذاعية بمختلف قنواتهما، ومن أهمها إنتاج سلسلة حصص حول أعلام الجزائر، وإنتاج سلسلة حصص حول مساجد ومعالم أثرية، ناهيك عن إنتاج حصص خاصة برمضان. *الأئمة على رأس برامج التكوين والرسكلة ومواصلة للإستراتيجية الوطنية التي تنفّذها الوزارة الوصية الرامية إلى تكوين ورسكلة الأئمة بشكل دوري، من خلال تزويدهم بقائمة مختارة من الكتب والمطبوعات والمنشورات تتضمن 200 مرجعا، وضعت الوزارة أيضا خطة لتحسين وتطوير المنظومة التكوينية في القطاع من خلال دعم التكوين المتخصص، حيث يزاول قرابة 1000 طالب بالمعاهد الإسلامية لتكوين الإطارات الدينية، موزعين عبر 8 مراكز، تضم حوالي 21 طالبا أجنبيا، وقد تخرج خلال سنة 2009، 392 طالبا تعززت بهم المساجد عبر الوطن. كما تحضّر وزارة الشؤون الدينية لتقديم مشروع مرسوم تنفيذي يتضمن تحويل معهد دار الإمام إلى مدرسة وطنية للتكوين التحضيري وتحسين مستوى إطارات وموظفي القطاع، بالإضافة إلى تنظيمها لدورات تحسينية لرفع المستوى والمهارات والقدرات المهنية التي استفاد منها لغاية اليوم 2734 موظفا من القطاع، ولتسهيل عملية التكوين عبر ولايات الوطن، يتم تهيئة الهياكل التكوينية التي تحتضن المكونين، وتجلى ذلك مؤخرا في تحويل معهد التكوين ببسكرة إلى مقر وطني جديد يفي احتياجات الطلبة بشكل أفضل، حيث يتم تنظيم ندوات شهرية يؤطرها علماء وأساتذة مختصون في مجالات علمية مختلفة، والتعاون مع المنظمات الدولية والوطنية وإرسال بعثات للأزهر الشريف للتكوين القصير المدى، واستيفاء إجراءات مرافقة أئمة لإعداد الماجستير 42 طالبا، والدكتوراه 11 طالبا. *مشروع جامع الجزائر المُجسّم التّحفة ولكن.. ما نلاحظه أن مسجد الجزائر الأعظم، أو جامع الجزائر الكبير اكتسب شهرة وطنية وفي معظم الدول الإسلامية حتى قبل تجسيد مجسمه التّحفة على أرض الواقع، حيث تم فتح مناقصة دولية لإنجازه وتهيئة الأرضية بشكل مهم، ولكن لم يتم بعد مباشرة الأشغال التي تسير بخطى متثاقلة، وليس كما ينبغي تبعا للعراقيل التي تعرفها جل ورشات الجزائر، ولكن ما يتفق عليه الجميع من المعماري إلى الإمام إلى الباحث في التراث العربي والإسلامي على أن هذا المشروع سيكون قطبا مشعا في الساحة الوطنية والإسلامية ليقود النهضة العلمية في المرحلة المقبلة ونشر تعاليم الدين الإسلامي السمحة ودعم البحوث العلمية المتعلقة بدنينا الحنيف. *دار الإمام بالمحمدية قُبلة للتظاهرات القرآنية قامت وزارة الشؤون الدينية بإحياء المناسبات الدينية والوطنية بوتيرة تضاعف فيها العدد وبات يركز فيها على النوعية من خلال طرح مواضيع مهمة تشغل بال الأمة، حيث نظمت أكثر من 800 محاضرة و650 مسابقة وعرض ثقافي و20يوما دراسيا عن طريق المراكز الثقافية الإسلامية، وكذا تنظيم ملتقيات دولية ووطنية، وكانت ديار الإمام عبر الوطن المحتضن الأول لهذه التظاهرات خلال العام 2009، حيث تم تنظيم الأسبوع الوطني للقرآن الكريم في طبعته العاشرة، وتنظيم الجائزة الدولية السادسة لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، وتنظيم المسابقة النسوية الثالثة لحفظ القرآن، والمشاركة في المسابقات الدولية. وتعطي الوزارة عناية كبرى لهذا المجال من خلال الإشراف والتسيير للمدارس القرآنية المتصلة أو المنفصلة عن المساجد التي تضم حوالي 94966 ذكور و59050 إناث، وكذا من خلال الإشراف والتسيير للزوايا التي تضم 13 ألف من فئة الخارجيين من الذكور والإناث و3771 من فئة الداخليين، ويتم إعداد مشروع نظام لمدرسة قرآنية نموذجية يعمم بعدها على كل مدارس الوطن، وكذا إعداد مشروع يتضمن مراجعة منظومة التعليم القرآني.