عاد مجددا الحديث عن الأزمة الجزائرية المصرية الناجمة عن تصفيات كأس العالم 2010 لكرة القدم، والحديث هذه المرة حول »اعتذار« تعكف الاتحادية المصرية لكرة القدم على صياغته وتوجيهه للجزائر. هذا الاعتذار المحتمل ، إن تم، إنما يتم بسبب العقوبات الثقيلة المحتملة التي قد تسلطها الفيفا على مصر بسبب الاعتداء الذي تعرض له الفريق الجزائري لكرة القدم يوم 12 نوفمبر 2009 بالقاهرة. وحسب الحديث الذي عاد إلى الواجهة، فإن »اعتذار مصريا« رسميا وصريحا للجزائر قد يخفف من حجم العقوبات المحتملة على مصر، قد تصل إلى حرمانها من المشاركة في كأس العالم 2014 . ولكن المشكلة بين مصر والجزائر لا تتعلق بالاعتداء على الحافلة التي كانت تقل اللاعبين الجزائريين فقط، لأن، هذا الأمر أصبح شأنا من شؤون الفيفا، إنما المشكلة في جوهرها، تتعلق بالحملة الإعلامية التي شارك فيها الإعلاميون والفنانون والكتاب والنواب وأبناء الرئيس حسني مبارك، استهدفت الجزائر تاريخا ورموزا واستهدفت الثورة والشهداء واستهدفت النساء والرجال .. وعمدت إلى تزوير مفضوح للحقائق والوقائع والتاريخ بما يمسّ كرامة الجزائري وعزته.. وبالتالي إذا كان الاعتذار المصري المحتمل ، خوفا من عقوبة قاسية، بكل انعكاساتها على مكانة بعض الشخصيات في الساحة المصرية : سياسيا وإعلاميا ورياضيا، فإنه احتمال مسموم، يسعى إلى الضحك على أذقان الجزائريين. لكن الشعب الجزائري لا تعنيه قضية الحافلة، يعنينا الشتم والسب والإهانة والقذف المركّز عبر أزيد من 10 قنوات تلفزيونية رسمية وغير رسمية، وأحيانا في وقت واحد وبث مشترك، فهل بإمكان مصر ممثلة في الاتحادية المصرية لكرة القدم، أن تعتذر عن ذلك ؟ تعتذر مثلا نيابة عن البرلماني »مصطفى بكري الذي وصف السفير الجزائري بالكلب ؟ وعن يوسف زيدان الذي شتم الرئيس بوتفليقة وكل الجزائريين وحتى خريطة الجزائر؟ وهل تعتذر نيابة عن الراقصات والممثلات والممثلين الذين تعرضوا للجزائر والجزائريين بالسب والتجريح عبر الفضائيات وبطريقة مباشرة؟ وهل تعتذر عن الحملة التي شنها الغندور وعمرو أديب، ومصطفى عبدو، وإبراهيم حجازي وغيرهم كثير من الإعلاميين الذين لم يتركوا أي شيء في الجزائر إلا شتموه وقذفوا فيه؟«. فعلوا كل ذلك .. وكانوا في وقت سابق ، يطالبون بأن يعتذر بوتفليقة رسميا للرئيس حسني مبارك عن جرم لم يرتكبه أي جزائري ؟ وإذا كان الإعتذار المصري اليوم ضروري لتجنب عقوبة قاسية وضروري لبداية الصلح بين البلدين فإن المصريين مطالبين بالاعتذار للشعب الجزائري عن كل ما فعلوه، وإذا كان من حق روراوة أن يقبل الاعتذار عن الاعتداء على حافلة اللاعبين ويسمح في دمهم بحكم منصبه، فإنه ليس من حقه أن يقبل اعتذارا من مصر دون مستوى الجرم المقترف في حق الشعب الجزائري وشهدائه. وفضلا عن ذلك، فإن روراوة، ليس مخولا لا قانونيا ولا دستوريا ولا أخلاقيا أن يمثل الشعب الجزائري ويتصرف باسمه في هذا الموضوع، إن كرامة الجزائر يجب أن تكون أولى من العقوبة التي قد تتعرض لها مصر، أو سمير زاهر أو غيرهم.