أكد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في بيان نشر بأحد مواقع » القاعدة« على الانترنيت على ضرورة اللجوء إلى القوة من أجل استرجاع سبتة ومليلية، المدينتين المغربيتين المحتلتين من قبل اسبانيا، وهدد التنظيم الإرهابي من جهة أخرى باللجوء إلى تنفيذ عملياته داخل شبه الجزيرة الإيبيرية واستهداف المصالح الاسبانية أينما كانت، ويتزامن ذلك مع تهديدات أخرى أطلقها تنظيم مغربي للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية، وبتصاعد التوتر بين الرباطومدريد على خلفية تعرض نشطاء حقوقيين اسبان إلى القمع الوحشي بمدينة العيونالمحتلة. طالب تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي باللجوء إلى القوّة من أجل استرداد ثغري سبتة ومليلية وانتزاعهما من أيدي الإسبان المحتلّين لحيّزين ترابيين إسلاميين، ونقلت الصحيفة الاسبانية »لاَرَثُون« مقتطفات من بلاغ منسوب للتنظيم الإرهابي نشر على موقع المنتدى باسم » الصوارم«،وحامل لعنوان »شبكة التحدّي الإسلامية«، أكد على وجوب استعادة المدينتين المغربيتين من أيدي المحتل الاسباني، وجاء في بيان التنظيم: »فها هي سبتة ومليلية وبعد مرور عشرات السنين ما تزال قابعة في قبضة الاحتلال الصليبي الحاقد والذي مافتئ لا يستحي معلناً في قنواته الكاذبة أن المدينتين هما إسبانيتين متمادياً في الطغيان ومستكبراً على إعادة الحق لأمة الإسلام، ضارباً بعرض الحائط الروابط التاريخية الإسلامية والموضع الجغرافي للمدينتين الذي يربطها بمنطقة مغرب الإسلام«. ودعا تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي إلى الاستعداد من أجل تحقيق هذا » المشروع«، مضيفا بخطاب مشحون بالتحدي: »رب ضارة نافعة، إن سبتة ومليلية ستكون بعون الله منطقة استنزاف للعدو الصليبي المحتل لديارنا وسارق الأندلس ، وهي بعون الله أمل أهل الإسلام بمنطقة المغرب الإسلامي لإقامة دولة المغرب الإسلامية بعد طرد الغزاة الظالمين، ولن تسقط الثمرة هذه المرة في أيدي العملاء، بإذن الله وقوته، والواجب عليك أمتنا هو الإعداد والاستعداد إعلامياً وعسكرياً ونفسياً للمعركة ودراسة العدو جيداً ...وتيقني أمتي الغالية أن ما أخد بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، فتنكيل بالتنكيل والبأساء بالبأساء والله أشد بأساً وأشد تنكيلا، ولا يفل الحديد إلا الحديد« و حظي بيان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب بتغطية إعلامية وتحاليل مستفيضة باسبانيا، هذا في وقت أخذ الأمن الإسباني التهديد على محمل الجد، إذ يتوقع العديد من المراقبين والضالعين في القضايا الأمنية أن تضاعف مصالح الأمن والاستخبارات في اسبانيا من مجهوداتها للحيلولة دون تعرض المصالح الاسبانية إلى عمليات داخل اسبانيا وخارجها، علما أن الشبه الجزيرة الإيبيرية كانت قد تعرضت لعمليات إرهابية دامية، أهمها الاعتداء على محطة القطارات بمدريد في 11 مارس 2004 والذي نفذه 29 انتحاريا و خلف مقتل 191 شخص وعشرات الجرحى. وما يدفع إلى المزيد من الحيطة لدى الطرف الاسباني هو ما ورد في بيان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الذي توعّد بعمليات داخل المملكة الإيبيرية، وهو ما يبدو جليا من خلال المقطع الذي جاء فيه» الحق عندنا لا يسقط بالتقادم ولو مرت أزمنة مديدة وتباعدت وتغيرت الأمكنة وتقاربت، فيجب أن تعلموا علماً يقيناً أن كل شبر أخذتموه من المسلمين في هبة غفلة لن نرتاح ويقر لنا قرار حتى نسترجعه من أيديكم.. وإن تلك المجازر لن تنسى عندنا .. وإن نصيحتنا.. أن تتركوا سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وتتقهقروا إلى ما وراء الضفة لتحصين دفاعاتكم وتهيئ جنودكم لجحافل المجاهدين..« ويتزامن تهديد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب لاسبانيا مع إعلان السلطات المغربية أمس عن تفكيك خلية إسلامية مكونة من 18 شخصا من بينهم ثلاثة سبق وأدينوا في قضايا إرهابية، وقالت أنهم كانوا يخططون للقيام بعمليات تخريبية داخل المغرب وضد مصالح أجنبية، وأوضحت وزارة الداخلية المغربية في بيان تناقلته وكالة الأنباء المغربية أن أعضاء هذه الخلية كانوا يستعدون للقيام بأعمال إرهابية وتخريبية داخل الوطن وضد المصالح الأجنبية بالمغرب، ولم يضف بلاغ وزارة الداخلية تفاصيل أخرى مشيرا إلى أنه سيتم تقديم أفراد هذه الخلية إلى العدالة بعد نهاية البحث الجاري معهم، علما أن المغرب كان قد فكك نحو 60 خلية إرهابية منذ تفجيرات الدارالبيضاء في 16 ماي 2003 التي خلفت 45 قتيلا بمن فيهم 13 انتحاريا نفذوا الهجمات. ونشرت جريدة »المغربية« معلومات تفيد بأن أجهزة الاستخبارات الإسبانية تمكنت من تحصيل مجموعة من المعلومات المتعلقة بكل عضو من أعضاء ما يسمى ب » اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والثغور«، وقالت أن عمل هذه الأجهزة انصب على تحديد طبيعة العلاقة، التي تربط أعضاء اللجنة بمكونات المجتمع المدني المغربي، وكذا مستواهم ومواقعهم الاجتماعية، إضافة إلى انتماءاتهم الفكرية والسياسية، ومجالات تحركهم داخل وخارج المغرب، علما أن هذه الخلية هي التي تزعمت في الفترة الأخيرة المظاهرات التي توجهت إلى المركز الحدودي لسبتة غير بعيد عن مدينة طنجة المغربية. وتتزامن تهديدات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب مع حالة التوتر السائدة بين مدريدوالرباط على خلفية أحداث سبتة وتعرض نشطاء اسبان إلى حملة قمع غير مسبوقة بمدينة العيونالمحتلة، وهي الحملة التي أثارت غضب الطبقة السياسية والرأي العام في شبه الجزيرة الإيبيرية ودفع بحكومة ثباتيرو إلى مطالبة النظام المغربي بتقديم تفسيرات حول الذي حدث. ويواجه النظام المغربي ضغوطا متزايدة بفعل تخاذله في قضية تحرير سبتة ومليلية المحتلتين في حين يرمي بكل ثقله للتمكين لتواجده الاستعماري بالصحراء الغربية، وكانت الرباط قد جربت محاولة تصعيد الموقف مع اسبانيا في قضية جزيرة ليلى المحتلة في جويلية 2002 وكانت النهاية مذلة للمغرب الذي اضطر على سحب مجموعة من جنوده حاولوا نصب العلم المغربي على الجزيرة. وما من شك أن تهديدات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي باللجوء إلى القوة لتحرير سبتة ومليلية تخدم إلى حد ما الجانب المغربي وتسمح له بالتخلص من بعض الضغوطات الداخلية ومساومة اسبانيا والحصول على تنازلات من مدريد تحفظ له ماء الوجه أمام المغاربة الذين يواجهون حمالات إذلال حتى على أراضيهم المحتلةبسبتة ومليلية، ويمكن أن تفيد تهديدات التنظيم الإرهابي الرباط في الحصول على مساعدات عسكرية واقتصادية من اسبانيا والاتحاد الأوربي وحتى أمريكا وعلى متقدم محترم في إطار الحرب الدولية على الإرهاب، ناهيك عن المكاسب السياسية الأخرى المرتبطة بملف النزاع في الصحراء الغربية، في حين لا يستبعد أن توظف مدريد من جهتها قضية التهديدات الإرهابية لتحقيق أهداف إستراتيجية بمنطقة المغرب العربي أسوة بفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية.