اصطحب الرئيس المصري حسني مبارك ابنه جمال إلى واشنطن للمشاركة في الاجتماعات التي تسبق استئناف المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، والإجماع حاصل في مصر وخارجها على أن مبارك مصر على توريث الحكم لابنه، وقد فهم المسؤولون الأمريكيون الرسالة فقال أحدهم إن الرئيس المصري ارتكب خطأ فادحا عندما اصطحب ابنه في هذه الرحلة وهو لا يشغل أي منصب رسمي. لا يهمنا كثيرا توريث حكم مصر لآل مبارك، فهذه قضية تخص شعب مصر وحده، لكن المسألة تبدو أكثر خطورة وتعقيدا وتصبح قضية جميع العرب والمسلمين عندما تتحول القضية الفلسطينية إلى ورقة يلعبها مبارك من أجل جعل ابنه رئيسا لمصر، ففي واشنطن يحضر صناع القرار الأمريكيون والإسرائيليون، وهؤلاء هم الذين يقدرون على تقديم الدعم والحماية للنظام في مصر اليوم، وتزكيتهم للحاكم الجديد هي التي تفتح أبواب الحكم أمام جمال مبارك. اختيار هذا الحدث بالذات يحمل تعهدا من جانب مبارك بأن جمال هو الوحيد الذي يمكن أن يضمن بقاء مصر في معسكر العرب الموالين لإسرائيل، وأن هذا الذي يراد له أن يرث ملك مصر من بعد أبيه هو من سيواصل عملية تصفية القضية الفلسطينية التي بدأها حاكم مصر السابق الراحل أنور السادات، وواصلها حسني مبارك من بعده، ليتولى جمال الإجهاز على ما بقي من الشعب الفلسطيني بجدار الفولاذ وكل نما هيأه له والده من أسباب التواطؤ مع الإسرائيليين والأمريكان. لم يعد هناك من حظ لجمال مبارك في الداخل، فالمعيشة الضنكى التي يحياها المصريون في الداخل، من انقطاع الكهرباء ونقص الماء وانتشار الفساد فكان البديل هو الولوج عبر الدعم الإسرائيلي والأمريكي، والثمن هو القضية الفلسطينية، أما الانتخابات فتبقى مجرد مسرحية يمكن إخراجها بألف طريقة وطريقة كي تنتهي كما يريد لها آل مبارك. القضية الفلسطينية قضية كل العرب، هي أكبر من عرش مصر والأردن، وهي أكبر من سلطة عباس الفاسدة، وإذا أراد نظام مبارك أن يورث الحكم لجمال فعليه أن يبحث عن سبيل آخر غير بيع الدم الفلسطيني والعربي رخيصا في سوق واشنطن.