أكد عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أن أحداث 5 أكتوبر 1988 لم تكن انتفاضة ولا ثورة ولم تكن من أجل التعددية السياسية كما يدّعي البعض وإنما هناك أطراف وظفت تلك الأحداث لتضرب مصداقية جبهة التحرير الوطني والمجاهدين والجيش الوطني الشعبي، وأضاف بلخادم أن أسرار هذه الأحداث لم تكشف إلى حد الساعة، وعبّر في سياق متصل عن استغرابه من التصريحات الأخيرة للرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد حول أحداث أكتوبر. لم يتردد الأمين العام للأفلان خلال إشرافه أمس على انطلاق الندوة الجهوية التكوينية للشباب الخاصة بمحافظات الشرق، المنعقدة بعنابة، في فتح النار على الجهات التي سعت في فترات سابقة إلى ضرب جبهة التحرير الوطني بحجة أنها لم تعد صالحة وأن مكانها أصبح في المتحف، واغتنم المتحدث تزامن انعقاد الندوة مع الذكرى ال 22 لأحداث 5 أكتوبر وتصريحات الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، ليؤكد أن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه الأحداث لا تزال مجهولة، وأن هناك مناطق ظل لم يكشف بعد عنها، فيما استبعد أن يكون الهدف من تلك الأحداث هو التعددية السياسية. واستطرد بلخادم، قائلا »كثير من الناس يتساءلون عن أحداث أكتوبر ومبرراتها ودوافعها أو حتى نتائجها، وما حدث هو أن هناك قراءات مختلفة من تيار سياسي إلى آخر وداخل كل تيار سياسي تتباين الآراء بحكم المسؤوليات الموزعة وموقع كل فرد في تلك الفترة أو بعدها«. وفي هذا السياق أشار الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الشاذلي بن جديد لجريدتين يابانيتين ونشرتها إحدى الصحف الوطنية، حيث أكد أن تلك التصريحات تثير الغرابة، وتساءل إن كان ما نقل عن الشاذلي بن جديد كلاما وفيا أو هو منسوب إليه، وأضاف أن »الشاذلي كان رئيسا للجمهورية وأمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني لذلك فإن شهادته مهمة جدا حول ما حدث وعليه يجب التحقق من تلك التصريحات«. وذكر بلخادم بأن »الأفلان لا يتنكر للتعددية، لأن الجزائر عرفت التعددية قبل الثورة التحريرية« وقال »إننا ننحدر من الحركة الوطنية وبالأساس حزب الشعب وحركة الانتصار«، كما أشار إلى ظروف تلك الفترة التي دفعت بباقي التشكيلات السياسية للانصهار في جبهة التحرير بهدف تحرير الجزائر من وطأة الاستعمار الفرنسي، أما بعد الاستقلال فقد وقع الخيار من طرف القيادة السياسية على الحزب الواحد بالنظر إلى معطيات تلك المرحلة التي كانت تفرض مواجهة مخلفات الاحتلال وبالتالي، فإن الحزب الواحد كان ضرورة اختارها القادة وأقرها الشعب الجزائري عبر عديد الاستحقاقات. ومن ثم عرج الأمين العام للحديث عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي عرفتها الجزائر مع نهاية الثمانينيات، حيث أكد دستور 1976 الذي أقر عددا من الوظائف وهي الوظيفة التشريعية والتنفيذية والقضائية والسياسية التي أوكلت لجبهة التحرير جاء في ظرف سياسي واقتصادي ملائم، بينما في سنة 1986 حصلت تغييرات كثيرة وبدأ العمل بمخطط لمواجهة الندرة وإعادة هيكلة النسيج الصناعي، إلى حين تفاقم الأزمة لاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 9 دولار للبرميل، حينها استغلت أطراف كانت تستفيد من الريع هذه الأوضاع وجاءت أحداث أكتوبر. بلخادم وفي خطابه الموجه للشباب المناضل، أكد أنه »من واجب كل من عايشوا تلك الفترة أن يعملوا على كشف الحقائق المرتبطة بأحداث 5 أكتوبر 1988، واعتبر أن ما حدث ليس بالانتفاضة وليس بالثورة، كما أن الهدف لم يكن التعددية، لأن هناك أحداثا سبقت ذلك على غرار نقص الدقيق في الأسواق وكذا عملية الشحن الواسعة التي مارستها بعض الجهات التي تنكرت للأفلان لتجنيد المواطنين والخروج بهم في مظاهرات، وأرادت أن يكون هناك صدام بين الجيش والمدنيين، مستهدفة بذلك الجبهة والمجاهدين والجيش كونهم سليلي ثورة نوفمبر المجيدة وسيظلون حماة الجزائر«. وأضاف بلخادم »تلك الجهات كانت تسعى إلى أن تزول الجبهة من الأفق السياسي لأنها تذكّرها بمحاربة المحتل والانتصار عليه وأنها ما دامت موجودة فلن يعود أبدا إلى الجزائر، وعليه فالمحتل حر في تمجيد الخونة أو تمجيد الاستعمار لكن الجزائر ستبقى حرة ولا يجب أن ننسى أن الاستعمار لم يمنحنا الاستقلال، وإنما كان ثمرة سنوات من النضال راح ضحيتها مليون ونصف مليون شهيد«. وختم الأمين العام بالتأكيد أن »الأفلان باق بإرادة الشعب ولن يذهب إلى المتحف والدليل أنه لا يزال موجودا بعد 22 سنة من التعددية وهو اليوم حزب الأغلبية التي تحصل عليها بالانتخابات، كما أن الشعب نفسه حريص على أن يبقى الأفلان، في حين أن الذين دعوا إلى إيداع الأفلان في المتحف هم الذين يوجدون اليوم خارج التاريخ«.