تعامل كبار الصناعيين والشركات في ألمانيا باهتمام بالغ مع زيارة رئيس الجمهورية إلى برلين، وهو الانطباع الذي خرجت به جلسة العمل التي جمعتهم أمس بكل من وزير الطاقة والمناجم ووزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، والتزمت شركات "دايلمر" و"سيمانس" وحتى الشركات المتخصّصة في الصناعات العسكرية مثل »راينميتال« بدراسة آليات تعزيز تواجدها في الجزائر. كشف لقاء العمل الذي جرى أمس على هامش أول يوم من زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى ألمانيا، عن اهتمام كبير تُوليه العديد من المؤسسات الألمانية بالسوق الجزائرية، وليس أدلّ من ذلك أكثر من الحضور النوعي الذي شهده اللقاء المُنعقد بمقرّ فدرالية الصناعة الألمانية "بي دي إي"، حيث أطلع فيه وزير الطاقة والمناجم، يوسف يوسفي، رجال الأعمال وكبار رؤساء المؤسسات الألمانية بآفاق الشراكة التي تُوفرها بلادنا في مُختلف التخصّصات ذات الصلة بهذا القطاع. ومن جهته قال وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، محمد بن مرادي، إن الجزائر تتوفر على الكثير من الإمكانيات والفرص التي يجب استغلالها، ملتزما بتقديم التسهيلات الضرورية للاستثمارات التي تخدم الجانبين، فيما أبلغ رئيس غرفة الصناعة والتجارة الجزائرية-الألمانية، هوبرت ماينتز، نظراءه من رجال أعمال بلاده ورؤساء كبار المؤسسات بضرورة عدم التردّد في افتكاك المشاريع الهامة التي تبناها المُخطّط الخماسي للتنمية 2010-2014. وجرت خلال هذا اللقاء، الذي حظي باهتمام كبير من طرف الصحافة الألمانية المتواجدة في العاصمة برلين، مُحادثات مُوسعة بين الجانبين، وقد تكفّل كل من يوسفي وبن مرادي بالردّ على كل تساؤلات مدراء الشركات الألمانية الكبرى، من قبيل شركة »دايلمر« المتخصّصة في صناعة السيارات حيث حضر المسؤول الأوّل عنها ويتعلق الأمر بالدكتور »ديتر زيتش«، وهو الذي تم تعيينه في منصب الرئيس المدير العام للشركة في 2006، ومعلوم أن الأخيرة متخصّصة في صناعة وبيع سيارات وحافلات وحتى شاحنات من نوع »مرسيدس«، وقد حقّقت خلال 2007 فقط رقم أعمال بقيمة تزيد عن 99 مليار دولار. وكانت الصناعة العسكرية حاضرة هي الأخرى في لقاء رجال الأعمال مع الوزير بن مرادي ويوسفي، من خلال تواجد الرئيس المدير العام لشركة »راينميتال للدفاع«، كلاوس إيبرهارت، وتختصّ هذه الشركة أساسا في تصنيع التجهيزات العكسرية وكذا السيارات، وتُشغل حاليا حوالي 9300 عامل، كما تُسجّل رقم أعمال يصل 1.9 مليار أورو سنويا، ويمتد مجال اختصاصها أيضا إلى الدفاع الجوّي بالإضافة إلى خبرتها في التكوين والرسكلة. أما في قطاع الاتصالات فقد حضر المدير العام لشركة "سيمانس"، الدكتور هانس-بيتر، إلى جانب تواجد رئيس مُجمّع »تيسانكراب كزارفن« ذي الخبرة الكبيرة في ميدان صناعة التجهيزات الإلكترونية التي تمتد حتى إلى صناعة التجهيزات البحرية المتطوّرة، وهو يمتلك فرعا له في الجزائر منذ العام الماضي لكن نشاطه يقتصر فقط على دعم مؤسسات إنجاز المشاريع الصناعية المتعلقة بالبترول والغاز، فيما اكتفى فرعها الخاص بالنشاط البحري بإقامة علاقات شراكة لتصليح السفن بميناء بجاية. وكانت »إيدس دوتشلاند« من أبرز الشركات التي كانت متواجدة في جلسة عمل أمس، مُمثلة في الرئيس المدير العام، ستيفان زولر، وتُعتبر هذه الشركة الأولى عالميا في مجال البحث الفضائي والدفاع وكذا الخدمات المرتبطة بهما، مما سمح لها بتحقيق رقم أعمال فاق 42 مليار أورو. مثلما حضر المسؤول الأوّل عن مُجمّع »كار زايس«، الدكتور ديتر كارز، لتقديم تفاصيل عن هذه الشركة ذات الخبرة في مجال صناعة الألياف البصرية عالية النوعية، بالإضافة إلى حضور ممثلين عن المجموعة العالمية »دايويداغ-سيستام« المتخصّصة في التكنولجيات الحديثة للصناعة المنجمية. واتضح على امتداد جلسة العمل أن الجزائر ترغب في استقطاب مزيد من المُستثمرين الألمان، ليمتد إلى مجالات جديدة متعلقة بنقل التكنولجيات الحديثة والاستفادة من خبرة الشركات الألمانية في مختلف التخصّصات، وهي بذلك لا تُريد التوقف عند حدّ التعاون الإستراتيجي في مجال المنشآت البترولية والغاز وكذا الطاقات المتجدّدة والبيئة التي تتصدّر حاليا ملفات التعاون على نفس قدر الصناعات الكيميائية.